الصحافه

محاولات الترهيب لا تفلح: «أسطول الصمود» يبحر نحو غزة

محاولات الترهيب لا تفلح: «أسطول الصمود» يبحر نحو غزة

يكشف استهداف سفن «أسطول الصمود» مأزق إسرائيل وعزلتها على الساحة الدولية، وسط تمسك الناشطين بهدفهم المتمثل في «كسر الحصار».

عام 2010، نشرت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، تقريراً رأت فيه أنّه فيما يتوجّه مئات الناشطين إلى قطاع غزة المحاصر عبر «أسطول» من القوارب التي تحمل الإمدادات الإنسانية ومواد إعادة الإعمار إلى غزة، فإنّ تأثير هذه القوارب «يتجاوز بكثير الـ10 آلاف طن من المساعدات التي تحملها». وآنذاك، استند أصحاب الرأي المقدّم إلى واقع أنّ مثل تلك المبادرة «ستجبرنا على إجراء مناقشة تريد إسرائيل تجنّبها بشدّة، في وقت لم تكن فيها سمعتها الدُّولية في أي زمن مضى أسوأ ممّا هي عليه» حينها، معتبرين أنّ «المواجهة في البحر ستحوّل التركيز مرة أخرى إلى غزة، حتى ولو لبضع ساعات فقط».

وبحسب هؤلاء، فإنه بالنسبة إلى إسرائيل، تمثّل غزة «الطفل غير الشرعي المعذّب والجائع الذي تحبسه في القبو عندما يصل الزوّار»، فيما يسعى الناشطون على متن هذه القوارب إلى «فضح ما تفعله إسرائيل في القطاع، بما في ذلك فرضها لحصار صارم لمعاقبة المدنيين بشكل جماعي لأغراض سياسية».

اليوم، وبعد أكثر من 15 سنة، لم يكن أحد ليتوقّع أنّ سمعة إسرائيل، على خلفية حرب الإبادة المرتكبة في غزة، ستصل إلى الدّرك الذي وصلت إليه، وأنّ عدد الناشطين المبحرين إلى القطاع، والمتمسّكين بـ«كسر الحصار» عنه، سيزداد بشكل غير مسبوق، وهو ما يفسّر على الأرجح، الاستشراس الإسرائيلي في التصدّي لهم والاعتداء عليهم. وفي هذا السياق، أفادت هيئة «أسطول الصمود»، أمس، بتعرّض ثاني أكبر سفينة في الأسطول، «ألما»، لهجوم جديد بمسيّرة مساء الثلاثاء، متحدّثة عن اندلاع حريق على متنها في ميناء سيدي بوسعيد في ضواحي العاصمة تونس.

وأضافت الهيئة: «السفينة التي تمّ الاعتداء عليها تحمل العلم البريطاني، وكان على متنها 9 مشاركين، والجميع في حال جيدة وليست هناك إصابات». ومع تعرّض ثاني سفينة في تونس إلى هجوم جديد، في أقل من 24 ساعة، وانتشار مقاطع مصوّرة تُظهر وقوع الاعتداء، سقطت الرواية الرسمية التونسية حول أنّ الحريق الأول اندلع جرّاء «احتراق إحدى سترات النجاة نتيجة اشتعال قداحة أو عقب وقوع سيجارة»، وأصبح واضحاً أنّ إسرائيل تحاول بثّ الرعب في أوساط الناشطين المصمّمين على استكمال رحلتهم حتى الوصول إلى القطاع.

توافد النشطاء إلى ميناء سيدي بوسعيد، على مقربة من موقع شهد اغتيال القيادي الفلسطيني «أبو جهاد»

وتعقيباً على الهجوم الثاني، نشرت فرانشيسكا ألبانيز، المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في فلسطين المحتلة، منشوراً يوضح تفاصيل الهجوم، جاء فيه: «تشير الأدلّة المصوّرة إلى أنّ طائرة مسيّرة، من دون ضوء بحيث لا يمكن رؤيتها، أسقطت جهازاً أشعل النار في سطح قارب (ألما)»، لافتةً إلى أنّ «مصادر الخبراء تشير إلى أنّ الجهاز عبارة عن قنبلة حارقة ملفوفة بمواد بلاستيكية مغموسة في الوقود، وكان من الممكن إشعال النار فيها قبل هبوطها على السفينة».

ورغم الهجومين، ظلّ النشطاء يتوافدون، أمس، إلى ميناء سيدي بوسعيد، على مقربة من موقع شهد اغتيال القيادي الفلسطيني خليل الوزير «أبو جهاد»، حيثُ رست سفن «أسطول الصمود العالمي» قبل أن تنطلق، أمس، في اتّجاه غزة. وكانت نحو 20 سفينة قد وصلت، على دفعات، من إسبانيا ضمن الأسطول، الذي يضمّ مشاركين من 44 دولة. وفي ظلّ إدراكهم للأخطار المحدّقة بهم وهمجية العدو الإسرائيلي، والتي لم تعُد تعرف حدوداً، كان العديد من الناشطين قد أكّدوا، عقب الاستهدافات، أنّ التهويل الإسرائيلي لا يُقارن بالمجازر التي يرتكبها الاحتلال بحق المدنيين في غزة، وهو ما يدفعهم إلى التمسّك بالمضي قدماً في مهمّتهم، وعدم التراجع أمام «الإرهاب الإسرائيلي».

وأعادت الممارسات الإسرائيلية الأخيرة إلى الأذهان حادثة سفينة «مافي مرمرة» التركية عام 2010؛ فآنذاك، تعرّضت السفينة في أثناء إبحارها في المياه الدَّولية قبالة سواحل فلسطين المحتلة للاعتداء من قبل قوات الاحتلال، التي قتلت 10 مواطنين أتراك وأصابت 56 آخرين، فيما تعرّض سائر الناشطين للحبس والتعذيب والاستجواب ومصادرة ممتلكاتهم الخاصة، قبل أن تتمّ مصادرة السفينة، ممّا جعل إسرائيل عرضة لملاحقات قانونية على الساحة الدُّولية، بما في ذلك من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

ولم تكن الحادثة المشار إليها الوحيدة من نوعها؛ ففي شهر أيار، تعرّضت سفينة كانت تبحر مع «تحالف أسطول الحرية» (FFC) لهجوم بطائرتين بدون طيار، ممّا تسبّب في اشتعال النيران في المحرّك وإحداث ثقب في هيكل السفينة، بينما كانت راسية في المياه الدَّولية بالقرب من مالطا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب