مقالات
غزّة التلاقي بين شمالها وجنوبها قضية شعب وأرض بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين حسن الدياب -استاذ جامعي -دمشق-
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين حسن الدياب -استاذ جامعي -دمشق-

غزّة التلاقي بين شمالها وجنوبها قضية شعب وأرض
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين حسن الدياب -استاذ جامعي -دمشق-
من لايأخذ التاريخ بأحداثه،دروساً تتعلم منها الأمم،فصراع الأجيال فيها قضايا وأحداث وواقعات،يجب أن يبحر فيها العقل الواعي،الملتزم،حتى يصل إلى حقائق هذا الصراع،ليس للذكرى فقط،وانّما لتكون هذه الذكرى،نقطة توقف وتحليل،ووضع ظواهر هذا الصراع في مكانها وزمانها،وما أتت به من نتائج،حتى نضع لها معانيها المستحقة،والتي تصبح أدوات منهج،للمقارنة بين صراع الأجيال،كل في معطياته ومحدداته ومؤشراته،حتى نصل خصاص هذا الجيل وذاك،وطرق تعامله ومواجهته مع قضاياه وهمومه وواجباته تجاه التحديات التي تواجهه،مع ربطها مع تداعياتها القريبة و البعيدة،وكما يجب أن تراها الأجيال،كل جيل في حاضره ومستقبله،وماضيه،يوم تركها الحبل الذي سبقه.
إذاً؛ من خلال جدلية التواصل بين صراع الأجيال،نأخذه منهجاً لدراسة طوفان الأقصى،بوصفه حدثاً فلسطينياً يخص القضيةالفلسطينية بوصفها قضية تحرر من الاستعمار الصهيوني،وقضية تواصل في دائرة الصراع بين الأجيال،كل جيل يراها بعين مستحقاتها لبلوغ تحررها،ويراها بموضوعيةتطرح أمامها،ماحملت نضالياً من الماضي،وأسباب توقفها عند تلك الواقعة وذلك الحدث،شرط أن يسمي الواقعة والحدث بمسمياتها،وصورتها الراهنة والمستقبلية،في سياق الحرص
على أخذها في إطار جدلية تداخل الزمن الماضي في الحاضر
وتداخلهما وحضورهما في المستقبل.
طوفان الأقصى كان تلبية لعدة عوامل،وكل عامل له مستحقاته
مأخوذاً بماضيه وحاضره ومستقبله.
القضية الفلسطينية وضعت في أدراج،كل درج له عمقه وسعته،وأسبابه الموضوعية والذاتية،ومن أنها قضية مركزية للأمة العربية.ومن هذه الأدراج الأنظمة العربية التي استسلمت للضغوط الدولية الصهيونية، التي انخرطت في عملية التسوية،على حساب النضال.
القضية الفلسطينية أصبحت قضية أنظمة عربية،استلمت الوضع الفلسطيني في ظل تركة الهزيمة والنكسة والفشل .
القضية الفلسطينية في ظل هذه التركة الثقيلة ضاعت بين اتفاقات واعترافات مع الكيان الصهيوني.
القضية الفلسطينية في سياق ماتقدم صار وضع حكومة عباس
وإملاءات سلطة الاستعمار الصهيوني عليه تجعل قوى الشر الصهيوني في حالة ضم أراضي جديدة وتحويلها إل مستعمرات،واعتداء على حرمات المسجد الأقصى ,وما يرافقه من اعتداءات يومية على الشعب الفلسطيني في كل مكان من أرض فلسطين.
تجاه كل هذا رأت المنظمات الفدائية لابد من مغالبة هذه التحديات، وفي جوانية هذه المغالبة وضع التسوية التي تقوم بها الأنظمة العربية متكلة على الفراغ القومي،إذا جاز هذا التعبير ،في أعقاب العدوان الأطلسي الصهيوني على العراق دولة ونظاما وشعباً ووجوداً،وتمثل وجه المغالبة القيام بطوفان الأقصى الذي أخرج القضية الفلسطينية من درج التسوية وترك الضفة الغربية وغزّة حلالاً زلالاً للكيان الصهيوني.
وكان الثمن الذي دفع الشعب الفلسطيني غالياً في الأنفس والسكن والزرع والماء،وكل مستحقات وحق الشعب الفلسطيني أن يعيش.
ويعيبون على طوفان الأقصى ماجرى لشعب غزّة من دمار وخراب واستشهاد وتهجير ًحرب إبادة وفصل وعزل عنصري,وتسأل هذه التوجهات التي بيناها وعددناها وأظهرنا صورها ومشاهدها،هل تظل القضية الفلسطينة في سوق التسوية،وأنظمة عربية طلقت فلسطين،وتزوجت زواج حرام الإبراهيمية .
إذن مالحل،مالعمل؟كان جواب القوى الحية ممثلة بالمنظمات الفدائية . وكان طوفان الأقصى الرافعة التي رفعت القضية الفلسطينية إلى مستواها القومي الإنساني،واستنهضت شعوب العالم دفاعاً عن فلسطين،وإسقاطاً لكذبة معاداة السامية،وإظهار الثقافة الصهيونية
في حقائقها المعادية للبشرية،وتم عزل الكيان الصهيوني في محبس الرأي العالم العالمي،وصمود المقاومة وحده هو المكلف في وضع نهاية للصهيونية العالمية.ومسألة التباكي على نزوح أهل غزّةً من الشمال تارة وإلى الجنوب تارة إخرى ،هذا الثمن الذي دفع من قبل إحرار غزة
كان يجب أن يدفع مع غلاوته وتكلفته وثمنه،ففلسطين لن تعود إلى أهلها وعروبتها بأطروحات أنظمة التسوية واتباع الإبراهيمية ،الأنظمة التي لم تستطع في لحظتها ماقالته شعوب العالم،ونضع نضال الشعب الفيتنامي صورة طبق الأصل لنضال الشعب الفلسطيني غزة أنموذجاً.
ويبقى التهجير من الشمال إلى الجنوب مسألة شعب وأرض وضعه طوفان الأقصى أمام مصيره،ليكون رسالة وأمانة للأجيال الفلسطينية القادمة ،هذه الأجيال التي عاشت عصر بطولتها،وأجيال قادمة ستتسلم رايات الدولة الفلسطينية وعداً من أحرار طوفان الأقصى لتبلغ فلسطين العربية محررة من النهر إلى البحر،ذلك التاريخ صلة الوصل الدائم بين شعب وأرض.
هكذا ترى هذه التوجهات طوفان الأقصى في يومنا العربي هذا وفي المستقبل الموعود.
د-عزالدين حسن الدياب