في “لعبة الدوحة” وقبيل احتلال غزة.. نتنياهو لزامير وجنوده: من يجرؤ على معارضتي؟

في “لعبة الدوحة” وقبيل احتلال غزة.. نتنياهو لزامير وجنوده: من يجرؤ على معارضتي؟
مؤخراً صدر كتاب بعنوان “جولاني خاصتي” من إصدار “يديعوت للكتب”. فقد شجعت الصحافية حن كوتس 18 قائد لواء، على الحديث. إحدى المناجاة أثرت فيّ حتى الدموع. والأهم أنها علمتني فصلاً في العلاقات بين المستوى العسكري والمستوى السياسي. ماذا يمكن لضابط في الجيش الإسرائيلي أن يفعل حين يهبط إليه أمر مثير للحفيظة، منقطع عن الواقع، مصدره رئيس الوزراء أو وزير الدفاع. لشدة الأسف، الموضوع جد حار هذه الأيام، بعد الغباء الذي جرى في الدوحة، وعشية التورط في غزة.
إيلان بيران كان قائد لواء جولاني في الأعوام 1979 – 1981. اختار التركيز على قصته الشخصية في حرب يوم الغفران. كان في حينه مقدماً، ونائب قائد كتيبة 13. يروي: “كنت ابن 27، ولم أقبل الإمرة قط”. كان في اليوم الثاني للحرب ضمن قيادة الكتيبة بالقنيطرة. في التاسعة صباحاً، جاء أمر بالانسحاب إلى ما وراء نهر الأردن. “قلت لهم كجولاني عادي: الاستحكامات تقاتل. ماذا يعني الانسحاب؟ انصرفوا”. كان من أصدر أمر الانسحاب وزير الدفاع موشيه دايان، الذي اشتكى من خراب البيت الثالث في تلك الأيام.
“رفضنا الأمر”، يروي بيران. من ناحيتي، كانت هذه القصة الأصعب في الحرب كلها. شعرت هناك بانعدام المسؤولية، والغرور عشية الحرب. أرسلت سرية القيادة والجنود غير الحيويين إلى “روش بينا”. بقينا 13 مقاتلاً في خندق القيادة”.
قبل أسبوعين من الحرب، اصطدام بيران بوزير الدفاع في أحد الاستحكامات. قال دايان إن ثمانية مقاتلين للدفاع عن الاستحكام عدد كاف. “ليس أقل من 16″، أصر بيران. فرد دايان باستخفاف. “بدأت أكرهه”، يروي بيران. “عندما جاء أمر الانسحاب لم يعد قائماً من ناحيتي – حتى اليوم”.
قائد اللواء، أمير دروري، أعطاه إسناداً. من قاتل في هضبة الجولان في حينه كان مقتنعاً بأنه يحمي طبريا. كان القتال قاسياً جداً، كتيبة مقابل فرقة سورية مدرعة: الكثير من قصص البطولة المؤثرة؛ الكثير من القتلى. في اليوم الخامس للحرب، صد السوريون وبدأ الاختراق. الكتيبة واصلت القتال.
“حرب يوم الغفران صدمة حياتي”، يروي بيران.
المعاضل التي يتصدى لها رئيس الأركان وجنرالات هيئة الأركان اليوم لا تقل دراماتيكية عن معضلة بيران في 1973. واضح أن القرار بالتوجه إلى حملة السقوط في قطر الآن جاء من نتنياهو، وليس من الجيش. أعرب زامير عن معارضته للتوقيت. في نهاية الأسبوع، سألت رئيس أركان أسبق: هل كان يمكن لزامير أن يفعل أكثر، أن يضرب على الطاولة، ويشرح الأثمان التي قد تدفعها إسرائيل حتى لو نجحت العملية؟ قال لي إن هذا ما يمكن لرئيس الأركان أن يفعله في مثل هذه الظروف.
ربما يكون محقاً. لكن التباهي بهذا الفشل الذريع على الملأ سيكون عملاً متسرعاً. يعرف الجيش أن هدف الحملة الحقيقي -وقد تحقق- هو عرقلة صفقة المخطوفين. حتى ترامب يفهم هذا. على الرغم من ذلك، يحرص الجيش على التغطية بالمخطوفين: من أجلهم أقلعت الطائرات على بعد 2500 كيلومتر. يا له من مريح! يا له من كاذب! الدوحة هي اللعبة المسبقة قبيل احتلال مدينة غزة. القصة في غزة أكثر تعقيداً؛ السخافة أقل صرخاً، لكنها أكثر خطراً وأكثر ثمناً. في هذا الموضوع، السلاح الوحيد لدى رئيس الأركان هو الوقت. سيضطر للسير بعينين مفتوحتين إلى الهوة، لكنه يصر على السير ببطء. والآن، تصبح إسرائيل منبوذة في العالم، أكثر كرهاً من روسيا، وأكثر لعناً من إيران. حتى أوربان الهنغاري يهجرنا. والمخطوفون يذوون في الأنفاق.
ليس لدي توقعات من نتنياهو. هو يعيش في عالم مصالحه الخاصة، أناني وهدام؛ لا أتوقع شيئاً من وزرائه، الذين قلة منهم مسيحانيون ومعظمهم بعوض. لكني أتساءل لأعرف أين الجنرال، قائد الفرقة، قائد اللواء، قائد الكتيبة، الطيار الذي يقول حتى هنا. يخيل أن أطول حروب إسرائيل – أقول أطول؛ لأن هذا ما يريده رجل واحد – أنهكت لابسي البزات.
في الموضوع ذاته – العلاقات بين المستوى العسكري والمستوى السياسي – بودي أن أضيف ملاحظة هامشية. في أثناء الاستجواب المضاد لنتنياهو، الأسبوع الماضي، وفي رد على سؤال عن اجتهاده لأجل ارنون ميلتشن، أشار إلى أن ميلتشن ليس الوحيد: عندما اشتبه مصدر في الإدارة الأمريكية باللواء إسرائيل زيف دون ذنب اقترفه في عقده صفقات غير شرعية في إفريقيا، توجه نتنياهو وساعد.
المشبه لا يشبه المشبه به: كانت لنتنياهو مع ميلتشن علاقات “خذ واعطِ”؛ لكنه عمل من أجل زيف في إطار منصبه. لكن النائبة تالي غوتليف صعدت إلى منصة الكنيست لتصرخ: “اللواء إسرائيل زيف، رئيس الوزراء بنفسه، يا لك من منكر للجميل”.
فليعرف كل جنرال في الجيش الإسرائيلي: إذا تجرأ على انتقاد رئيس الوزراء، فسيبعث له بالسيدة غوتليف. لا غرو أن الجنرالات يفضلون الصمت.
ناحوم برنياع
يديعوت أحرونوت 15/9/2025