ثقافة وفنون

المعذبون أنبياء الحكمه بقلم:حسين عبدالله جمعة

بقلم:حسين عبدالله جمعة

المعذبون أنبياء الحكمه
بقلم:حسين عبدالله جمعة
ما وجودنا في هذه الحياة، إلا لنأخذ نصيبنا من خيباتها وعثراتها وإذلالها لنا…
نرحل في النهاية ونحن نحمل شهادة صامتة: أن الحياة لم تكن سوى شيء عابر، مسرحية فكاهية أُعدّت أصلاً للسخرية منّا.
الممالك التي بنيناها على مبدأ: “أنا أعز منك مالاً وولداً”، لم تكن سوى أوهام مشيّدة على رمال متحركة.
لحظة واحدة تكفي كي تتهدّم، فتسقط فوق رؤوسنا ونكتشف أننا لم نملك شيئًا أصلًا، سوى سراب كنا نحرسه.
المعذبون هم المسكونون بالحكمة،وعذاباتهم، على قسوتها، نعمة من الخالق…
فهم الأقرب إلى نور الله، والأكثر معرفة بسرّه.
ومع الوقت، تتحول تلك الجراح إلى بصيرة،وتصير المرارة لذّة لا يذوقها إلا الكرماء.
نمشي في العمر مثل قوارب تائهة،تحملنا الأمواج بين مدّ وجزر،باحثين عن ميناء للخلاص،لنفرغ فيه ما تحمله قلوبنا من تعب.
لكن حتى في الميناء،ثمة من ينتظرك على قارعة الطريق،ليسرق آخر ما تبضّعت من فرح.
وكلما اعتقدنا أننا وصلنا،اكتشفنا أن الطريق أطول،وأن المسرحية لم تنتهِ بعد.
ورغم كل هذا…يبقى لنا شيء صغير لا يُسرق،
إيماننا بأن النور أقوى من العتم،وأن الكرامة، حتى في الانكسار،أبقى من كل الممالك الزائفة.
ورغم ذلك، يظل المعذبون الأجمل أثرًا… لأنهم يتركون وراءهم حكمة تشبه الضوء، لا يبهت، ولا يُسرق.
المعذَّبون؟ هم وحدهم الذين عرفوا أن الخيبة مدرسة، وأن الألم شهادة عُليا في الحكمة.هم الذين شربوا المرّ حتى صار في أفواههم عذبًا.
عرفوا أنّ القسوة قد تكون رسالة، وأن الصبر الطويل ليس ضعفًا، بل قربًا من نور لا يراه الطامعون.وتمضي بنا سفن الأمل، تائهة في عرض البحر…
وحين نلمح الميناء،لا نجد من ينتظرنا على الشاطئ…ومع ذلك، نضحك.
نضحك لأننا تعلمنا: لا شيء يدوم… لا المال ولا القلاع ولا الأقنعة ولا حتى الأصدقاء والعلاقات المزيفه.
وحدها الحكمة تبقى، ومعها وجوه المعذَّبين… أبناء الحكمة الحقيقيون.
حسين عبدالله جمعة
سعدنايل لبنان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب