مقالات

تسونامي الاعتراف الدولي بفلسطين يهز إسرائيل من الأعماق.بقلم مروان سلطان.فلسطين 🇵🇸

بقلم مروان سلطان.فلسطين 🇵🇸

تسونامي الاعتراف الدولي بفلسطين يهز إسرائيل من الأعماق.

ليست حملًا للالتهام: السلطة الفلسطينية في مواجهة ذئاب الاحتلال

بقلم مروان سلطان.فلسطين 🇵🇸

21.9.2025

———————————————-

يقولون في السياسة: إن الذي يريد أن يشعل حربًا وخصامًا لن تعجزه الذريعة، فإن لم يجد واحدة يستغلها اختلق أخرى! على أن التاريخ يخبرنا أن الأيام لم تكن تبخل بالذرائع على الذين ينتظرونها!

وهذا الحال في السياسة كما هو الحال في حياة الناس؛ من أراد أن يخاصمك فسيجد ألف سبب، وإن لم يجد اخترع واحدًا، ومن أراد أن يبقى معك، تجاهل ألف سبب لمفارقتك!

يروى في الحكايات الشعبية أن حملًا غدا ذات صباح إلى النهر ليشرب، وكان هناك ذئب يبحث عما يأكله، ووقف يشرب من أعلى النهر، والحمل تحته.

فلما رآه الذئب قال له: يا لقلة أدبك، تعكّر الماء علي!

فقال له الحمل: إن الماء يجري من أعلى إلى أسفل، وأنت فوقي تشرب قبلي، فكيف أعكّر الماء عليك؟!

فقال له الذئب: ألستَ الحمل الذي تكلم عني بسوء في شهر تموز المنصرم؟

فقال له الحمل: لم أكن يومها قد وُلدت بعد، ألا ترى صغر سني؟

فقال له الذئب: إن لم تكن أنت، فأخوك هو الذي فعل!

فقال له الحمل: ليس لي إخوة يا سيدي!

فقال له الذئب: لا بد أنه أحد أفراد عائلتك الكريهة، أنتم دومًا تتحدثون عني بسوء!

وما كاد الحمل يفتح فمه ليرد على التهمة الجديدة، حتى انقض عليه الذئب وافترسه!

هذه الرواية الشعبية تنطبق تمامًا على الحالة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي. إنها الحكاية بتفاصيلها، وكأن هذا الائتلاف الحكومي الإسرائيلي ، يظن انه قد جاء الوقت الذي يرغب فيه بافتراس السلطة الفلسطينية. مع كل صباح ومع كل مساء تسمع تغريداتهم بين التهديدات؛ بضرورة إنهاء السلطة تارة، أو قرصنة أموالها بالملايين تارة أخرى. فأي حركة لقلم سموتريتش تقص مئات الملايين وكأن الأموال بلا صاحب، وتارة يقف نتنياهو متوعدًا: إذا لم تُحل السلطة فسيُفقرها، بمعنى تدميرها ومنعها من الإيفاء بالتزاماتها. وكذلك الحال مع بن غفير الذي يهدد ويتوعد، مصرّحًا: إذا بقيت السلطة الفلسطينية فإنه يكون قد فات الأوان، بمعنى أنها ستقضي على إسرائيل!

وما بين نتنياهو، صاحب حلم “إسرائيل الكبرى”، وسموتريتش وبن غفير وتهديداتهم وتوعدهم بالانقضاض على الفلسطينيين وسلطتهم، وذاك بن بركات الذي جاء بمفهوم “حكم العشائر”، واعد العدة له وفق ظنونه،  يجب أن يعلموا أن هذه السلطة – وهي عنوان لدولة فلسطين – ليست حملًا للانقضاض عليه والتهمة جاهزة كما تفعل الذئاب. السلطة الفلسطينية كيان راسخ في أعماق وجذور الأرض الفلسطينية، لا الريح تقتلعها، ولا الرمل الأصفر يطمرها. فالدماء التي سالت لن تُحوّل اللون الأحمر إلى أصفر.

كل ما نسمع ونرى لا يعدو أن يكون رد فعل على الاعتراف الدولي بفلسطين الدولة، بعيدًا عن أي فعل استراتيجي. هذا الاعتراف يربك حسابات إسرائيل، التي ظنت أن القضية الفلسطينية قد تلاشت. لكن الذي يحدث عبر المنابر الدولية من اعتراف متزايد بفلسطين الدولة، وهذا السيل الهادر من الجماهير التي تقف إلى جانبها، هو فعل تراكمي طويل الأمد، وجهود مضنية عبر المنصات الدولية، والجهد الدبلوماسي الرسمي والشعبي الفلسطيني، إلى جانب الدول الصديقة والمؤسسات الدولية، من أجل حق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير.

إنه “تسونامي” يهز الكيان الإسرائيلي من الأعماق، لأنه يفقده التحكم في الرواية التي طالما ضجت بها أروقة السياسة والإعلام عندهم. ولهذا بتنا نسمع تلك الصيحات وذاك العواء، في تقويض السلطة أو استبدالها أو الانقضاض عليها.

هذا التوعد والتهديد جاء بعد أن أربك حسابات الاحتلال الذي حاول حصر القضية الفلسطينية، والسلطة الفلسطينية تحديدًا، في ملف أمني يُدار على مقاسه. لكنه يدرك أن السلطة الفلسطينية، باستثمارها الاعتراف الدولي المتصاعد، قد تنقل القضية إلى اعتراف سياسي وقانوني أمام المجتمع الدولي، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديدًا وجوديًا لها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب