مقالات

سوريا بين ضعف وتفكك التنوع الثقافي بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق –

بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -

سوريا بين ضعف وتفكك التنوع الثقافي
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق –
انقادت الأنثروبولوجيا إلى دراسة جادة للمسألة الثقافية،بفعل اهتمام علماء الاجتماع بتأثير الثقافة في الشخصية الاجتماعية،وصولاً للقول المنهجي بأن الثقافة،تكون وتحدد شخصية الإنسان ومالها من معالم وصفات وسلوك اجتماعي،وذهنية وعقلية،وكان البدء،بابن خلدون،ورالف لنتًن ومارجريت ميد…إلخ
وذهب اهتمام الأنثروبولوجيا بهمومها الثقافية،إذا جاز التعبير،حتى أُسِّسَ لها علمها الثقافي،الذي يستند إلى منهج يمكنها من تفسير الثقافة،ووضع المعاني لمصطلحاتها ومفاهيمها،آخذة بالاعتبار مايقوله ويردده الناس عن المعاني،فكانت الأنثروبولوجيا الثقافية وكان لها منهجها في التحليل والتفسير الثقافي،يضع المعاني على المفاهيم،مبتعداً عن حرفة علم الاجتماع في وضع القوانين الاجتماعيه .وكما أسلفنا،وواضعة في اعتبارها البحث المنهجي المتأني عن وضع المعاني السليمة والصحيحة،لأنّ وضع المعاني يمكنها ويوصلها إلى التفسير الأنثروبولوجي الصحيح والسليم  للظاهرة البنائية الثقافية.
حجتنا المنهجية مما تقدم عن الثقافة،أن نشير إلى أنّ الأنثروبولوجيا الثقافية،تقول بالأنساق الثقافية،حنباً إلى جنب مايقوله علم الاجتماع عن الانساق الاحتماعية،ويرى هذا العلم الثقافي،أن ثقافة المجتمعات تتنوع بموجب محدداتها الثقافية،،وهذا التنوًع يختلف باختلاف ثقافة المجتمعات ومافيها من مكونات ثقافية ،التي هي عوائده اليومية والحياتية،
على حدّ تعبير ابن خلدون. ونتوجه إلى الثقافة السورية،بحثاً عن تنوعها الثقافي،لنعرف من خلالها ما إذا كان هذا التنوع يعيش قوته أم ضعفه وتفكُّكه،فالبحث في هذه القضايا يعرفنا ويدلنا على سيرورة التنوع الثقافيّ،الذي نراه بحثاً حقلياً وعن بعد ،بعين متفحصة.ماهي الحالة الثقافية لهذا التنوع،ومن هذه الحالة نرى الحالة التي هي عليها الشخصية السورية الاجتماعيّة الثقافية.
توجهات هذه المقاربة،تعفيها من متابعة تاريخيّة للثقافة السورية الشعبية،كما تعرفها الأنثروبولوجيا الثقافية،بما لها من عادات وتقاليد وأعراف وقيم وسلوك اجتماعي ثقافي ونتاج مادي وحضاري وأدب وفن وقيم روحية..إلخ،ويكفينا أن نمد نظرنا ألى التنوع الثقافي من خلال مواقف شخصيات اجتماعية سياسية نضالية،وماتعكسه هذه الشخصيات في تنوعها في الانتماءات والولاءات،التي نراها في قوة التنوع الثقافي السوري
حيث كانت الولاءات والانتماءات،تلتقي حول الولاء والانتماء لسوريا الوطن،ووحدته الاجتماعية أولاً.هذه الشخصيات نأتي بها مثالاً وأنموذجا،مثل فارس الخوري وهنانو وسلطان باشا الأطرش وصالح العلي ومصطفى السباعي وميشيل عفلق
وزكي الارسوزي و……إلخ كيف لهذه الشخصيات في تنوعها الثقافي”الولاءات والانتماءات.؟كان لها ذلك بفعل مقاومة الاستعمار الفرنسي من أرضية المواطنه السورية ومالهذه المواطنة من مشتركات ثقافية دينية ومذهبية،تجمع ولاتفرق،من قاعدة تشكل الملتقى لهذه التنوعات،ومالها من ولاءات وانتماءات”،الدين لله والوطن للجميع،وكل من على دين الله يعينوا”،والنظام الديمقراطي،والحياة البرلمانية،التي شكلت إضاءة في الحياة
السورية،والمصحوبة بثقافة المحبة. والأخوّة ًالاعتماد المتبادل بالمنافع والمكاسب،وفي قوة المراقبة الشعبية،التي كانت العتبة التي يمر منها الإنسان السوري إلى حقوقه،وفي مقدمتها الوصول إلى المهام الإدارية ومجلس النواب،وحرية الصحافة التي ترضي الرأي العام السوري،وتدخل في قناعاته السياسية ووجود الأحزاب التي شكلت الملتقى للتنوعات الثقافية المصحوبة بولاءاتها وانتماءاتها،والطريق الوطني الآمن للنظام
السياسي.وفي القمة عروبة سوريا،فالعروبة جامعة للتنوّع الثقافي،هكذا صاغوا شخصية سورية.
وثمة أمثلة لاتحصى كانت غنية بها الحياة السورية،من مقال في جريدة”الرأي العام لصاحبها أحمد عسة التي كانت تسقط وزارة،ويوم طالب أنصار الحزب الوطني والشعب في محافظة حماه فصل الريف عن المدينة في الانتخابات،فقامت الدنيا ولم تقعد،حتى ألغي القرار. وجاء الثامن من آذار وحزبها القائد ويسارها الماركسي المزيف وحركته الشباطية المؤامرة،التي ولّدت ماسمي بالحركة التصحيحية ونظامها القمعي الوحشي العائلي الطائفي الجهوي ،والفساد الخلقي والمالي والسياسي والتعليمي،فجاء معها الوازع الطائفي والجهوي،فأخذ التنوع الثقافي يضعف،ويذهب باتجاه التفكك،مرة باتجاه الطائفية ،ومرة ثانية باتجاه المحلية والجهوية وثالثة العشائرية الطائفية .
أحداث كثيرة شكلت مؤشرات على هذا التفكك من حوادث الكلية في حلب إلى حوادث حماة فحمص فجرير وداريا،وصولاً إلى حوادث الساحل فالسويداء.
هذا الاختصار في أسباب انتقال التنوع الثقافي في سورية من القوة إلى الضعف ،ومن الضعف إلى التفكك.لانريد الكشف عن الجروح الثقافية المحتمعية،وإنما دعوة للتعلم من دروس التاريخ السوري الحاضر والمعاصر،دعوة للابتعاد عن العقلية الانتقائية لم لها من محاذير ، تُفَصّل الوطن وثقافته السورية على هواها.وبموجب خلفياتها الثقافية
وولاءاتها وانتماءاتها الدينية والمذهبيةوالمحلية الجهوية والعائلية….إلخ
د-عزالدين حسن الدياب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب