تسريبات: بوريس جونسون ضغط سرا على الإمارات من أجل مشروع خاص بمليار دولار

تسريبات: بوريس جونسون ضغط سرا على الإمارات من أجل مشروع خاص بمليار دولار
كشفت صحيفة “الغارديان” في تقرير أعده توم بورجيس، هاري ديفيز، وهنري داير، أن مجموعة من الناشطين والمصرفيين شرعوا مطلع عام 2024 في السعي لإقناع حكام إمارة خليجية غنية بالنفط بمنحهم مليار دولار، وكان مفتاح نجاح هذه الخطة الاستعانة بواجهة سياسية ذات نفوذ، فوقع الاختيار على رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون.
وبحسب الوثائق المسربة، فإن جونسون، الذي غادر رئاسة الوزراء قبل أقل من عامين وتخلى عن مقعده في البرلمان، ظل محتفظاً بشبكة علاقات قوية بناها خلال فترة توليه مناصب رفيعة، وسعى إلى توظيفها لتحقيق مكاسب شخصية. وتشير هذه الملفات إلى احتمال أن يكون جونسون قد خالف قواعد الأخلاقيات بالضغط على مسؤول أجنبي كبير “لضمان رعايته” لمشروع تجاري يدر عليه ملايين الجنيهات.
ظل بوريس جونسون، الذي غادر رئاسة الوزراء قبل أقل من عامين، محتفظاً بشبكة علاقات قوية بناها خلال فترة توليه مناصب رفيعة، وسعى إلى توظيفها لتحقيق مكاسب شخصية
المشروع قادته شركة “بيا أدفايزري”، وهي شركة غير معروفة نسبياً تعمل في مجال “حلول تمويل المناخ”، حيث جرى تعيين جونسون “مستشاراً رئيسياً” بهدف الاستفادة من شخصيته الجذابة وعلاقاته الواسعة لفتح الأبواب في الإمارات. ومنذ استضافة قمة المناخ عام 2023، حرصت أبوظبي على الترويج لنفسها كقوة صديقة للبيئة، عبر استثمارات مستدامة يمولها “صندوق مبادلة” البالغ حجمه 300 مليار دولار، والذي اعتبره فريق جونسون “الجائزة الكبرى” إذا ما تم الحصول على دعمه.
توضح الوثائق أن شيلي ويليامز ووكر، وهي من أقرب مساعدي جونسون الذين عملوا معه في داونينغ ستريت، لعبت دوراً محورياً في التواصل مع الإماراتيين، ضمن فريق مكوّن من ثلاثة مساعدين في مكتب جونسون، الذي يعمل كشركة مساهمة. وهنا تثار تساؤلات بشأن ما إذا كان جونسون قد استغل بدلات الخدمة العامة التي يحق لرؤساء الوزراء السابقين الحصول عليها، والتي تبلغ 115 ألف جنيه إسترليني سنوياً من أموال دافعي الضرائب، في أنشطة تجارية خاصة.
جونسون من جانبه نفى الاتهامات قائلاً: “هذه القصة هراء. لقد استخدم بدل تكاليف الخدمة العامة بالكامل وفقاً للقواعد. ينبغي على صحيفة الغارديان أن تغيّر اسمها إلى برافدا”، في إشارة ساخرة إلى صحيفة الحزب الشيوعي السوفييتي. لكنه لم يجب عن الأسئلة المتعلقة بشركة “بيا أدفايزري” أو أنشطته في أبوظبي.
وتأتي هذه التسريبات بعد أيام من كشف “الغارديان” عن احتمال انتهاكه لقواعد الأخلاقيات في تعاملاته مع السعودية وفنزويلا، ما دفع سياسيين من حزب العمال والديمقراطيين الليبراليين للمطالبة بالتحقيق في استخدامه للأموال العامة، إذ يحظر على الوزراء السابقين استغلال علاقاتهم الحكومية التي اكتسبوها خلال فترة توليهم المناصب “لأغراض تأمين أعمال تجارية”.
لكن، في نيسان/ أبريل 2024، وبينما كان مساعدوه يردون على استفسارات هيئة مراقبة الأخلاقيات، استقل جونسون رحلة تابعة لشركة الاتحاد للطيران متجهاً إلى أبوظبي. وتشير الوثائق المسربة، التي حصلت عليها مجموعة الشفافية “ديسربيوتد دينايل أوف سيكرتس”، إلى أن جونسون كان سيحصل على حصة شخصية قدرها 24% من أسهم شركة “بيا أدفايزري”، إضافة إلى 20% لمساعدته ويليامز ووكر، على أن تُقسّم باقي الحصص بين شيم بالديوسينغ، الناشط في مجال الضغط والدفاع عن صناعة السجائر الإلكترونية، وديفيد روتش، رجل العلاقات العامة والسياسي الطامح الذي أدار جزءاً من حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ووفقاً للوثائق، كانت الشركة تنوي التأسيس في “غيرنزي” المعروفة بسريتها المالية، رغم أن سجلها في إدارة مبالغ ضخمة يكاد يكون معدوماً. ومع ذلك، كان العرض المقدم إلى أبوظبي جريئاً: إدارة مليار يورو (أكثر من مليار دولار آنذاك)، إضافة إلى منحة أولية قدرها 10 ملايين يورو لتغطية النفقات. وبذلك، كان المستثمرون الجدد يعرضون القليل من أموالهم الخاصة، لكنهم توقعوا عوائد بنسبة 2.5% قد تمنحهم ملايين الأرباح.
وتختم الصحيفة بالقول إن مصير المشروع لا يزال غامضاً، بينما لم يرد جونسون على سؤال مباشر حول حجم المال الذي حصل عليه جراء هذه المغامرة.
– “القدس العربي”: