8 مراهقين جزائريين يصلون السواحل الإسبانية بعد سرقة قارب.. والجدل يعود حول ظاهرة الهجرة غير النظامية- (فيديو)

8 مراهقين جزائريين يصلون السواحل الإسبانية بعد سرقة قارب.. والجدل يعود حول ظاهرة الهجرة غير النظامية- (فيديو)
في قصة أغرب من الخيال، تمكن 8 مراهقين جزائريين من الوصول إلى جزيرة إيبيزا الإسبانية انطلاقا من ميناء تامنفوست في الجزائر العاصمة، بعدما أقدموا على سرقة قارب صغير من الميناء.
وأصيب الكثير من الجزائريين بالذهول، بعد أن كشف الناشط الإسباني فرانشيسكو خوسي كليمنتي عن وصول هؤلاء الأطفال إلى سواحل جزر البليار، ونشر صورا للقارب الذي ركبوه ومعلومات عن تفاصيل الرحلة، مؤكدا أن أصغرهم لا يتعدى الرابعة عشرة من عمره وأكبرهم في حدود السابعة عشرة.
لاحقا، تأكد الخبر بعد أن بادر هؤلاء الشباب بنشر مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يوثقون فيها لحظة مغادرتهم البحر باتجاه إسبانيا، ثم وصولهم إلى إيبيزا. التسجيلات أظهرتهم وهم يرددون أغاني ملاعب مشهورة في العاصمة الجزائرية، تحمل رسائل احتجاجية على الظروف الاجتماعية والاقتصادية وتصور الهجرة كخيار بديل عن واقعهم.
🔴سبحان الله الكل يهرب من السجن العسكري الكبير، الجميع يهرب من جحيم حكم الجنرالات الخونة العملاء المجرمين…
8 أطفال "قصر" من لابيروز الجزائر العاصمة يقدمون على سرقة قارب 85 حصان من صاحبه ويصلون إلى الأراضي الاسبانية دون مرشد.. 🇪🇦
الحمدلله وصلوا كامل بخير.#الجزائر #مانيش_ساكت pic.twitter.com/YuAoJEqeMv— الحراك أمل الشعب الجزائري (@FEweZ9x1XJWkz3z) September 6, 2025
وقد صرح أحدهم في مقطع مصور قائلا: “ذهبنا بتطبيق يرشدنا كم بقي لنا في الطريق حتى وجدنا أنفسنا في إيبيزا. كنا نملأ البنزين بدراجاتنا النارية. انطلقنا من لابيروز (تسمية منطقة تامنفوست). المحرك تعطل 5 مرات لكننا كنا ننجح في إصلاحه”. وأضاف: “ما أخرجنا من البلاد هو الميزيرية”، وهي عبارة شعبية تعني ضيق العيش.
لكن هذا الكلام الذي يبدو أكبر من أطفال يفترض أنهم لازالوا في المدرسة، دفع بالبعض للقول بأن هناك أسبابا أخرى باتت تعبث بعقول المراهقين وتدفعهم للمخاطرة بحياتهم لإشباع رغبة الاكتشاف والمغامرة.
🔴سبحان الله كل يهرب من جحيم السجن العسكري الكبير يقول الحمد لله
وصول الأطفال 8 إلى الأراضي الاسبانية .. 🇪🇦#مانيش_ساكت#مانيش_راضي #يتنحاو_قاع#الحرية_لجميع_معتقلي_الرأي #الجزائر #Algerie pic.twitter.com/a4oEyiJ1Wn— الحراك أمل الشعب الجزائري (@FEweZ9x1XJWkz3z) September 6, 2025
وفي السياق، كتب الناشط مصطفى بونيف، أنه يعرف هؤلاء الشباب وهم حسبه “أبناء الحي”، وأنهم ما زالوا تلاميذ في المرحلة الثانوية، لا يعرفون شيئا عن السياسة أو الاقتصاد، وإنما انجروا وراء موجة المحتويات المنتشرة على “تيك توك”، حيث يتعمد بعض المؤثرين، حسبه، “تمجيد بطولات الحراقة في البحر، ومصارعة الأمواج، ثم مغامراتهم مع الشقروات في أوروبا”. وأضاف أن المنصة أصبحت أصل كل البلايا والمصائب.
وفي التعليقات التي غصت بها مواقع التواصل، هناك من اعتبر أن هؤلاء الأطفال ارتكبوا فعلا مشينا بسرقتهم القارب ومخاطرتهم بحياتهم، لكنهم في النهاية لم يفعلوا ذلك إلا لأنهم شعروا أن المستقبل سيسرق منهم، حسب ما كتب أحدهم. ورأى آخرون أن القضية أكبر من مجرد نزوة مرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي، بل تعكس أزمة اجتماعية واقتصادية عميقة تدفع الشباب إلى البحث عن حياة أفضل مهما كانت المخاطر.
وفي خضم هذا النقاش، نشر الصحافي محمد علواش تدوينة كتب فيها: “عندما يصبح الهروب من الوطن مجرد لعبة أطفال، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل”، فيما توجه آخرون لطرح السؤال على المسؤولين حول ظاهرة الهجرة غير النظامية، خاصة في ظل التقارير التي تشير إلى ارتفاع الأعداد في الفترة الأخيرة وتنوع المهاجرين غير النظاميين لفئات غير معهودة مثل النساء وحتى الأطفال.
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أشار في كلمته قبل 3 أيام خلال افتتاح معرض التجارة البينية الإفريقية إلى ظاهرة الهجرة غير النظامية في إفريقيا، مؤكدا أن “من أراد وقف الهجرة المسماة غير شرعية، فعليه أن يساعد في الاستثمار وخلق فرص عمل لشباب إفريقيا من أجل إصلاح الأوضاع الراهنة التي تعكس إجحاف العالم في حق القارة”.
وتعد ظاهرة الهجرة غير النظامية من أبرز المعضلات التي تواجهها السلطات، فالجزائر التي لا تزال دولة عبور بالنسبة للكثير من الجنسيات الإفريقية والعربية، تحولت أيضا إلى منطقة استقرار للكثير من المهاجرين غير النظاميين، خاصة الأفارقة منهم. أما إسبانيا، فتواجه تدفقا كبيرا عبر ما يعرف بالطريق الجزائري، سواء لمهاجرين جزائريين أو أجانب يمرون عبر الجزائر.
وفي تقريرها الأخير، ذكرت المنظمة غير الحكومية الإسبانية “كامنندو فرونتيراس”، أن الطريق البحري الذي يربط بين الجزائر والسواحل الإسبانية الشرقية، الممتد من ألميريا إلى فالنسيا، مرورًا بأليكانتي وحتى جزر البليار، شهد لوحده وفاة 517 شخصًا عام 2024، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 19% مقارنة بالعام السابق.
وأوضح التقرير في هذا السياق، أن الطريق الجزائري أصبح ثاني أكثر الطرق خطورة بعد الطريق الأطلسي المؤدي إلى جزر الكناري، والذي شهد وفاة 9,757 شخصًا. وذكر أن 40% من المهاجرين الذين يعبرون هذا الطريق يأتون الآن من مناطق أخرى، مثل منطقة الساحل الإفريقي، إفريقيا الغربية، إفريقيا الشرقية، وآسيا، بما في ذلك سوريا وفلسطين واليمن.
لندن- “القدس العربي”: