رئيسيالافتتاحيه

العدوان الإسرائيلي على الدوحة: تهديد للأمن القومي العربي واختبار لوحدة الموقف الإقليمي

العدوان الإسرائيلي على الدوحة: تهديد للأمن القومي العربي واختبار لوحدة الموقف الإقليمي

بقلم رئيس التحرير 

مقدمة

العدوان الإسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة ليس مجرد حادث عابر أو مغامرة عسكرية معزولة، بل هو تطور استراتيجي خطير يكشف عن انتقال المشروع الصهيوني من استهداف الأراضي الفلسطينية والدول المحاذية لإسرائيل إلى استباحة عواصم عربية بعيدة عن ميادين الصراع التقليدي. هذا التحول يعكس منطق التوسع والهيمنة الذي يتبناه اليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة نتنياهو، ويضع المنطقة أمام منعطف تاريخي يتطلب رداً عربياً وإسلامياً يتجاوز بيانات الإدانة إلى خطوات عملية وملزمة.

أولاً: الدلالات الاستراتيجية للعدوان

  1. تكريس سياسة القوة العارية: استهداف الدوحة رسالة واضحة بأن إسرائيل تعتمد على تفوقها العسكري لفرض وقائع جديدة، بعيداً عن أي التزام بالقانون الدولي أو الأعراف الدبلوماسية.
  2. تصدير الأزمة الداخلية الإسرائيلية: نتنياهو يواجه أزمات سياسية وقضائية خانقة، والعدوان الخارجي أصبح وسيلة للهروب من ضغط الشارع والانقسام الداخلي.
  3. استهداف الأمن الإقليمي: الاعتداء على قطر لا يهدف فقط إلى ردعها، بل إلى زعزعة ثقة الشعوب والحكومات العربية بقدرتها على حماية عواصمها ومقدراتها.

ثانياً: التداعيات على الأمن القومي العربي

انكشاف المنظومة الخليجية: العدوان يطرح أسئلة جدية حول فاعلية مجلس التعاون الخليجي كإطار أمني جماعي، ويضعه أمام اختبار غير مسبوق.

توسيع دائرة الصراع: إذا لم يُواجَه العدوان برد جماعي، فإن احتمالية استهداف عواصم عربية أخرى تصبح واردة، مما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التوسع الإسرائيلي.

تهديد الأمن الدولي: ضرب عاصمة مستقلة ذات سيادة هو خرق صارخ لميثاق الأمم المتحدة ويهدد السلم الإقليمي والعالمي، ما يستوجب تحركاً دولياً عاجلاً.

ثالثاً: المطلوب عربياً وإسلامياً

الرد لا بد أن يكون استراتيجياً وشاملاً، يقوم على ثلاثة مستويات:

  1. المستوى الخليجي:

دعوة عاجلة لاجتماع طارئ لمجلس التعاون الخليجي.

وضع خطة دفاعية مشتركة وتعزيز قدرات الردع الإقليمي.

إغلاق المجال الجوي أمام الطيران الإسرائيلي ووقف أي تعاون أمني أو استخباراتي معه.

  1. المستوى العربي:

عقد قمة عربية طارئة تتبنى قرارات ملزمة تشمل قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل وتجميد الاتفاقيات الموقعة معها.

تحرك موحد في الأمم المتحدة والجمعية العامة لفرض إدانة دولية صريحة ووضع إسرائيل تحت المساءلة.

إنشاء آلية عربية مشتركة لرصد أي اعتداءات جديدة والرد عليها فورياً.

  1. المستوى الإسلامي:

دعوة إلى قمة عاجلة لمنظمة التعاون الإسلامي لتوفير غطاء إسلامي شامل.

ربط العدوان على الدوحة بالعدوان المستمر على فلسطين واعتباره امتداداً للمشروع التوسعي الصهيوني.

تنسيق التحركات القانونية والدبلوماسية أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.

رابعاً: المسار القانوني الدولي

المادة (2) من ميثاق الأمم المتحدة تحظر استخدام القوة ضد سلامة أراضي الدول وسيادتها. العدوان الإسرائيلي على الدوحة يمثل خرقاً مباشراً لهذه المادة.

يحق لقطر، مدعومة بالموقف العربي والإسلامي، التوجه إلى مجلس الأمن والجمعية العامة لطلب إدانة وإجراءات ملزمة.

يمكن تفعيل آلية الاتحاد من أجل السلام إذا عرقلت الولايات المتحدة أو غيرها إصدار قرار في مجلس الأمن.

فتح ملف قانوني أمام محكمة العدل الدولية وطلب تدخل من المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في انتهاكات القانون الدولي الإنساني.

خامساً: الرؤية الوطنية والعربية المستقبلية

هذا العدوان يكشف أن إسرائيل لم تعد تميز بين دولة عربية وأخرى، وأن مشروعها التوسعي يستهدف المنطقة بأسرها. لذلك، فإن الرد يجب أن يتجاوز الدفاع عن قطر وحدها، ليكون دفاعاً عن المشروع العربي المشترك:

إعادة بناء منظومة الأمن العربي على أسس عملية وقابلة للتنفيذ.

التحرر من الارتهان للغطاء الأمريكي الذي يوفر حصانة لإسرائيل.

تبني سياسة ردع عربية موحدة تضع حداً للغطرسة الإسرائيلية.

خاتمة

العدوان الإسرائيلي على الدوحة ليس فقط اعتداءً على سيادة قطر، بل هو اعتداء على كرامة الأمة العربية والإسلامية. إن الصمت أو الاكتفاء ببيانات الإدانة سيُفسَّر كضوء أخضر لمزيد من التوسع والعدوان. المطلوب اليوم تحرك استراتيجي حازم عبر قمة خليجية، قمة عربية، وقمة إسلامية، تُفضي إلى قرارات رادعة ونافذة، وعلى رأسها قطع العلاقات مع إسرائيل وتفعيل المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية.

التاريخ لن يرحم التردد، والشعوب العربية لن تغفر التقاعس. الرد يجب أن يكون بحجم الكرامة العربية المهدورة، وبمستوى التحديات المصيرية التي تواجه الأمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب