هل سيقود " مجلس سلام " ترمب وبلير لإنقاذ غزة؟

هل سيقود " مجلس سلام " ترمب وبلير لإنقاذ غزة؟
د. كاظم ناصر
وافقت حركة حماس على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لوقف حرب الإبادة الجماعية والتدمير الشامل التي تشنها إسرائيل على
قطاع غزة، وأعلنت دول عربية من بينها مصر والأردن والسعودية والبحرين وقطر والسلطة الوطنية الفلسطينية عن قبولها الخطة التي
تحتوي على نقاط متفق عليها حمساويا وفلسطينيا من أهمها وقف فوري لإطلاق النار، والسماح بدخول المساعدات الإغاثية، وإطلاق
سراح الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات، وإطلاق سراح 250 أسير فلسطيني حكم عليهم بالمؤبد إضافة إلى 1700 معتقل من غزة
احتجزتهم إسرائيل بعد السابع من أكتوبر 2023، وبدء العمل على ضبط الأمن وإعادة إعمار غزة، وإفشال مخططات إسرائيل التي
رأت في الحرب فرصة لطرد وتهجير سكان غزة؛ وفي المقابل هناك عدة نقاط خلافية تضمنتها الخطة من أبرزها نزع سلاح حماس
وخروج مقاتليها وقادتها من قطاع غزة، وتجريد القطاع من السلاح، وإدارته ومستقبله، وتجاهل السلطة الوطنية الفلسطينية، وعمق
وزمن انسحاب الجيش الإسرائيلي منه.
الخطة الأمريكية التي تدعمها الدول العربية والسلطة الوطنية الفلسطينية ومعظم دول العالم، خاصة بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي،
التي تربطها علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية مميزة مع إسرائيل، تنص على إدارة قطاع غزة بموجب حكم انتقالي عبر لجنة
فلسطينية تكنوقراطية غير سياسية تتولى تسيير الخدمات العامة والبلديات، وتكون تحت إشراف هيئة انتقالية دولية جديدة باسم " مجلس
السلام " يترأسه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الصديق الوفي لإسرائيل الذي يطمح للحصول على جائزة نوبل للسلام، وجني المال من
دول النفط، وتعزيز النفوذ الأمريكي في العالم العربي، وشخصيات دولية أخرى من أهمها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق طوني بلير
الذي تربطه علاقات قوية بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ورئيس الإمارات محمد بن زايد، وملك الأردن عبدالله الثاني، ورئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وجاريد كشنر صهر ترمب اليهودي المعروف بولائه لإسرائيل.
إذا أخذنا بعين الاعتبار أن كل مبادرة سلام طرحت للتفاوض ووقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة وانسحابها من الأراضي الفلسطينية
واللبنانية والسورية التي تحتلها فشلت فشلا ذريعا، وكانت نتائجها مكاسب لدولة الاحتلال وخسائر للعرب، وارتفاع سقف مطالب الكيان
وتراجع سقف مطالب العرب، وخدمة المشروع الصهيوني التوسعي في فلسطين والدول العربية، فهل خطة ترمب الحالية تختلف عن
مبادرات السلام السابقة؟ وهل ستنفذ جميع بنودها وتنهي حرب الإبادة الجماعية التي تشنها دولة الاحتلال على غزة؟
هذه الخطة تختلف عن الخطط السابقة إلى حد ما لكونها موافق عليها ومدعومة من معظم دول العالم، خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا
ودول الاتحاد الأوروبي وحماس والفصائل الفلسطينية الأخرى والسلطة الوطنية الفلسطينية، وأنها جاءت في الوقت الذي كشفت حرب
الإبادة التي شنتها دولة الاحتلال على غزه عن وجهها الحقيقي كدولة عنصرية فاشية ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، وتضرب
عرض الحائط بالقوانين الدولية والقيم الأخلاقية، وتواجه عزلة عالمية، ومقاطعات اقتصادية وسياسية واحتجاجات وانتقادات من شعوب
العالم.
وعلى الرغم من ذلك، وبناء على المحاولات والمحادثات السابقة الفاشلة للتوصل لحل سلمي للصراع الفلسطيني الصهيوني، ووقف حرب
غزة، فإنه من المتوقع أن نتنياهو وأعضاء حكومته اليمينية المتطرفة الذين لا يؤمنون بالسلام والحلول السلمية، ولا يخفون مخططاتهم
لاحتلال كامل التراب الفلسطيني ودول عربية أخرى سيحاولون إفشال هذه الخطة بعد استعادتهم للأسرى الذين احتجزتهم حماس كما
فعلوا ذلك سابقا؛ ولهذا يجب على الفلسطينيين أن يهتموا اهتماما خاصا بأدق تفاصيل بنود الخطة، ويوضحوا موقفهم واهدافهم من قبولها،
وينهوا خلافاتهم البينية، ويوحدوا صفوفهم، ويعززوا جهودهم الدبلوماسية على الصعيدين العربي والدولي لتطويق دولة الاحتلال ومنعها
من التلاعب والهروب من تنفيذها، وأن لا ينسوا ابدا أن الدم الفلسطيني الزكي الذي روى تراب عزة، ومعاناة مئات آلاف الجرحى
والمصابين بعاهات جسدية دائمة، والدمار الهائل الذي ألحقته دولة الاحتلال بعزة يجب ان لا يضيع، بل يخلد إلى الأبد، ويكون منارة