الصحافه

ديفيد إغناطيوس: ترامب المتغطرس حقق صفقة.. ولكن ماذا عن اللاعب المحوري فيها؟

ديفيد إغناطيوس: ترامب المتغطرس حقق صفقة.. ولكن ماذا عن اللاعب المحوري فيها؟

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا للكاتب ديفيد إغناطيوس قال فيه إن نهاية الحرب في غزة أشبه بالاستيقاظ من كابوس. ويمكنك أن ترى ذلك في وجوه الناس المطمئنة وهم يرقصون في شوارع إسرائيل وغزة مساء الخميس احتفالا بوقف إطلاق النار الذي يبدو أنه بدأ يترسخ بعد عامين من الصراع المرير.

وأشار إلى أن الإسرائيليين والفلسطينيين والعالم الذي يراقب في رعب، دعوا أن تصمت المدافع. لكن الأمر تطلب شخصية دونالد ترامب المتغطرسة والعنيدة لإقناع العالم باتفاق سلام. لقد فعل الرئيس المتبجح والمستقل ذلك بطريقة غير متوقعة: من خلال الاستماع إلى الآخرين وتنظيم تحالف ضم في النهاية جميع الدول العربية والأوروبية الكبرى، بالإضافة إلى إسرائيل وحماس.

وقال إغناطيوس: “مع ورود أنباء اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، تذكرت محادثة أجريتها في تل أبيب مع مسؤول إسرائيلي كبير بعد شهر من هجوم حماس الإرهابي المروع في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. قال لي: نحن مصدومون للغاية مما حدث لنا لدرجة أننا لن نتخذ قرارات صائبة بشأن كيفية إنهاء هذه الحرب. نحتاج إلى أمريكا لدفعنا لاتخاذ الخيارات الصحيحة”.

وأشار إلى أنه على الرغم من كل جهود الرئيس جو بايدن، لم يجد طريقة للقيام بذلك. لكن ترامب وجد. قرر أن وقت السلام قد حان، وأنه لن يتسامح مع أي تباطؤ آخر من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أو حماس. اليوم، هدأت ساحة المعركة أخيرا.

وذكّر بأن من الواضح أن خطة ترامب للسلام قد تنهار. فهذا هو الشرق الأوسط. تفاصيل رئيسية مثل نزع سلاح حماس لم تُحسم بعد. لكن في تحقيق وقف إطلاق النار، أظهر ترامب مهاراته واستخدم تكتيكات أظهرت مرونة وتعاونا أكبر مما هو معتاد عليه. استمع إلى نصائح الخبراء وغيّر بعض آرائه. انخرط في دبلوماسية سرية خفية، خاصة مع قطر.

وأوضح أن تلك لم تكن مفاوضات دبلوماسية بقدر ما كانت تحالفا لعقد الصفقات. لم يكن مبعوث ترامب ستيف ويتكوف يعرف الكثير عن الشرق الأوسط. لكنه وترامب اكتشفا مَن هم الأذكياء في الغرفة. ضمّت تلك المجموعة توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، الذي يتمتع بعلاقات واسعة في المنطقة، ويميل إلى تحسين صورته، وجاريد كوشنر، صهر ترامب ومهندس اتفاقيات إبراهيم، المتعطش لفرصة أخرى لإبرام الصفقة الإسرائيلية الفلسطينية التي أفلتت منه في عام 2020.

أما اللاعب الثالث المحوري، بحسب ما ورد في مقال إغناطيوس، فكان شخصا ربما لم تسمعوا به من قبل: علي الذوادي، وزير الشؤون الاستراتيجية القطري. عادة ما تُظهر صور فريق التفاوض القطري رئيس الوزراء الماهر، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. لكن الذوادي، مثل ويتكوف، لاعب تفاوضيٌ يُفضّل البقاء بعيدا عن الأضواء. وقد لعب دورا حاسما في تشكيل ائتلاف وقف إطلاق النار.

وقال إن هذا التقرير عن المفاوضات يستند إلى محادثات مع مسؤولين قطريين وإسرائيليين وأمريكيين. كان القطريون وسطاء رئيسيين منذ أول صفقة لإطلاق سراح الرهائن في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023. وتمكنوا من التواصل مع الموساد، جهاز المخابرات الإسرائيلي الذي كانوا على اتصال سري به لأكثر من عقد، ومع قادة حماس السياسيين المقيمين في الدوحة. عمل القطريون بشكل وثيق مع إدارة بايدن، وعززوا هذا التعاون مع فريق ترامب، وساعدوا في التوسط في صراعي رواندا والكونغو، وأرمينيا وأذربيجان. وعندما قرر ترامب أن الوقت قد حان لإنهاء الحرب التي استمرت 12 يوما بين إيران وإسرائيل، ساعدت قطر في التوسط في الاتفاق.

وأكد أن من المفارقات أن الانفراج في مأزق غزة الدامي جاء بعد أن هاجمت إسرائيل قادة حماس في قطر الشهر الماضي. وقد صدم ذلك القطريين، لكنه منحهم نفوذا. وهددوا بإنهاء جهود الوساطة ما لم تعتذر إسرائيل علنا، وما لم تقدم الولايات المتحدة ضمانات أمنية ضد أي هجمات مستقبلية. وقد حصل القطريون على كليهما، مما ساعدهم على حفظ ماء الوجه في العالم العربي، وعزز نفوذهم.

وأوضح أن الهجوم على قطر كان نقطة تحول بالنسبة لترامب أيضا. فقد أظهر لنتنياهو في نيسان/ أبريل أنه سيواصل نهجه الخاص، بإعلان مفاجئ أثناء وجودهما معا في المكتب البيضاوي أن ويتكوف سيبدأ محادثات نووية مع إيران، مصحوبا بإشادة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خصم إسرائيل. (قال ترامب: أنا معجب به، وأعلم أنه معجب بي).

وقال إنه عندما علم ترامب بالهجوم الإسرائيلي الوشيك، اتصل ويتكوف بالذوادي لتحذيره، لكن اتضح أنه فات الأوان. في أعقاب ذلك، تحرك ترامب نحو وقف إطلاق النار هذا الأسبوع على الرغم من عدم رضا إسرائيل.

وأكد أن القطريين اتخذوا عدة خطوات أثمرت في المفاوضات. فاقترحوا أن يلتقي ترامب بجميع الأطراف العربية الرئيسية -المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن- في نيويورك خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتوصلت المجموعة إلى ما أصبح فيما بعد خطة ترامب المكونة من 20 نقطة لوقف إطلاق النار و”مجلس السلام” للإشراف على الانتقال السياسي في غزة بعد الحرب. كما حثّ القطريون تركيا، الدولة الإسلامية ذات النفوذ على حماس، على الانضمام إلى فريق التفاوض.

وأشار إلى أن الفصل الأخير كان هذا الأسبوع في مصر، حيث التقى الذوادي برون ديرمر، أقرب مساعدي نتنياهو، لمناقشة التفاصيل المتبقية. ورغم أن ديرمر كان أحيانا خصما شرسا لقطر، إلا أن المحادثات كانت صريحة ومثمرة، وفقا لمسؤول قطري. وبضغط من ترامب، وافقت إسرائيل على إجراءات لوقف إطلاق نار أولي واتفاق لإطلاق سراح الرهائن، رغم عدم وجود اتفاق حتى الآن بشأن القضية الحاسمة المتمثلة في كيفية وتوقيت نزع سلاح حماس.

وأوضح أن هذا اتفاق سلام يحمل العديد من التفاصيل التي تحمل علامة “سيتم تحديدها لاحقا”. هكذا يتفاوض العرب غالبا، والإسرائيليون أيضا. سيستمر التفاوض حول الشكل الدقيق لخطة ترامب “اليوم التالي”، ولكن ليس مع وجود الرهائن الإسرائيليين تحت الأرض. إذا عرقلت إسرائيل أو حماس اتفاق سلام يحمل علامة “DJT”، فقد يكون هناك، كما يحب ترامب أن يقول، “ثمن باهظ”.

وخلص الكاتب إلى أنه من الصعب رسم موازنة استراتيجية في نهاية حرب كهذه، خاصة مع ارتفاع التكلفة البشرية. لقد تضررت سمعة إسرائيل الدولية، لكن ألد أعدائها -حماس وحزب الله وإيران- تضرروا بشدة أيضا. وقد تكون دول الخليج العربي، وعلى رأسها قطر الصغيرة، أكبر المستفيدين، إذ وجدت في البيت الأبيض من يدافع عنها، ولا يتردد في إصدار الأوامر لإسرائيل.

 “القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب