تحقيقات وتقارير

لقاء سوري – إسرائيلي جديد: محاولة أخيرة قبل «عَراضة نيويورك»

لقاء سوري – إسرائيلي جديد: محاولة أخيرة قبل «عَراضة نيويورك»

يسعى اللقاء السوري – الإسرائيلي برعاية أميركية – فرنسية إلى فرض اتفاق أمني يخدم التطبيع فيما تكثّف تل أبيب اعتداءاتها ومساعيها لتفتيت سوريا.

عامر علي

أُعلن، أول من أمس، عن لقاء جديد يجمع وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية، أسعد الشيباني، ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، في إطار الدفع الأميركي – الفرنسي لتطبيع العلاقات بين دمشق وتل أبيب، أو على أقلّ تقدير الوصول إلى اتفاقية أمنيّة تمهّد الأرض لخطوات تطبيعية لاحقة. الاجتماع الذي كشفت عنه «هيئة البث الإسرائيلية»، والمُزمع عقده هذا الأسبوع، هو الثالث من نوعه بين الطرفين، بعد أن استضافت باريس لقاءين سابقين بحضور المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس برّاك، الذي يحاول تقديم الدعم للسلطات الانتقالية في سوريا، بعد احتضان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إياها على خلفية وساطة سعودية.

ويأتي هذا اللقاء بالتزامن مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، سواء عبر القصف المتقطّع أو التوغلات العسكرية، علماً أن إسرائيل كانت سيطرت على مساحات واسعة من الجنوب السوري، بينها قمة «جبل الشيخ» الاستراتيجية، ومنابع المياه العذبة جنوبي البلاد. كما يأتي في وقت تستمر فيه إسرائيل في تقديم الدعم للإدارة الذاتية الجديدة في السويداء، وسط تنامي الدعوات في المحافظة إلى الانفصال عن سوريا، الأمر الذي يتوافق مع المساعي الإسرائيلية لتفتيت البلاد وتحويلها إلى دويلات صغيرة، خصوصاً في ظل وجود «إدارة ذاتية» كردية شمال شرقي سوريا، ومحاولات لإنشاء تجمعات وتكتلات سياسية علوية هدفها إقامة إقليم علوي وسط البلاد وغربها.

على أن اللقاءين السابقين لم يخرجا بأي تفاهم حقيقي بين الشيباني وديرمر، على الرغم من محاولات السلطات الانتقالية الدفع نحو توقيع اتفاقية معدّلة تعتمد بشكل أساسي على اتفاقية «فضّ الاشتباك» الموقّعة بين سوريا وإسرائيل عام 1974، بعد حرب تشرين عام 1973، وما تبعها من حرب استنزاف، إذ تصرّ إسرائيل على تكريس واقع جديد في الجنوب السوري، عبر إقامة منطقة منزوعة السلاح، وتطوير الإدارة الذاتية الساعية للانفصال في السويداء.

اللقاء الجديد قد يساهم في وضع أرضية تفضي إلى توقيع مبادئ أساسية لاتفاقية أمنية معدّلة

ويأتي اللقاء الجديد قبيل المشاركة المنتظرة للرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي ستنعقد بين 23 و27 أيلول الحالي؛ إذ يسافر الشرع في الرابع والعشرين من الشهر إلى نيويورك للمشاركة وإلقاء كلمة، تُعتبر الأولى لرئيس سوري من نوعها منذ أكثر من ستة عقود، الأمر الذي تسوّق له الإدارة الأميركية على أنه «إنجاز كبير»، قامت من أجل تحقيقه بشطب الشرع وجماعته (هيئة تحرير الشام – جبهة النصرة سابقاً) من قوائم الإرهاب، وبتقديم مسوّدة إلى مجلس الأمن من أجل تنفيذ إجراء مماثل في قوائم الإرهاب الأممية.

وكان قوبل هذا الإجراء بعراقيل عديدة، من بينها رفض الصين التي تتخوف من ملف المقاتلين «الأويغور» الموجودين في سوريا، والذين سمحت الولايات المتحدة للشرع بدمجهم في الجيش الناشئ، ما دفع واشنطن إلى محاولة إيجاد مقاربة تسمح بمشاركة الشرع عن طريق شطب اسمه فقط من قوائم العقوبات.

وفيما تسبّبت التطورات الكبيرة في الملف السوري، بما فيها حملة التصعيد الإسرائيلي، ومحاولة انفصال السويداء، بتعثّر مساعي واشنطن لإتمام اتفاق «كبير» بين سوريا وإسرائيل، كانت تخطّط لإعلانه على هامش حضور الشرع في نيويورك، فإن اللقاء الجديد قد يساهم في وضع أرضية لتوقيع مبادئ أساسية لاتفاقية أمنية معدّلة.

وهذا الأمر، إن تحقّق، من الممكن أن تستثمره واشنطن في حملة الدعاية لـ«إنجازاتها» في سوريا، ما يجعل من الاجتماع الجديد المُعلن عنه – بين الشيباني الذي يسعى بدوره إلى تحقيق «إنجاز» سياسي ما، وفق سياسة الانفتاح المعلنة على إسرائيل، وديرمر الذي يتطلع إلى ترسيخ نفوذ تل أبيب في الملف السوري – حاسماً في هذا السياق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب