تحقيقات وتقارير

20 عاماً على كتابة الدستور العراقي الجديد: الشيعة لا يمانعون في مراجعته والأكراد أبرز المطالبين بتطبيق بنوده

20 عاماً على كتابة الدستور العراقي الجديد: الشيعة لا يمانعون في مراجعته والأكراد أبرز المطالبين بتطبيق بنوده

مشرق ريسان

يجري الحديث عن وجود حاجة لتقييم الدستور العراقي ومراجعة بنوده، مع إمكانية إجراء تعديلات عليه، يقابله تمسّك كردي بالالتزام بفقراته، بكونها الطريق الوحيد لحلّ الأزمات المعمّقة في البلد.

بغداد ـ «القدس العربي»: في منتصف تشرين الأول/أكتوبر عام 2005، توجه الناخبون العراقيون إلى صناديق الاقتراع للتصويت في استفتاء بشأن التصديق على دستور جديد للبلاد، عقب الإطاحة بنظام صدام حسين، واليوم بعد مضي 20عاماً على هذه الوثيقة التي من المفترض لها أن تسهم في تنظيم حياة العراقيين على جميع المستويات (سياسية، أمنية، اقتصادية، اجتماعية)، يجري الحديث عن وجود حاجة لتقييم الدستور العراقي الجديد ومراجعة بنوده، مع إمكانية إجراء تعديلات عليه، يقابله تمسّك كردي بالالتزام بفقراته، بكونها الطريق الوحيد لحلّ الأزمات المعمّقة في هذا البلد.
ولإجراء أيّ تعديل دستوري، يُشترط أن يكون وفق اقتراح رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين، أو عِبر طلب مقدم من خُمس أعضاء البرلمان (عدد أعضاء البرلمان 329 نائباً).
وجاء في المادة 126 من الدستور العراقي أن التعديل يتم «بعد تصويت أغلبية النواب في البرلمان على التعديلات، ثم عرض ذلك على التصويت باستفتاء شعبي. وتعتبر التعديلات مجازة إذا لم تُرفض من قبل ثلثي سكّان ثلاث محافظات».
وبالتزامن مع الذكرى السنوية الـ20 على التصويت على دستور جمهورية العراق الجديد، لم يمانع زعيم تيار «الحكمة الوطني»، المنضوي في «الإطار التنسيقي» الشيعي، عمار الحكيم، إجراء مراجعة لهذه الوثيقة، رغم إنه من الداعمين لتطبيق بنودها كـ«وحدة واحدة» وليس بانتقائية.
الحكيم أفاد في تصريحات أطلقها خلال تجمّع حواري في مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، بأن «الدستور يمثل إرادة العراقيين ومصالحهم وتوجهاتهم المختلفة، لكن ما حصل خلال العشرين سنة الماضية أن كل طرف ركز على حقوقه أكثر من التزاماته».
ولفت إلى أن «كل مكون من المكونات ركز على مواد محددة ويتحدث عنها بدون أن يراعي مواد أخرى قد تكون التزاماً له تجاه الشريك الآخر، وفي بلد قائم على الشراكة يجب أن يسأل كل طرف: ماذا يقدم لشريكه وماذا يأخذ منه؟ فإذا فكر كل طرف بما يناسبه فقط تحصل المشكلة».
وأضاف: «يبدو لي علينا أن نقبل الدستور كوحدة متكاملة بكل ما لنا وما علينا، ونجعله أساساً. واليوم، في ظل الاستقرار النفسي والسياسي والأمني والاجتماعي الذي نجده في بلادنا، قد يكون الوقت مناسباً لمراجعة هذا العقد الاجتماعي والسياسي».
وأوضح أنه «بعد مرور أكثر من عشرين سنة لا مانع من مراجعة هذا العقد والتأكد أن ما كتبناه في هذا الدستور يمثل مصالحنا الكاملة اليوم، أو أن الهواجس التي كانت تحكمنا عند سقوط الدكتاتورية جعلتنا ننظر إلى الأمور بطريقة مختلفة. اليوم وبعد تغير الظروف وظهور أجيال جديدة قد نحتاج لبعض التعديلات».
وأشار إلى أن «الدول العريقة في الديمقراطية تراجع دساتيرها بين فترة وأخرى، ولا ضير أن نقوم بمثل هذه المراجعة في ظل الاستقرار، لنتأكد أن مسارات الدستور التي وضعناها كانت صحيحة، لكن هذا الدستور بما هو عليه يمثل عقداً اجتماعياً يجب أن نلتزم به بشكل كامل بما لنا وما علينا».
موقف الحكيم هذا جاء متزامناً مع ما أكده زعيم الحزب «الديمقراطي» الكردستاني، مسعود بارزاني، أن عدم تطبيق الدستور هو السبب الرئيسي للأزمات في العراق والمشاكل القائمة بين بغداد والإقليم.
وأوضح بارزاني في كلمة له خلال حفل إعلان مرشحي الحزب الديمقراطي الكردستاني الأسبوع الماضي، أن «النظام المركزي لم يعد قائماً في العراق وفق الدستور»، مشيراً إلى أن «قانون الانتخابات الحالي غير عادل ويجب تعديله للانتخابات المقبلة».
وأشار بارزاني إلى أن «الدستور لا يخلو من النواقص، لكنه يحتوي على العديد من النقاط الإيجابية».
واتساقاً مع الموقف الكردي الراغب في المضي بالدستور الحالي وتطبيق بنوده بعيداً عن الانتقائية، يرى رئيس الجمهورية، عبد اللطيف جمال رشيد- وهو قيادي في حزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني، أن الدستور العراقي هو واحد من أفضل دساتير العالم لما يتضمنه من «مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية».
وفي بيان رئاسي، ذكر رشيد أنه «في الخامس عشر من تشرين الأول/أكتوبر عام 2005، قال شعبنا كلمته الحرة في استفتاءٍ شعبيٍّ تاريخيٍّ أقرّ من خلاله دستور جمهورية العراق، ليكون هذا اليوم محطةً وطنيةً فاصلة في مسيرة بناء الدولة العراقية المعاصرة، وانتقالها من نظام شمولي مركزي إلى نظام نيابي فيدرالي ديمقراطي يُجسّد إرادة الشعب ومبدأ سيادته على أرضه ووطنه».
واعتبر أن الدستور جاء «ثمرة خيارٍ وطنيٍّ حرٍّ ومسؤول، ونتيجة توافقٍ مجتمعيٍّ وسياسيٍّ شامل جمع بين مكوّنات الشعب العراقي كافة من العرب والكرد والتركمان والمسيحيين وبقية المكوّنات، ليكون العقد الاجتماعي والسياسي الذي ينظم الحياة العامة، ويضمن الحقوق والواجبات، ويرسّخ مبدأ الشراكة في إدارة الدولة وحماية وحدتها».
وأكد رشيد أن «لا خيار أمام العراقيين إلا الخيار الدستوري في معالجة الخلافات وحلّ الإشكالات، إذ أن التمسك بالدستور وتطبيق مواده نصًّا وروحًا هو الطريق الوحيد لحماية النظام الديمقراطي وصون وحدة البلاد»، مشدداً على أن «التحول الدستوري الذي شهده العراق قبل عشرين عامًا مثّل نقطة تحولٍ جوهرية من نظامٍ مركزي شمولي تفرد بقرارات الدولة، إلى نظامٍ فيدرالي ديمقراطي، يقوم على توزيع السلطات، وضمان المشاركة، واحترام التنوّع والتعددية في إطار الوحدة الوطنية».
وفي الذكرى العشرين لإقرار دستور جمهورية العراق، دعا الرئيس العراقي مجلس النواب إلى «إقرار مشاريع القوانين التي تقدمت بها إلى المجلس الموقر، مثل قانون المحكمة الاتحادية، وقانون الهيئة العليا لتمكين المرأة، وقانون المجلس الأعلى للمياه، وقانون تعديل الأول لقانون المخدرات والمؤثرات العقلية، وقانون جائزة العراق للإبداع، وقانون إفراز الأراضي السكنية، وقانون مجلس الاتحاد، وقانون استرداد عائدات الفساد، بالإضافة إلى عدة مشاريع قوانين لإلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، كما تدعو القوى السياسية والسلطات التشريعية والتنفيذية إلى العمل على تسريع استكمال التشريعات الواردة في الدستور وتطبيق المادة 140 من الدستور وإقرار قانون النفط والغاز بما يضمن تحقيق العدالة الدستورية والاستقرار الوطني».
واعتبر أن «خيارنا في بناء نظامٍ دستوريٍ ديمقراطيٍ لم يكن سهلًا بعد عقودٍ من الحكم الشمولي، لكن إرادة العراقيين كانت أقوى من التحديات، وما زالت تمضي بثباتٍ نحو ترسيخ دولة المؤسسات والقانون»، لافتاً إلى أن «دستور جمهورية العراق من الدساتير المتقدمة والمنسجمة مع مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية، ويمثّل تجربةً رائدة في المنطقة».
كما دعا رشيد إلى «وحدة الكلمة ورصّ الصفوف بين أبناء شعبنا من جنوب العراق إلى إقليم كردستان، ومن شرقه إلى غربه، ليبقى العراق وطنًا حرًّا موحدًا لجميع أبنائه».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب