ما بين الحرية والمصيدة (رحلة ليلى بين الفكر والقانون)

ما بين الحرية والمصيدة
(رحلة ليلى بين الفكر والقانون)
بقلم: المحامي علي أبو حبله
الفصل الأول: البذرة — حين تلتقي العدالة بالرمز
في قاعة تفيض بالأضواء والكلمات، اجتمع الأدباء والمثقفون تحت عنوان: “المرأة… صوت الإنسانية والحرية”. الخطابات متتابعة، تتغنى بالتمكين والمساواة، وتدعو لتحرر المرأة من القيود الاجتماعية، دون أن يُذكر صراحة اتفاقية سيداو، لكنها في مضمونها كانت تُعيد إنتاج روحها ومفاهيمها بلغة الأدب والرمز.
جلست ليلى، المحامية والكاتبة الشابة، في الصفوف الخلفية تتابع المشهد بعيون القانوني الناقد. رأت كيف تُطرح المفاهيم الحقوقية في قوالب شعرية وإنسانية، لا بصيغة قانونية مباشرة، وكيف يتحول النص الأدبي إلى وسيلة لتمرير الأفكار وتطبيعها في الوعي الجمعي.
همست لصديقتها:
“هل تلاحظين؟ لا أحد يذكر سيداو، لكن الخطاب كله يدور حولها.”
ابتسمت صديقتها وقالت:
“وهل يحتاج الفكر الحديث إلى اتفاقيات؟ يكفي أن يُلامس المشاعر.”
هنا أدركت ليلى أن ما يُطرح باسم الحرية ليس بريئًا تمامًا. فحين تتحول الاتفاقيات الدولية إلى سرد أدبي وإنساني جذاب، تُصبح أكثر قبولًا وأقل إثارة للجدل، ليُمرّر مضمونها تدريجيًا تحت لافتة “التمكين الثقافي” و“الحرية الإبداعية”.
إن الأدب الحديث – كما ترى ليلى – لم يعد مجرد تعبير فني، بل أصبح ساحة صراع فكري بين الهوية والتأثير الخارجي
الفصل الثاني: المرايا — صراع الذات مع التأثير الخارجي
في صباح اليوم التالي، حضرت ليلى ورشة عمل بعنوان: “التمكين الأدبي للمرأة: من الرمز إلى الحقوق”. القاعة كانت تعج بالكتاب والمثقفين ومسؤولين عن المشاريع الدولية.
مع كل كلمة تُقال، شعرت ليلى أن الأدب يتحول إلى أداة نشر لمفاهيم قانونية غير محلية. لاحظت الصحفي سليم، الذي يمثل الصوت المؤيد للفكر الحقوقي الغربي، وهو يدافع عن التمكين الثقافي ويطرح الأفكار بحيوية.
داخلها، صراع: الإعجاب بالحرية والوعي بالقيمة الإنسانية، مقابل الشك في أهداف المشروع “أحيانًا أعتقد أن الأدب يمكن أن يكون جسرًا بين الواقع والقانون،” قالت لنفسها.
“لكن ما إذا كان هذا الجسر يسير في الاتجاه الصحيح أم نحو تغيير الهوية، فهذا هو السؤال.
الفصل الثالث: الخيوط الخفية — بين النص الأدبي والقانون الدولي
بين الأوراق والمراسلات الرسمية، اكتشفت ليلى أن بعض المؤسسات الثقافية تمول برامج أدبية تسعى لتطبيع مبادئ سيداو تدريجيًا في الوعي الجمعي، دون أي نقاش قانوني وطني.
في مكتبها، جلست مع الدكتور نادر، أستاذ القانون الدولي:
“الأدب قوة عظيمة، لكنه يمكن أن يتحول إلى أداة لإعادة هندسة المجتمع فكريًا، تحت غطاء إنساني.”
ليلى شعرت بثقل المسؤولية: بين الواجب المهني كقانونية والواجب الأخلاقي كمواطنة تحرص على هوية مجتمعها.
الفصل الرابع: بين القانون والضمير — المعركة الحقيقية
أمام المحكمة، دافعت ليلى عن امرأة عربية في قضية حقوقية، لتكتشف تضاربًا بين القانون الوطني والمبادئ الحقوقية العالمية التي تُطبق ضمنيًا.
واجهتها هالة، مديرة المركز الثقافي، بابتسامة:
“نحن نزرع وعيًا، لنفرض الحرية تدريجيًا.”
أدركت ليلى أن العدالة ليست مجرد نصوص، بل وعي بالقيم ومراعاة الهوية الثقافية.
قررت أن الكتابة هي سلاحها الأقوى، لتكشف التلاعب الرمزي بالحرية.
الفصل الخامس: السقوط في المصيدة — حرية مغلفة بالرمز
تعرضت لمحاولة استغلالها كواجهة إعلامية لمشروع تمكين المرأة، واضطرت لمواجهة الضغوط من المجتمع المحافظ وزملائها المثقفين.
بدأت كتابة روايتها الخاصة: “ما بين الحرية والمصيدة”، تكشف كيف تتحول الرموز الثقافية إلى أدوات تمرير فكر قانوني عالمي.
“المصيدة الناعمة تبدأ بالمشاعر وتنتهي بالقوانين… والوعي هو السلاح الوحيد لمواجهتها.
الفصل السادس: لحظة الوعي — العدالة بين القانون والهوية
رحلة ليلى الداخلية بلغت ذروتها، حيث فهمت أن الحرية والمساواة الحقيقية لا تُفرض، بل تُبنى بالوعي والمعرفة، وفق مبادئ العدالة والهوية الثقافية.
حوار مع أمها أمينة أكد لها:
“الشرع والقانون لا يتناقضان، إذا فهمت المرأة حقوقها وواجباتها، تكون حرة بحق، وتحمي مجتمعها في الوقت نفسه.”
واجهت سليم:
“الحرية ليست في التمكين الرمزي، بل في إدراك الحق والواجب والعيش وفق قيم مجتمعنا وهويتنا.”
الفصل السابع: البيان الأخير — بين الرواية والدستور
قدمت ليلى روايتها في معرض الكتاب، أمام المثقفين والمسؤولين والجمهور. كشفت فيها كيف تُسلب الحرية الحقيقية تحت غطاء الأدب والتمكين الرمزي.
“الحرية والمساواة الحقيقية لا تُمنح بالقوالب الأجنبية، بل تُبنى بالوعي والعدالة، وفق القيم الدينية والتشريعات الوطنية، التي تحمي المرأة وتعزز وحدة المجتمع.”
المشهد الأخير: ليلى تمشي في شوارع المدينة، بين الدستور وروايتها، رمزًا لتوازن القانون والحرية، الفكر والهوية، الدين والمجتمع، حيث تحقق المرأة كامل حقوقها دون أن تفقد قيمتها وهويتها.
خاتمة: الدين والتشريع الإسلامي ووحدة المجتمع
أبرزت الرواية أن التشريع الإسلامي يضمن للمرأة حقوقها الكاملة: الكرامة، التعليم، المشاركة، والحماية الاجتماعية، وفي الوقت نفسه يحافظ على وحدة المجتمع واستقراره.
الحرية والعدالة لا تتحقق إلا حين تتوازن القوانين الوطنية، المبادئ الدولية، والشرع الإسلامي، بما يحفظ حقوق المرأة ويصون قيم المجتمع، ويُرسخ وعي الأجيال القادمة بأن الحرية مسؤولية وحق في الوقت ذاته.




