رئيسيالافتتاحيه

اتقوا الله في أنفسكم وأوطانكم

اتقوا الله في أنفسكم وأوطانكم
بقلم:  رئيس التحرير
اتقوا الله في أنفسكم وأوطانكم، فالوطن ليس ساحة لتصفية الحسابات، ولا غنيمة يتقاسمها الطامعون، ولا وسيلة لتحقيق المصالح الضيقة. الوطن أمانة، ومن خان الأمانة خان نفسه قبل أن يخون ترابه.
لقد بلغ التجاوز حدًّا لم يعد يُحتمل، فبدل أن نرتقي بخطابنا الوطني ونرصّ الصفوف أمام التحديات، نرى البعض يعبث بالثوابت، ويستهين بالقيم، ويستسهل المسّ بقدسية الوطن تحت ذرائع واهية. هؤلاء نسوا أن التجاوز على الوطن خط أحمر لا يُغتفر، وأن الولاء له ليس شعارًا يُرفع في المناسبات، بل سلوكًا يُترجم بالصدق والانتماء والالتزام بالقانون.
الوطن لا يُصان بالصراخ ولا بالاتهامات، بل بالإخلاص في العمل، وبالصدق في القول، وبالعدل في الموقف. من تجاوز حدود مسؤوليته، أو استغل منصبه، أو جعل المصلحة الشخصية فوق مصلحة الوطن، فقد خان الأمانة وخرج عن الصف الوطني.
نحن بحاجة إلى صحوة ضمير، إلى أن نعيد الاعتبار للقيم التي قامت عليها أوطاننا، إلى أن نضع حداً للفوضى والتراشق والعبث، وأن ندرك أن الأوطان تُبنى بالوفاء لا بالولاءات، وبالوعي لا بالغرائز.
لقد علمنا التاريخ أن الأمم التي فقدت بوصلتها الأخلاقية سقطت مهما بلغت قوتها، وأن الشعوب التي لم تتقِ الله في أوطانها تاهت في ظلمات الانقسام والضياع.
واليوم، ونحن نعيش أخطر مراحل تاريخنا المعاصر، حيث تتكالب المشاريع الإقليمية وتُرسم خرائط النفوذ على حساب قضايانا المركزية، لا مجال للتهاون أو الانقسام. فكل خلاف داخلي هو خدمة مجانية للعدو، وكل صوت يزرع الفتنة هو طعنة في خاصرة الوطن. إن المرحلة تتطلب وحدة الموقف والصف، ووعيًا جماعيًا يُدرك أن بقاء الدولة واستقرارها مرهون بقدرتنا على تجاوز الأنانية الضيقة والارتقاء إلى مستوى التحدي الوطني.
فلنتقِ الله جميعًا في وطننا، ولنكفّ عن التجاوز، فالوطن فوق الجميع، ومن تجاوز حدّه أساء لنفسه قبل أن يسيء لأرضه وشعبه، ولن يرحم التاريخ من يقف على الضفة الخاطئة من المسؤولية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب