الصحافه

المراسل يطلب تفسيراً لـ “حادثة الطحين” والناطق يرد “أريد إحداثيات”: ألستم من أدخل الصاروخ من النافذة لقتل عالم إيراني؟

المراسل يطلب تفسيراً لـ “حادثة الطحين” والناطق يرد “أريد إحداثيات”: ألستم من أدخل الصاروخ من النافذة لقتل عالم إيراني؟

نير حسون

قبل أسبوع، ظهيرة السبت، أصابت قذيفة للجيش الإسرائيلي عدة أشخاص كانوا يقفون في طابور الحصول على الخبز في مخبز بحي النصر في مدينة غزة. قتل في هذا الهجوم 12 شخصاً، بينهم 5 أطفال. في أفلام من هذه الساحة، ظهر سكان وهم يجمعون الخبز الذي تناثر وتلطخ بالدماء، وجثث يتم تحميلها على شاحنات، ورجل يحمل جثة طفلة وأم تودع جثة ابنها.

في ذلك اليوم، توجه مراسل “هآرتس” جاكي خوري، إلى المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي وطلب منه رداً على الحادث. اشترط قسم المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، إعطاء رد على أن يوفر لهم جاكي خوري نقطة إحداثيات – التي تحدد مكان الهجوم بدقة. هذا أسلوب ثابت للمتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي عندما يطلب المراسلون رداً على هجوم في القطاع – “هل تريدون رداً، أعطونا نقطة الإحداثيات”. لقد تبين أن هذا الجيش الذي يعرف في أي نافذة أدخل صاروخ لقتل عالم ذرة في طهران، لا يعرف كيفية العثور على مكان الهجوم الذي قام به جنوده في حي صغير في مدينة غزة.

في السنتين الأخيرتين، طلب مني توفير نقطة إحداثيات عشرات المرات عندما كنت أطلب رداً من المتحدث بلسان الجيش. هذا طلب مدحوض وغير معقول. طلب المتحدث بلسان الجيش ذلك من المراسلين في دولة ديمقراطية، يدل على الأهمية الضئيلة التي يعطيها الجيش الإسرائيلي لحياة وموت سكان غزة. في حالات قتل مدنيين جماعياً على الجيش أن يوفر الإجابة لوسائل الإعلام حتى لو لم يستطع المراسل تقديم الإحداثيات بالضبط.

نجحنا بحادثة المخبز، بمساعدة جهات في غزة، في إيجاد المكان الدقيق للهجوم. هذه هي الإحداثيات: – 31. 537242. -34. 457689. بلغة البشر: شارع محمد يوسف النجار، زاوية أبو الحميد. الأرقام المرسلة إلى المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي في اليوم نفسه. ولكن مر أسبوع دون رد. 12 شخصاً، بينهم 5 أطفال، قتلوا، والجيش الإسرائيلي لا يمكنه حتى إعطاء أي تفسير لذلك.

في بداية الأسبوع الماضي، توجهنا مرة أخرى، أنا الموقع أدناه والمراسلة روان سليمان، إلى المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي. قدمنا هذه المرة قائمة لـ 29 هجوماً في آب. كانت هجمات على خيام ومدارس، التي أصبحت مأوى للنازحين، ومبان سكنية وقوارب في البحر ومناطق مفتوحة.

قتل في هذه الهجمات 180 شخصاً. في كل حالة من هذه الحالات، سألنا ماذا كان هدف العملية؟ وهل تم أخذ في الحسبان إمكانية إصابة أبرياء؟ وهل تم فتح تحقيق عقب قتل عائلات كاملة؟ وفرنا نقطة إحداثيات في تسع حالات، ولكننا لم نحصل على أي رد فيه تفسير لهذا القتل الجماعي.

خمس حالات، تم تقديم إجابة عامة عليها، مثل “لاحظنا نشاطاً مشبوهاً” أو “هذا مبنى شكل تهديداً” أو “هجوم مركز على أربعة أعضاء من حماس”. أما في الحالات الأخرى، فاضطررنا إلى الاكتفاء بالرد العام، “الجيش الإسرائيلي يوجه هجماته إلى أهداف عسكرية فقط، مع اتباع خطوات لتقليص المس بالمدنيين والبنى التحتية المدنية طبقاً لقوانين الحرب”. المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، أضاف توبيخاً: “الحالات التي لم ترسُل فيها نقطة إحداثيات دقيقة، لم يكن بالإمكان فحص ادعاءات المراسل فيها”.

بدأ الجيش الإسرائيلي مؤخراً بالهجوم في مدينة غزة، موجة أخرى من الانتقام الأعمى بدون أي منطق أمني، في ظل وجود خطر مؤكد على الرهائن والجنود والمدنيين الغزيين. يمكن الافتراض بيقين أن مئات الأشخاص غير المشاركين، وربما آلاف، سيقتلون في هجمات الجيش الإسرائيلي في نهاية هذه العملية. هذه اللامبالاة ليست حكراً على الجيش الإسرائيلي. فالمجتمع الإسرائيلي منقسم بين من يبارك هذا الموت الجماعي ويأمل المزيد منه، وبين من يقبله برباطة جأش.

هآرتس 8/9/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب