التعليم وحقوق المعلمين: رسالة صمود ومسؤولية وطنية مشتركة

التعليم وحقوق المعلمين: رسالة صمود ومسؤولية وطنية مشتركة
التعليم ركيزة البقاء والصمود
بقلم رئيس التحرير
يعيش الشعب الفلسطيني مرحلة عصيبة، حيث الضائقة المالية وتراجع القدرة الاقتصادية والاجتماعية أرهقت مختلف فئات المجتمع، وفي مقدمتها المعلمون والمعلمات والموظفون العموميون. ورغم هذا الواقع القاسي، فإن التعليم يبقى واجبًا وطنيًا وأولوية لا يمكن التنازل عنها، لأنه السلاح الأقوى في مواجهة الاحتلال وسياساته الرامية إلى طمس الهوية الفلسطينية وتفكيك المجتمع.
لقد أثبت التاريخ أن الاستثمار في التعليم هو الذي حمى الأجيال بعد نكبة عام 1948، حيث خرج جيل متعلم صمد، وحافظ على الذاكرة الوطنية، وكان عنوانًا لمفخرة الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده. واليوم، لا بد من تجديد هذا العهد عبر الإصرار على استمرار العملية التعليمية، مهما بلغت التحديات.
المعلمون… حماة الوطن وسياج الوعي
المعلمون والمعلمات هم العمود الفقري للعملية التربوية، وجهادهم اليوم في ساحات التعليم لا يقل شأنًا عن أي فعل وطني مقاوم. إنهم حماة الوطن وسياجه الحامي، ومربّو الأجيال الذين يصنعون وعي الطالب، ويحصّنونه بالعلم والمعرفة والقيم الوطنية. إن صمودهم في مواجهة الإجحاف المادي، واستمرارهم في أداء رسالتهم رغم الظروف الصعبة، هو فعل تضحية من أجل الوطن كله، ويستوجب الاحترام والتقدير والدعم الملموس من جميع مكونات المجتمع الفلسطيني.
واجب التضامن والتكافل المجتمعي
إن مسؤولية استمرار التعليم ليست مسؤولية وزارة التربية والتعليم أو المعلمين وحدهم، بل هي واجب وطني جماعي. ومن هنا تبرز الحاجة إلى تكاتف كل مؤسسات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والأطر النقابية، والهيئات الرسمية والأهلية، في مبادرة تضامنية لحماية العملية التعليمية من الانهيار.
ويأتي هنا دور القطاع المصرفي الفلسطيني الذي يقع على عاتقه واجب وطني وأخلاقي يتجاوز حسابات الربح والخسارة. فالمطلوب أن تبادر البنوك إلى إنشاء صندوق وطني لدعم الطلبة المحتاجين تحت إشرافها المباشر، وأن تخصص 2% من صافي أرباحها السنوية لهذا الغرض، بما يضمن أن لا يُحرم أي طالب أو طالبة من حقه في التعليم بسبب الضائقة الاقتصادية. إن هذه المبادرة ستعكس حسًا وطنيًا عاليًا، وستجسد الدور المجتمعي للبنوك في دعم الصمود الفلسطيني.
نحو عقد اجتماعي جديد للتعليم
إن الدعوة إلى استمرار العملية التعليمية رغم الأزمات، هي في جوهرها دعوة إلى عقد اجتماعي جديد يؤكد أن التعليم ليس رفاهية بل حق أساسي وركيزة وطنية. وعلى الحكومة أن تسعى لإيجاد حلول خلاقة لضمان الحد الأدنى من الحقوق للمعلمين والموظفين، وعلى المجتمع بمختلف قطاعاته أن يتحمل مسؤوليته في حماية المدرسة الفلسطينية باعتبارها مؤسسة سيادية، لا تقل أهمية عن أي مؤسسة وطنية أخرى.
خاتمة
إن انطلاق العام الدراسي الجديد في ظل هذا الواقع الصعب هو فعل وطني بامتياز، ورسالة أمل وصمود يتشاركها المعلمون والطلبة والأهالي معًا. ومعادلة البقاء تتطلب أن نتكاتف جميعًا – حكومةً وشعبًا وقطاعًا خاصًا – من أجل دعم التعليم وحماية المعلمين ورعاية الطلبة المحتاجين. فالتعليم هو جسر عبورنا نحو الحرية والاستقلال، وهو سلاحنا الأقوى في معركة الصمود والبقاء.