تحقيقات وتقارير

القاهرة وتل أبيب… التلويح بوقف صفقة الغاز كمحاولة لتمرير مخطط التهجير

القاهرة وتل أبيب… التلويح بوقف صفقة الغاز كمحاولة لتمرير مخطط التهجير

تامر هنداوي

القاهرةـ في مرحلة جديدة من تصاعد التوتر في العلاقات المصرية الإسرائيلية على خلفية العدوان على قطاع غزة ورفض مصر مخطط تهجير الفلسطينيين، صعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من لهجته ضد مصر، مرة بحديثه عن غلق مصر معبر رفح أمام حق الفلسطينيين في الخروج الطوعي من غزة، ومرة بتلويحه بوقف اتفاق الغاز الضخم.

وتصريحات نتنياهو التي نقلتها عنه وسائل إعلام عبرية، أكد فيها أنه يبحث مع وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، ما إذا كان ينبغي المضي في الاتفاق، وكيفية القيام بذلك، قبل أن يتخذ قرارا نهائيا بهذا الشأن.
وكان نتنياهو زعم في مقابلة مع قناة «أبو علي إكسبرس» (العبرية) على منصة تلغرام، أن «هناك خططا مختلفة لكيفية إعادة إعمار غزة، لكن نصف السكان يريدون الخروج من غزة»، مدعيا أن «هذا ليس طردا جماعيا». ومضى في مزاعمه: «أستطيع أن أفتح لهم معبر رفح، لكن سيتم إغلاقه فورا من مصر»، مدعيا أن «الحق في الخروج من غزة هو حق أساسي لكل فلسطيني».
وأكمل: «أنا و(الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب متفقان تقريبا على كل شيء، بل أقول على كل شيء»، بدون تفاصيل أكثر، غير أن ترامب يدعم بشدة خطط نتنياهو لتهجير الفلسطينيين وأعطاه الضوء الأخضر للقيام بذلك.
وأكدت مصر، الجمعة، أنها لن تكون أبدا شريكا في تصفية القضية الفلسطينية أو أن تصبح بوابة التهجير، وأن هذا الأمر يظل خطا أحمر غير قابل للتغيير.
وأعربت في بيان صادر عن وزارة خارجيتها عن بالغ استهجانها للتصريحات المنسوبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم بما في ذلك عبر معبر رفح». وجددت تأكيدها على إدانة ورفض تهجير الشعب الفلسطيني تحت أي مسمى، قسريا أو طوعيا، من أرضه من خلال استمرار استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية ومناحي الحياة المختلفة لإجبار الفلسطينيين على المغادرة.
وأكدت الخارجية المصرية أن تلك الممارسات تعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني وترقى لجرائم التطهير العرقي، مناشدةً المجتمع الدولي بـ«تفعيل آليات المحاسبة على تلك الجرائم المعلنة».
وقالت: «تعيد مصر التأكيد على أنها لن تكون أبدا شريكا في هذا الظلم من خلال تصفية القضية الفلسطينية أو أن تصبح بوابة التهجير، وأن هذا الأمر يظل خطاً أحمر غير قابل للتغير».
وطالبت الخارجية في هذا الصدد بمواجهة حالة الفوضى التي تسعى إسرائيل لتكريسها في المنطقة، ووقف إطلاق النار في غزة، وانسحاب إسرائيل من القطاع.
كما طالبت بتوفير الدعم الدولي لتمكين السلطة الفلسطينية الشرعية من العودة لغزة بما في ذلك على المعابر وإعادة تشغيل الأخيرة وفقاً للاتفاقات الدولية في هذا الصدد، بما في ذلك معبر رفح من الجانب الفلسطيني الذي يحكمه اتفاق الحركة والنفاذ لعام 2005.
وقال الإعلامي مصطفى بكري إن احتمالات اشتعال المنطقة تتزايد يوميًا، مؤكدًا أن إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة يواصلان تنفيذ خطة تهجير الفلسطينيين وصولًا إلى ما يسمى بـ «إسرائيل الكبرى»، مشيرًا إلى أن هذه ليست توقعات أو تكهنات، بل استراتيجية تُنفذ على أرض الواقع.
وأضاف بكري، في برنامجه «حقائق وأسرار» على قناة «صدى البلد»: نتنياهو أكد أنه يملك خططًا لإعادة تأهيل غزة، وأن نصف سكانها يريدون مغادرتها، ومغادرة غزة حق أساسي لكل فلسطيني، مستهجنا تصريحات نتنياهو بأنه مستعد لفتح معبر رفح للفلسطينيين، ومصر ستغلقه فورًا. وتناول بكري رد وزارة الخارجية المصرية على تصريحات نتنياهو، وشدد على أن موقف مصر من التهجير هذا خط أحمر غير قابل للتغيير، وإلا ستدفع إسرائيل ثمنا غاليا.
وتابع: بيان وزارة الخارجية شدد على عدة مطالب واضحة، منها مواجهة حالة الفوضى التي تحاول إسرائيل تكريسها، ووقف إطلاق النار في غزة، وانسحاب إسرائيل من القطاع، وتوفير الدعم الدولي لتمكين السلطة الفلسطينية الشرعية من العودة لغزة، وإعادة تشغيل المعابر وفق الاتفاقات الدولية، بما فيها معبر رفح وفق اتفاقية العبور والنفاذ لعام 2005.
إلى ذلك أعلن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي عن رفضه القاطع واستنكاره الشديد للتصريحات الأخيرة لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن ما وصفه بالاختيار الحر للفلسطينيين في مغادرة القطاع عبر معبر رفح، مشددا على أن هذه التصريحات ليست إلا محاولة سافرة لتبرير التهجير القسري والتطهير العرقي، وهي جريمة حرب مكتملة الأركان لن تسقط بالتقادم.
واستنكر الحزب الإجراءات الإجرامية الجديدة التي أعلنتها حكومة الاحتلال، المتعلقة بإغلاق مدينة بيت لحم بالكامل وبدء خطوات ضم قرية الولجة إداريًا إلى بلدية القدس اعتبارًا من يوم 9 أيلول/سبتمبر المقبل ما يعني فعليًا هدم عشرات المنازل وتشريد مئات العائلات وإجبارهم على قبول أوراق هوية إسرائيلية في محاولة بائسة لطمس هويتهم الفلسطينية واقتلاعهم من جذورهم.
وشدد الحزب على أن معبر رفح لن يكون أبدًا بوابة للتهجير أو منصة لشرعنة الاحتلال، وأن مصر وشعبها بمختلف مكوناته يرفضون رفضًا مطلقًا أي مساس بالسيادة الوطنية المصرية أو محاولة تحميلها تبعات الاحتلال وعدوانه المستمر على غزة، كما أن ما يجري في الولجة وبيت لحم وغزة هو قضية محورية لمصر ولكل ضمير إنساني حي.
وكان تلويح نتنياهو بوقف اتفاق تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر، جاء بعد أقل من شهر من إعلان صفقة لتزريد الغاز إلى مصر بقيمة 35 مليار دولار تمتد لعام 2040.
وأعلنت شركة نيوميد إنيرجي أحد شركاء حقل ليفياثان الإسرائيلي أن الحقل وقع صفقة تصل قيمتها إلى 35 مليار دولار لتوريد الغاز الطبيعي إلى مصر حتى عام 2040.
وقالت الشركة إن من المقرر أن يبيع حقل ليفياثان الواقع قبالة سواحل إسرائيل على البحر المتوسط، الذي تبلغ احتياطياته نحو 600 مليار متر مكعب، نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصر حتى عام 2040 أو حتى استيفاء جميع الكميات المتعاقد عليها. ولفتت إلى أن الحقل زود مصر بالفعل بنحو 23.5 مليار متر مكعب من الغاز منذ عام 2020.
وتعرِّف الشركة نفسها باعتبارها الشراكة الرائدة في مجال الطاقة في إسرائيل في مجال استكشاف وتطوير وإنتاج وبيع الغاز الطبيعي والمكثفات، وأنها صنعت التاريخ باتفاقياتها غير المسبوقة مع مصر والأردن والإمارات، التي عززت السلام وزادت الاستقرار في الشرق الأوسط.
وبدأ حقل ليفياثان في إمداد مصر بالغاز بعد وقت قصير من بدء الإنتاج في عام 2020، إذ وقَّعت صفقة أولية في عام 2019 لنحو 60 مليار متر مكعب، ومن المتوقع أن يتم توريدها بالكامل بحلول أوائل العقد الثالث من القرن الحالي.
وفي أول رد فعل رسمي على نية نتنياهو بشأن اتفاقية الغاز، قال ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات، إن هذه التصريحات لا تعدو كونها استفزازًا سياسيًا.
وأضاف: «أنصح نتنياهو، إذا كان يملك الجرأة، أن يلغي اتفاقية الغاز مع مصر، لكن عليه أن يدرك أن الخسارة ستكون اقتصادية قبل أن تكون سياسية، في حين لن تتأثر مصر لأنها تمتلك بدائل للتعامل مع أي سيناريو محتمل».
وتابع: مصر لا تحب الحرب لكنها جاهزة لها، إسرائيل لا ترى ولا تعرف في المنطقة من جيوش يمكن أن تدير حربًا نظامية مباشرة إلا الجيش المصري.
ولفت إلى أنه إذا حشدت تل أبيب 5 فرق لمحاولة السيطرة على قطاع غزة الذي تبلغ مساحته 356 كم، فماذا ستفعل في مواجهة جيوش نظامية حقيقية في المنطقة؟
وبين رشوان أن مساحة فلسطين التاريخية 27 ألف كيلومتر مربع، فيما تبلغ مساحة سيناء وحدها 66 ألفًا، مشيرًا إلى أن الجغرافيا تحكم أشياء كثيرة، والقدرة على تحمل الخسائر تحكم القرار.
وتابع أن المسافة بين العريش وتل أبيب تقدر بـ100 كم، والمسافة بين إيلات والحدود المصرية 200 متر، فيما يبلغ طول الحدود المصرية الإسرائيلية 240 كم، منها 14 كم مع غزة.
عن مزاعم نتنياهو بشأن تهريب رهائن وأسلحة عبر أنفاق غزة إلى مصر، بين رشوان أن هذه الادعاءات كانت ذريعة لإصرار الاحتلال على السيطرة على ممر فيلادلفيا وإنشاء ما يسمى بـ«ممر موراغ».
وأشار رئيس هيئة الاستعلامات إلى أن نتنياهو يشعر بتهديد مباشر من الدور المصري، ويرى في القاهرة خط الدفاع الأول ضد مخططات التهجير الفلسطينيين.
وفي أيار/مايو 2024، سيطر الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح جنوب قطاع غزة، وأوقف دخول المساعدات وحركة خروج المرضى والجرحى للعلاج في الخارج، ما فاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع.

»القدس العربي»:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب