مقالات

هواجسنا ، هل فاقت بصيص الطُمَأنينة لَدَيْنا ! بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان –

بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان -

هواجسنا ، هل فاقت بصيص الطُمَأنينة لَدَيْنا !
بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان –
(ما أضيق العيش لولا فُسحَة الامل)
كان من الضروري استنساخ عنوان هذا المقال الصادر عن صديق ٍعزيز مجيباً على سطورٍ قليلة حملت تفاؤلاً مّما ينتظر هذا البلد مستقبلاً من تغييرات جديدة لم تكن لتخطر على بال الغالبية العظمى من الشعب اللبناني الذي تغلّبت عليه شتى نظرات التشاؤم والقلق والخوف إلى الدرجة التي تآخى معها واصبحت لصيقةً به لم تفارق ماضيه وماخطّط لأيامه القادمة على اساسها ، ليس بفعل الارادة الحرّة وانما للعادة والتقليد الذي تقتضيه الفطرة الإنسانية وغريزة البقاء كآخر ما ينشده المواطن اللبناني هذه الايام من سُبُلٍ مشروعة للوجود على قيد الحياة .
تستحضرنا في مناسبة هذا الكلام ما كان يردّده الشهيد الرئيس رشيد كرامي في أوج الحرب اللبنانية عامي ٧٥/٧٦ : (ما أضيق العيش لولا فسحة الامل)، لا بل انه لطالما كان ينصح القلقين في التوجُّه إلى البحر والتمتع باستنشاق مادة اليود كوسيلة صحية علمية تزيل ما في دواخلهم من قلق وخوف في حربٍ داخلية ضروس كان هو احد كبار من دفعوا أثمانها وهو رئيس وزراء لبنان ، فكيف لا يتمدد الخوف بعدها لدى كل مواطن ومواطنة حين كان الموت لا يميّز بين رئيس ومرؤوس في ذلك المصير المحتوم الذي لم يستثنِ منطقة دون أخرى
او طائفة ومذهب وطبقة اجتماعية واتباع دين سماوي .
انها صفحات سوداء حالكة لماضٍ أليم عاشه اللبنانيون على مدى نصف قرنٍ من الزمن وما زالت عبارة ( تنذكر وما تنعاد) هي اللازمة للتعبير عن الامل في طي هذه الصفحات إلى الابد والتعلُّق باقل بصيصٍ من النور يُخرِجُنا من نَفَق الظلام ونحن نستقل قطار الحياة ، ليس من باب التفاؤل والأمل وحسب ، وانما لان الحياة هي المنتصرة دائماً على الموت ، وثقافة الحياة هي سلاح المؤمنين المدافعين ابد الدهر عن البقاء البشري والإنساني ولولاها لما تكرّست معانيها في كل الادبيات الروحية للبشر وجعلت منها القوانين الوضعية أساساً للمواثيق وحقوق الانسان .
لا يعني ما تقدّم ان نزيل الخوف والقلق من يومياتنا والبلد على اعتاب النهوض من جديد ، غير ان الخوف المشروع اليوم هو على بعضنا البعض كمواطنين عاشوا لسعات الفرقة والعيش في كانتونات متناحرة وصار من الواجب الوطني ان لانسمح لعقلية الكانتون ان تتحكّم بنا او ان يقودنا امير حظيرة متخلفة لا يعتاش سوى على زرع الشك والخوف الداخلي في دروبنا واصراره على جعل هذا الخوف متبادلاً كوسيلة جهنمية لا يمكنه الاستمرار بدونها .
نعم ، انه الخوف المطلوب منا كمواطنين لا نرى سقفاً للدولة سوى سقف الشرعية والمؤسسات والقانون ،
نعم ، انه القلق على الانجازات التي حققتها الحكومة حتى اليوم في زمنٍ قياسي لا يتعدى الاشهر وبوجود رئيسٍ لن يسمح بتكرار معزوفة( ما خلُّونا) وما ألحقت من تخريب متعمّد على البلد وتهرُّب من المسؤوليات وإجهاض لآمال من صدّق اُكذوبة الاصلاح والتغيير ولبنان القوي فَرَهَنَ البلد برمته لفاسدين انضموا إلى مُفسِدين لم يتورعَُوا عن ارتكاب اضخم سرقات العصر بالاستيلاء على اموال المودعين اللبنانيين في المصارف وقضوا على السمعة المالية والاقتصادية للبنان بقدر ما أوصلوا العملة اللبنانية إلى الحضيض .
وهو القلق على المصير الوجودي للبنان ، كياناً ودولةً ذات سيادة ، من اطماع عدوٍّ غادر زُرِعَ في قلب ارضنا العربية منذ العام ١٩٤٨ ليعطِّل شرايين الحياة لامتنا ويقطِّع أوصال أقطارنا مستمرّاً في عدائيةٍ لا تقتصر على احتلال أراضٍ ومواقع كما في جنوب لبنان وانما تحقيقاً لمزاعم تلمودية ومشاريع توسعيّة تاريخية لا تقتصر على كيانه الغاصب في فلسطين المحتلة وانما لحدودٍ مزعومة تبدأ من الفرات ولا تنتهي في النيل .
وكما تستحضرنا هنا كل ما صدر بالأمس من مواقف رئاسية مسؤولة تؤكد ان القطار انطلق وممنوع الوقوف بوجهه ، وان اتفاق الطائف يجب ان يُنجَزَ كاملاً بعد ثلاثة عقود ونيّف من الزمن ، كان البلد خلالها برمته أقرب إلى” جهنّم” وحضيضها من ايّ مصيرٍ مشؤوم آخَر ،
يقلقنا اليوم ما يُنشَر في العَلَن عن”تباينات”سياسية وامنية ، من شأن استفحالها ان تطيح بكل املٍ معقود على من اعتقدنا ان الفجر الجديد سيواكب حضورهما منذ خطاب القَسَم والبيان الوزاري ،
مع التأكيد ان هذا لا ولن يستقيم مع حملات التخوين والتشهير والتنمُّر التي يعج بها الاعلام المحلي ومواقع التواصل القائمة على قدم وساق وينبغي ايقافها ان لم يكن التحقيق مع مرتكبيها والإضاءة على تهديدها للسلم الاهلي .
اما كيف يترسخ الامل بفجرٍ جديد !
انه الوعي اللبناني الجمعي ولا شيئ غير ذلك كشرط اساسي لحماية كل تغيير جديد وتعزيز التفاؤل بمستقبل هذا البلد والتشبّث بوحدته الداخلية وأمنه واستقراره ولعاملٍ آخر فوق كل هذا وذاك : ان القيامة ليست غداً .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب