مقالات
في بناء الإنسان العربي الأخلاق اوّلاً بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين حسن الدياب استاذ جامعي -دمشق –
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين حسن الدياب استاذ جامعي -دمشق -

في بناء الإنسان العربي الأخلاق اوّلاً
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين حسن الدياب استاذ جامعي -دمشق –
في حال أمتنا العربية،يكون واجب بناء الإنسان العربي،مهمة وطنية وقوميه ملحة،ولاتقبل التأجيل.وإذ تكون مهمة بناء الإنسان العربي بهذا المستوى،الذي يجعل منها قضية مصيرية،فإن هذا يعني أنها مالكة لمسوغاتها،القومية،واستحقاقاتها المنهجية،وفي هذه المسوغات والاستحقاقات،نعثر على أسباب موضوعيةوذاتية.
إذن،الدعوة لبناء الإنسان تستحق أن يكون لها علماً،يطلق عليه علم الإنسان العربي،وهذا العلم نجد له مكانته وأولويته،في صميم التحديات التي تواجه الأمة العربية،وفي هذه التحديات يتلاقى المحدد الموضًوعي، تفرضها طبيعة التحديات،التي نجدها، ونعيها كما أسلفنا في معركة المصير العربي الواحد.ومن هذه التحديات التي نراها ونلمسها في واقعنا العربي المعاصر،مثل التجزئة والفقر والجهل،وحالة الضعف التي يمر بها تنوعنا الثقافي،مثل ثقافة اليأس والانقسام،وثقافة التطبيع والاستسلام لثقافة التبعية لقيم وأعراف الإلحاد والمثلية واستباحة المثل العليا الخاصة بالًولاء للدين والعروبة والمساواة
بين مكونات المجتمع العربي الثقافية،وعدم الشعور بالمسؤولية،وتكوين الإنسان الغرائزي،الذي يدوس القيم والأعراف الرئيسة للشخصية العربية،تحت ذريعة التقدم والحرية،و…إلخ.
وإذا عدنا إلى وجه العلاقة بين الإنسان وثقافته،ومن أنً الثقافة مكونة لشخصيّته وسلوكه الاجتماعي،ومحددة للمعالم الرئيسة لشخصيّته الاجتماعية،فنرى ان هذه الثقافة مستهدفة بقيمها وأخلاقها الأصيلة من الداخل والخارج ،والتي تلتقي حول مهمة تخريب الإنسان العربي بالفساد الذي طال الكثير من مناحي الحياة العربية والأطروحات الطائفية،وتعزيها بالولاءات والانتماءات المشحونة بثقافة القوى المضادة، التي تجهز نفسها لاختراق الثقافة العربية بقيم مصنعة،لتجد لها مواضعها في النسق الثقافي العربي الرئيس،وأنساقه الفرعية،ومن ثم لتكون حاضرة في الشخصية العربية،وفي سلوكهاالاجتماعي.على سبيل المثال هل نجد تبعات ذلك في الشخصية العربية الخليجية التي لم تبد الاحتجاجات المطلوبة عنما أقدمت نظمها السياسية للتطبيع مع الكيان الصهيوني،وهذه الحيادية اللامسؤلة التي نلمسها بوضوح تجاه مايجري في غزّة،من قبل الوحشية الصهيونية،من جهة وماتقدمه أنظمة التطبيع للكيان الصهيوني.
من هذه الحالة،حالة الشخصية العربية الخليجية،وما تبديه من شعور باللامسوولية نسأل من واقع كيف كانت الشخصية العربية الخليجية في عقد الخمسينات والستينات من الألفية
الثانية بنضالها وثوراتها من حضرموت إلى ظفار،وكيف أصبحت الآن.
إذن من هذه الحالة نشعر بالدعوة الملحة لبناء الإنسان العربي بناء حديداً،بناء نجده في جيل عربي جديد،تكونه ثقافة عربية أصيلة مسكونة بقيم البطولة والفداء،وتستعيد عهد البطولة الذي وحدناه في جيش الإنقاذ والمقاومة اللبنانية،وفي بطولات
عمال الموانئ العربية،يوم امتنعواعن خدمة البواخر الغربية المعتدية على مصر العربية.
وهذه الاستجابات التي نوهنا عنها،تخوّلنا منهجياً أنً ناتي إلى مسوغات موضوعية وذاتية تاريخيّة،تبدأها في الدعوة لبناء الإنسان العربي،وأولها الأخلاق العربية،الذي تمثل في أنموذجها الأول،يوم خاطب رسولنا العربي،محمد(ص) أمته انطلاقاً من أرض مكة:”جئت لأتمم مكارم الأخلاق.ويوم انطلق شعراء العروبة دعاة لبناء الإنسان العربي بناء جديداً وأولويتها بناء أخلاقه :إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ،إلى
ذلك الذي استطلع سيرورة الأخلاق العربية،بقوله:”إنًما الأخلاق مابقيت فإن هموا …إلخ .
ونعود لشرعية الدعوة لبناء الإنسان العربي بناء أخلاقياً،أي الأخلاق أوّلاً،وربطنا هذه الشرعية بمعركة المصير العربي ،فسنجد أنموذجها القومي في بطولات الشعب العربي الغزاوي،وسنجد أنّ هذا البناء يعد من أولويات معركة المصير العربي،حتى تصل أمتنا إلى وحدتها العربية،بشخصية عربية مؤهلة لممارسة دورها الحضاري ورسالتها الخالدة،فهل لهذه الدعوة قبولها والاستجابة لها في التيار القومي العربي.
د-عزالدين حسن الدياب