صحيفة عبرية: منها الأمراض النفسية والتلاعب في نسبة امتثال “الاحتياط” للتجنيد.. لهذه الأسباب يجب إنهاء الحرب

صحيفة عبرية: منها الأمراض النفسية والتلاعب في نسبة امتثال “الاحتياط” للتجنيد.. لهذه الأسباب يجب إنهاء الحرب
ميراف بطيطو
1ـ لأن رئيس الأركان قال. مرجعية عسكرية عليا قضى بأن خطوة احتلال غزة تعرض حياة المخطوفين للخطر، وحذر من أن لا معنى للدخول إلى المدينة اللعينة – المليئة بالمخربين والمتفرعة بالأنفاق – بلا خطة مرتبة مسبقاً لحكم عسكري، لأن جنودنا تعبون ومستنزفون، وأن الجبهة الغزية هي تلك الذبابة التي ينشغلون بها في وقت يلعقون بعض الجراح في جبهة وحيد القرن الإيراني، لكنهم ينتظمون استعداداً للتسليح التالي لحماس ويتدربون على اندفاع فتاك آخر نحو النووي المنشود.
2ـ لأننا دولة يهود. فالتوراة تحظر عليها التضحية من أجل الملك منذ أصبحنا شعباً في مكان ما هناك قبل خمسة آلاف سنة ونيف. كانت هذه خدمة قدمها الجيل في صالح الأب غير العارف الذي كان يرى الاحتكاك بصنم مجهول أمراً ملحاً، فيلقي ابنه في النار قياماً بواجبه الطبيعي المقدس كدرع لابنه. المخطوفون، ورجال الاحتياط والنظامي يقفون في طقوس عبادة متواصلة للدم والأرض، ولا يوجد حاخام واحد يوقف عبادة الأصنام الجماعية التي فرضت على الجمهور. لا يوجد ولو جيل واحد يتجرأ على تعليم كابنت الحرب الأبدية التوراة ويقضي بأنه جسم يعبد الأصنام ويدنس باسم الرب أهالي آخرين بتموين جارٍ.
3ـ لأن التاريخ أثبت. الحروب أمر سيئ، وكلما طالت فلن يكون الأمر أفضل. روني حن، والد ايتي، قال هذا أمس بالشكل الأفضل، شرح كيف تنمو حرب غزة ابنة السنتين، إلى حجوم حرب فيتنام ابنة العشرين. شرح لماذا تعرض هذه المراوحة العسكرية جنودنا للخطر، ودعا إلى نيكسون خاص بنا للتحرر من أوهام ستقتل المخطوفين في النهاية بعد 700 يوم من العذاب. ولا توجد أمثلة أكثر؛ لأن معظم الحروب التي حققت نتيجة واضحة في القرن الأخير كانت قصيرة نسبياً واستمرت بين شهر وسنة.
4 ـ لأننا لسنا جاهزين. ليست هذه هي الأعداد الصحيحة لعدد المستجيبين لدعوة الخدمة، بل الجيش الإسرائيلي ينشغل بهم حتى لا نلاحظ حجوم رفض تتسلل بصمت إلى مكتب رئيس شعبة القوى البشرية. في أحلام سموتريتش وإن وجد جنود كاملو الأوصاف، فهم لا يصلون إلا للحظة التي يفوز فيها بنيل التضحية بالنفس على مذبح الوطن، لكنهم في الواقع ولسبب ما، يفضلون -بعد ثلاث جولات من خدمة الاحتياط سابقاً- الخيار الغريب، وهو البقاء في البيت مع الأولاد. الأقوال التي تتكرر من قادة ومقاتلين في منظومة الاحتياط والذين يطلعون على المعطيات وسياقات التجنيد منذ “عربات جدعون”، تطرح ادعاءات بالتلاعب في نسب الامتثال وتجاهل الإنهاك الذي يعيشه أولئك المتجندون.
5ـ لأن حراس العتبة ضعفوا جميعاً. بدءاً من المستشارة القانونية التي تدير معركة أخيرة أمام عصابة سالبي الديمقراطية، وقضاة “عليا” تعبوا من معركة التفاني مع ممثلي السلطة التنفيذية ويصلون لأن يسقط أحد ما الكرة، وهذا رئيس الأركان يقف كأنه يضع إصبعاً في سد ويصرخ للتغيير، ورئيس “شاباك” استقال وتحمل مسؤولية كي يأخذ رئيس الوزراء بعد وقت قصير لنفسه ولأبناء عائلته ليقرروا من هو جدير بخدمة المملكة، أما وزير دفاع ذو الموقف المتبلور فقد استبدل به وزير دفاع ذو فكر يائس، وهذا مراقب دولة يسد الطريق بجسده أمام لجنة تحقيق رسمية… لأنه في الوقت الذي تضج فيه المدافع يمكن سحق حراس العتبة بلا عراقيل.
6 ـ لأن وزارة الصحة قضت، بل ونشرت أمس بحثاً جديداً يقضي بأن واحداً من كل ثلاثة إسرائيليين يعرف أنه في خطر معاناة القلق أو الاكتئاب عقب الحرب، وأنه ارتفاع بضعفين بالنسبة للفترة ما قبل 7 أكتوبر. ما لم توفر الحكومة خدمات مناسبة للصحة النفسية، وظلت المنظومة في حالة انهيار، فمن الصعب أن نتوقع من الناس أن يعيدوا تأهيل أنفسهم.
7ـ لأن هذا يضرب جيوبنا واقتصادنا؛ فلا تأتون بنماذج من عالم التكنولوجيا والصناعات الأمنية. فنحن أكثر ذكاء من هذا. غلاء المعيشة بلغ مرحلة ضائعة يمول فيها مالنا القذائف أكثر من أي وقت مضى، وميزانية الوزارات السنوية التي لا تزرع الدمار والخراب في غزة، اقتطعت مراراً، والهبوط في بورصة تل أبيب يحتدم لأننا قد ندخل إلى غزة ولا نعرف ما سيحصل الأسبوع القادم، وتصنيفنا الائتماني العالمي شهد أياماً أجمل بكثير. هذا ثمن اقتصادي عال لرجال الاحتياط الذين هم أصحاب مصالح تجارية صغيرة أو كبيرة أو أجيرون انتزعوا من سجل العاملين طوال أشهر ثم يدفعون هذا الثمن إضافة إلى ما يدفعونه بثمن شخصي.
8 ـ لأن هذا يبقينا معزولين في العالم. دعكم من المدن التي أعلنت عن التأييد لدولة فلسطينية. فهذه لن تقوم في الزمن القريب. لكن انظروا إلى مقت الدول الغربية لنا. النادي الذي نموت كي نكون أعضاء فيه لم يعد يريدنا، رؤساء دول يتنكرون، بكياسة دبلوماسية، لوعود قطعوها لنا في بداية الحرب ويتجاهلون في أحيان قريبة جداً اللاسامية العنيفة التي تعربد في شوارعهم. جميل أن أعضاء الحكومة يرتبطون بـ “شعب يسكن وحده، ولا تهتم بالأغيار”، لكن كما يبدو في هذه اللحظة، فالأغيار هم الذين يقولون الكلمة الأخيرة.
9ـ لأننا نفقد الإيمان بالإنسان، بالشعب، بالطريق المشترك، بالوحدة المدنية، بقدرتنا على إعادة التأهيل في السنوات القادمة. ما دامت الحرب مستمرة مع خيار لا نهائي للتمديد، ستقل المقدرات التي ستخصص لإشفاء الجرح الوطني. لا شيء كنا نريد أن نعيده لأنفسنا أكثر من الإيمان بمجيء اليوم الذي ينتهي فيه هذا الكابوس، ونعيد المخطوفين في صفقة شاملة مقابل إنهاء الحرب، ويعود جنودنا إلى الديار بسلام.
يديعوت أحرونوت 3/9/2025