المامون المؤمن بالفعل المسرحي

المامون المؤمن بالفعل المسرحي
نجيب طــلال
إن كان لمكناس " الزيتون" أولياؤها، فلها مسرحيوها الذين قالوا، في زمن صدق القول، كلمتهم
النابعة من عروق اللذة السيزيفية، المعانقة لرحاب ديونيزوس، كلمتهم . كلمة لا تخرج عن نطاق
الفعل المسرحي، مكابدة وحركة وعطاء. لكن الجحود دائما يلاحق تلك العـينة ،التي لا عشق لها
سوى ممارسة الإبداع؛ حسب الطاقة والجهد والإمكانيات المتوفرة. ولا تبحث عن الأضواء والتهافت
وراء الشهرة، لأن أصلا الشهرة في بلادنا وهْـم وزيف .لأنه أصــلا لا وجود لها، والسبب يكمن
في عمق البنية المجتمعية . وفي بنية مدينة " مكناس" تألقت أسماء ووجوه، كانت لها الأدوار
الطلائعية في بناء الصرح المسرحي، المنافس للعـديد من المدينة الوطن، لكن تلك " الفعاليات"
الخالصة المخلصة للممارسة الإبداعية، أصيبت بجحود من جيل تعاقب على المدينة، وكان (ذاك)
الجيل من المغرورين ، حيث كانوا يمررون خطابا أكثر غـرورا نحن المسرحيون، وما قبلنا إلا
مهرجون؟
فعلى سبيل المثال الفنان" عبد الهادي بوزوبع" أي إشراقة تاريخية صنعتها المدينة ، لهذا المعلمة
والمدرسة التي أنجبت الكثير والكثير من الطاقات، من بينهم الفنان الصامد" ادريس المأمون" فهل هذا
الأخيريا ترى من المهرجين؟ أم من الفاعلين الحقيقين؟
طبيعي؛ في غياب توثيق وتأريخ رصين، تبقى حقيقة وقوة العديد من الفعالية المسرحية والثقافية
ضائعة، ولقد ضاع منها الكثير. و قليل من الجيل الثاني هو الذي سيتذكر ويتذكر " ادريس المأمون"
هذا الإسم، الذي ساهم وعرف وأغنى الخزانة المسرحية، رغم أنه لاوجود للخزائن الفنية
والإبداعية في ربوع الوطن.
بالعديد من المبدعين المسرحيين العالميين عبر الإقتباس والترجمة مثل: فيكتور حاييم ( الزيارة)
كلود بر وسولو( قاعة الإنتظار) بيكيت( في انتظار غودو) (الحقيقة ماتت/ثمن الحرية) لمانويل
روبليس( جريدة أحمق ) لنيكول غوغل….
…مقابل هذا قام بإخراج العـديد من الأعمال، وفي نفس الوقت ممثلا فيها( بين ليلة وليلة/ رصاصة في
القلب/ الشيطان في خطر (( توفيق الحكيم) اليانصيب( الطيب العلج) كبارها عند صغارها / عندي
عندك-( الهادي بوزوبع) الأرض والزيتون( رضوان حدادو) عطيل الخيل والبارود( ع الكريم
برشيد) اليوم نصعد الخشبة( أحمد بنكيران) موت اسمه التمرد( ع السلام الحبيب) الموسم ( نبيل
لحلو) الشركة ( محمد دحروش) النزيف( محمد مسكين)أين العقربان( محمد تيمد) الإنسان/ مونتاج
شعري( ….بعض هذا في جمعية "العمل المسرحي" المكناسي، وبعضها في مدينة ( أبي الجعد) و(
خريبكة) بمدينة ( شفشاون) ومدينة ( طنجة) نتيجة تناقلته الاختيارية : كأستاذ ثانوي لمادة اللغة
الفرنسية.
بحيث كان في الجمعية العمل المسرحي( مكناس) التي كان لها ، وكان للفنان" ادريس المأمون"
حضور قوي في عدة دورات للمهرجان الوطني لمسرح الهواة ، بعدما " انطلقت شرارته الفنية ابتداء
من الدورة (6/1965) إلى حدود 1973) كمشارك رفقة الجمعية. إذ نال الجائزة الكبرى في
المهرجان العاشر(1969) وجائزة التشخيص في المهرجان الثاني عشر(1971) والثالث عشر(
1972) مدينة الدارالبيضاء.
وللتاريخ تلك الجمعية كانت تتكون من العديد من الممارسين والفنانين وعلى رأسهم عبد الهادي
بوزوبع وأحمد بنكيران/ أسية دريج/ أمينة دريج/ خديجة بنكيران/محمد بنحاسين/ عبد الرحمان
دريج/محمد الزواق/….
والعجيب رغم تعيينه في مدينة ( أبي الجعد) سنة 1968 وبالضبط في إعدادية " محمد الخامس" كان
يلتحق بجمعية العمل المكناسي للتداريب المسرحية . ومن خلال هذا التنقل سعى لتأسيس فرع تابع
لجمعية العمل المسرحي بمكناس، ولقد حقق ذلك إلى حدود 1978، فمن هذا الفرع تم تأسيس جمعية (
الأمل) للعمل المسرحي .وبعدها انتقل لمدينة "خريبكة" فحاول أن يمدد الفعل المسرحي من المركز
إلى الأطراف، ولقد استطاع أن يحقق ذلك، رغم الإكراهات والمضايقات التي عرفها من لدن بعض
الأشخاص وكذا السلطة ( وقتئذ). لكنه سافر سنة 1979 لفرنسا من أجل الدراسة، تخصص" لسنيات"
لكن هوسه المسرحي. زاوجه بالدراسة المعمقة ، فالتحق بمسرح "إنكارنا" ببوردو/ الفرنسية."
ممثلا" هناك تمرس على أنماط تعبيرية أخرى في الفن المسرحي، مما حاول توظيفها عند عودته
للمغرب في " النوادي" المدرسية- للمسرح- التي أسسها في المؤسسات التي اشتغل فيها. ولاسيما أن
واقع الممارسة المسرحية، في عقود خلت كانت منفتحة على عـدة روافد من بينها المؤسسات
التعليمية، التي ساهمت بقوة بالدفع بالعديد من التلامذة في اختيار المسرح، كأفق مستقبلي، وهذا بناء
على تضحيات ومساهمة العديد من الأطر، من بينهم" ادريس المأمون" كما أشرنا والذي تدين له
الكثير من الأسماء التي امتطت صهوة الفن كحكيم بلعباس( المخرج السينمائي) وسامية أقريو ونعيمة
زيطان ومصطفى الغزاوي ورفقية بنميمون وياسين أحجا م والسموني عبداللطيف/…./
وكان من بين المؤسسين لجمعية العمل المسرحي بشفشاون وذلك بعد التحاقه بالمدينة ، قبل أن يلتحق
العديد منهم لتأسيس جمعية "أبينوم المسرحية" التي أصبح مستشارا فنيا لها ابتداء من سنة 2004
وفي هذا السياق لا يمكن أن نغفل دوره ومجهوداته القيمة في ترجمة نصوص مسرحية، لتأسيس
تصور جديد في تدريس النص المسرحي، من خلال سلسة التكوين المستمر سنة1998/1999
ومشاركته في العديد من اللجن في مهرجان المسرح المدرسي، وخاصة بمدينة طنجة التي تآلف فيها
مع " محمد تيمد" وهذا الأخير قبل وفاته كان يشارك" ادريس المأمون" في تطوير البحث الجماعي
وتقوية الأوراش المسرحية لتطوير التجربة تنظيما وإبداعا ، ولخلق لمقاربة الواقع المسرحي من
الزاوية الإيجابية لجيل الشباب، وإن كانت له تجربة طويله في مدينة "أبي الجعد/خريبكة"
والملاحظ بأن مدينة طنجة سعت لتكريمه سنة 2008 في شخص النقابة الوطنية للمسرح فرع طنجة ،
وذلك في إطار المهرجان الدولي للمسرح ( الدورة3/2008) وفي "مكناس" لم ينل سوى شهادة
المشاركة في "ملتقى مكناس" السينمائي للفيلم القصيرفي دورته ال( 4/2014) بحكم علاقته بالسينما،
حيث شارك في بعض الأفلام المغربية ومسلسلاتها (ذاكرة اعتقال/ خيط الروح)…. وترجم كذلك
بعض الأفلام مثل( خيط الروح) للفرنسية.
لكن المفارقة التي من الصعب فهمها، لحد كتابة هاته الأسطر في حق الأستاذ والمربي" ادريس
المأمون" الذي لم يكن مهرجا بل فاعلا مسرحيا حقيقة ، ومؤمن بالفعل المسرحي ، لازالت المراكز
الثقافية الفرنسية تعتمد على خبراته الفنية والجمالية .بعدما أشرف في السابق وإبان عمله المهني"
أستاذ" على ورشات مسرحية بالمركز (؟؟)