مقالات

كلُ من بعض احاديث وشواهد ومشاهد من الوطن العربي سورية العربية أنموذجاً بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي دمشق –

بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي دمشق -

كلُ من بعض
احاديث وشواهد ومشاهد من الوطن العربي سورية العربية أنموذجاً
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي دمشق –
في التراث” الفلكلور” تجارب الأمم والشعوب،وفيه شهادة على العصور التي مرت بها وعاشتها الأمم وفيه شاهد ومشاهد ترسم لوحات الحروب والبطولات،والفتح والغزو،وإلى جانب ذلك فيه مؤشرات ودلائل عن الشخصيات الاجتماعية الحضارية،للأمم،وخاصة تلك التي لها حضورها في التاريخ.
وفي التراث الأدب والفن والسياسة والاقتصاد. والحدائق
والشوارع،والمقاهي،والأغاني،والحكايات والأمثلة الشعبية التي تقول الحكمة،والشواهد،والأعراف،والدلائل والمؤشرات التي تقول لنا عن إحداث جرت،وواقعات سجلت حضورها في البناء الاجتماعي،ولاننسى ماحمل التراث من تنبؤات ونبوءات قالت ماحدث ووقع،وماشكل الدهشة الفردية والاجتماعية،وما أعلمتنا عن الصدفة،وصدق التّوقعات،وماحملت كل واقعة من أحداث،فيه أخبار متباينة في مضمونها،وما أرادت قوله.
وعلم الأنثروبولوجيا،والأنثروبولوجيا الثقافية،ترى في التراث كتابا مفتوحاً،تقلب صفحاته بحثاً عن مكونات الثقافة وسيرورة تواصلها،في
عفود تأتي بها من الماضي إلى الحاضر والمستقبل بحثا عن الشخصيات الاجتماعية،وما تحكمها من محددات فكرية وخلقية وأعراف وتقاليد،وثوابت قيمية.
ان التراث المفتوحة صفحاته أمام الباحث الأنثروبولوجي ليقول رايه في الظاهرة التي يدرسها ليستخلص،وليضع لها المعاني الكفيلة بإظهار حقائق هذه الظاهرة،وبنية تركيبها،وما بينها، من تاثير وتواصل متبادل  ومن ثم ظهوره في الشخصية الاجتماعية .
فإذا أردت ان تدرس خصائص الشخصية،ما عليك إلا العودة إلى نشأة هذه الشخصية وماحكمتها من موشرات ساهمت في تكوين هذه الخصائص،ومن ثم مسيرة هذه الخصائص.
ولايغيب عن الباحث أن يضع في اهتمامه،وهو يدرس هذه الخصائص ظاهرة التواصل بين الثقافات وتاثيرها على الشخصية وسلوكها الاجتماعي،وما يحمل من مفارقات.
ما أتينا به،يريد امتلاك الشرعية المنهجية في التحليل الثقافي،ليقف أمام قول يتردد في حياتنا العربية،قديمها وحديثها،وهذا القول لا ياتي مجاناً،وإنما له دلالاته،ومؤشراته التي تقول قولها ورأيها في الواقعات البنائية التي تجرب وتحدث في الحياة السورية،غداة أشهر وأسابيع طويلة،في حكم الزمن وما يمر به ويحمل من تحديات..
كلُه من بعض،وفي اللغة العربية”كُلَ” كلمة تفيد الاستغراق
لأفراد ما تضاف إليه أو أجزائه،كما في الحديث:(كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه-المعجم الوجيز-مجمع
اللغة العربية-القاهرة-1992-ص539-540″
وفي اللهجة الشعبية،تأتي مضرب مثل عن فعل الأنظمة في حياتنا العربية،بحيث أنّ هذه الأنظمة في شخوصها أو أشخاصها يكررون تصرفاتهم،بمعنى يعيدون أنفسهم في التصرفات والإجراءات وماحملت من سلوك اجتماعي وسياسي واقتصادي وأخلاقي و….إلخ
وسناتي بواقعة تحمل وتعكس وتفسر وتقول ما قالته”كُلًو من بعض:
الواقعة تغير أمين/ رئيس اتحاد الكتاب العرب في سوريا النظام السابق،أو البائد،الذي خرب في الحياة السورية ماشاء كان عن طريق الأجهزة الأمنية المختصة،تتشاور مع رئيس الاتحاد السابق،إما من أجل تغييره،توافقا مع سنن الاتحاد في عرف ظاهرة التغيير،وبناءعلى ثقافة الخوف من المعارضة وذهنيتها الأمنية،وما يحكمه من ثقافة النظام،وما لشخصية الحاكم من أسماء عظمى والقاب،يقوم الشخص الأمني الموكل في التغيير  باختيار رئيس الاتحاد في عملية انتخابية مفبركة ومرتبه،ثم يتبعه أعضاء المكتب.على طريقة انتخاب مجلس الشعب، وتمديد فترة الرئاسة المفتوحة إلى الأبد.
وطوال تاريخي في الاتحاد من قبل ومن بعد جرى الاتحاد على هذه العادة الديمقراطية جداًّ جدّاً،وكنا نحن من همشهم آلنظام السابق والمخلوع و….إلخ نتوقع بفعل خبرتنا أن يكون لنا رأينا في التغير(منطق الحلم)ولكن في الحقيقة لم أفاجأ للعقلية الانتقائية المحكومة بثقافتها الفصائلية،وما تكتنزه من ثقافة الخوف الأمني مما أقدمت عليه من إجراءات في تغيير رئيس الاتحاد،ثم تغيير من غيّرت في التغيير،فحق عليها القول :كل من بعض، وفحواه بالمعنى الشعبي؛كله بجيب ربعو ،ويا ويل إلِّ ماعنده ربع.هذا حال الوطن العربي.
د-عزالدين حسن الدياب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب