تحقيقات وتقارير

إيران تنتظر «معجزة» أممية: أسبوع قبل العقوبات الشاملة

إيران تنتظر «معجزة» أممية: أسبوع قبل العقوبات الشاملة

تقترب عودة العقوبات الأممية على إيران مع تفعيل «آلية الزناد»، ما يضعها أمام خيارات صعبة بين الانسحاب من المعاهدات النووية أو الدخول في مفاوضات عاجلة مع الغرب.

محمد خواجوئي

طهران | لم يتبقَّ سوى أسبوع واحد على عودة العقوبات الأممية على إيران؛ وفي انتظار معجزة تسقط على المجتمع الدولي الملتئم في نيويورك، من أجل فاعليات الجمعية العامة للأمم المتحدة، توجّه وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى المدينة الأميركية للمشاركة في الاجتماعات، فيما يؤمل أن تؤدّي لقاءاته، على هامشها، إلى صيغة اتفاق على تمديد القرار 2231، وإرجاء عودة العقوبات.

وكان مشروع القرار الذي تقدَّمت به كوريا الجنوبية، بوصفها الرئيس الدوري لمجلس الأمن الدولي، الجمعة الماضي، رفض بـ9 أصوات معارضة، ما مهّد الطريق أمام تفعيل «آلية الزناد» التي تُعيد العقوبات الأممية على إيران. وفي حال لم يتّخذ مجلس الأمن قراراً آخر بحلول نهاية الأسبوع الجاري، فإنّ جميع القرارات السابقة الصادرة عنه، والتي رُفعت بموجب «خطّة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، ستعود دفعة واحدة وتلقائيّاً يوم الأحد المقبل». وقد صُمّمت هذه الآلية بحيث لا تستطيع أيّ دولة من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، استخدام حقّ النقض ضدّها.

وهناك ستة قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي ضدّ الجمهورية الإسلامية، هي: 1696 و1737 و1747 و1803 و1835 و1929، والتي تشمل عقوبات ضدّ برنامجَيها النووي والصاروخي، أي أنّ سقوط القرار 2231، سيعني إعادة العمل بجميع القرارات المشار إليها. وتندرج جميع القرارات في إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والمتعلّق بصلاحيات مجلس الأمن في حفظ السلام والأمن الدوليَّين.

وقد منحت التدابير المُعتمدة في الفصل السابع، مجلس الأمن صلاحية تحديد أيّ مصداق لـ«أيّ تهديد للسّلام وخرق السّلام أو العمل العدواني»، وأن يتّخذ التدابير اللازمة لـ«إقرار السّلام والأمن الدوليَّين». ومن هنا، يرى المراقبون أنّ عودة العقوبات الأممية على إيران، وفضلاً عن تداعياتها الاقتصادية، يمكن أن توفّر الأرضية والذريعة لتنفيذ إجراءات عسكرية ضدّها.

وكانت الدول الأوروبية اقترحت سابقاً تمديد القرار 2231، لكنها اشترطت لقاء ذلك: بدء إيران مفاوضات مع الولايات المتحدة، ووصول مفتّشي «الوكالة الدولية للطاقة الذرّية» إلى المنشآت النووية، وأن توضح حال مخزونات اليورانيوم المخصّب، بعد الهجمات الإسرائيلية والأميركية على منشآتها النووية. ورغم توقيع إيران والوكالة اتّفاقاً على استئناف التعاون بينهما، وعودة أنشطة المفتّشين، إلا أنّ الترويكا الأوروبية، اعتبرته «غير كافٍ»، فيما هدّدت إيران، عبر المجلس الأعلى للأمن القومي، بالتخلّي عن اتفاقها مع الوكالة، في حال عودة العقوبات في الـ28 من أيلول الجاري.

عودة العقوبات الأممية على إيران، يمكن أن توفّر الأرضية والذريعة لتنفيذ إجراءات عسكرية ضدّها

وفي هذا الوقت، أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، عن توجُّه وزير الخارجية، على رأس وفد ديبلوماسي إلى نيويورك، للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. ووفقاً للمعطيات، فإنه من المقرّر أن تجري محادثات بين إيران والأطراف الأوروبية، ولكن «أن تُفضي إلى اتّفاق يحول دون عودة العقوبات، فهو أمر صعب إن لم يكن مستحيلاً».

وفي ظلّ التطوّرات المتسارعة، ثمّة مَن يشدّد على ضرورة إبداء إيران ردّ فعل حازماً تجاه عودة العقوبات، بما في ذلك الانسحاب من «معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية» (إن بي تي)، فيما يذهب البعض إلى أنه لا بدّ من الدخول في مفاوضات مع الأميركيين، بهدف الحدّ من تزايد التصعيد وعودة العقوبات الأممية. ودعا المدير المسؤول لصحيفة «كيهان»، حسين شريعتمداري، إلى الانسحاب من «معاهدة منع الانتشار النووي»، لافتاً إلى أنّ «الذين يقولون إنّ الانسحاب من المعاهدة يمهّد لهجوم، يجب أن يردّوا على هذا التساؤل: رغم عضوية إيران في المعاهدة، لِمَ استُهدفت المنشآت النووية للبلاد؟ ولماذا لا تزال أميركا تؤكّد على كون الهجوم على هذه المنشآت مفتوحاً وغير محدود؟ ماذا تنتظرون بعد؟ لِمَ تتلكّؤون وتماطلون؟».

وتطرّقت صحيفة «دنياي اقتصاد» إلى «الفرصة» الديبلوماسية السانحة في نيويورك، إذ رأت أنه «في وسع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، التصويت حتى اليوم الأخير، على مشروع قرار آخر، والحدّ من تفعيل السناب باك. إنّ هذا المسار بحاجة إلى تطوّرات كبرى، بما فيها المحادثات المباشرة بين إيران والولايات المتحدة».

وفي مقال لمحسن هاشمي رفسنجاني، رئيس المجلس المركزي لحزب «روّاد البناء» ونجل الراحل أكبر هاشمي رفسنجاني، في صحيفة «سازندكي»، اعتبر «(أنّنا) بحاجة إلى استراتيجية تكفل مستقبل إيران، لا مجرّد أن ترجئ التهديدات وتُبقي على الحيرة والارتباك وعدم الحسم قائماً، ولا تُسوّي مشكلة معيشة الناس، وأن نتعرّض لمشكلة من الداخل».

وأضاف محسن هاشمي، في مقالة بعنوان «الحيرة الاستراتيجية، أخطر من آليّة الزناد»، أنّ «المنتظر من السادة بزشكيان ولاريجاني وعراقجي، هو صياغة خطّة محدّدة لرفع العقوبات وضمان عدم التعرّض لهجوم، على أن يتمّ تأييدها من قِبَل السلطات العليا للدولة. وفي هذا المسار، لا يجب الدخول في مفاوضات بصورة فرعية مع أناس لا يملكون القدرة على منح أيّ تنازلات، بل ثمّة حاجة لمقابلة شجاعة وبتدبّر مع أميركا لكي نتمكّن من تسوية جميع القضايا الثنائية في إطار اتفاق شامل».

أمّا النائب في البرلمان الإيراني، حسن علي حاجي دليجاني، فكتب في صحيفة «همشهري»: ليطمئن الشعب الإيراني إلى أنه سيتمّ الحفاظ على الظروف العادية للبلاد، وأنّ العدو أُصيب مرّة أخرى بسوء تقدير. إنّ البلاد جاهزة لأيّ سيناريو، وقد درس النواب في البرلمان سابقاً، موضوع الانسحاب من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وأعدّوا 10 مشاريع لذلك». وأضاف: «النتيجة التي توصّلت إليها لجنة الأمن القومي، تتمثّل في أنّ الانسحاب من المعاهدة، يمثّل أحد الخيارات المطروحة على الطاولة. وفي ظلّ تبادل الآراء مع النواب والمسؤولين، يجب توفير ظروف تجعل الذين ينوون ممارسة المزيد من الضغط على الشعب الإيراني، يندمون على فعلتهم».

الاخبار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب