منوعات

فنانة مغربية في قلب الجدل بسبب نجاحها في مباراة للتدريس في معهد تديره- (تدوينات)

فنانة مغربية في قلب الجدل بسبب نجاحها في مباراة للتدريس في معهد تديره- (تدوينات)

عبد العزيز بنعبو

الرباط- : عادت الممثلة والمخرجة المسرحية المغربية لطيفة أحرار لتتصدر مواقع التواصل الاجتماعي، عقب إعلان نتائج مباراة توظيف أستاذ للتعليم العالي بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، الذي تشغل منصب مديرته.

وأظهر الإعلان، الذي شمل منصباً واحداً جرى التباري حوله، اسم أحرار ضمن الناجحين، ما أثار موجة من التدوينات الغاضبة والساخرة، اعتبر أصحابها أن “المديرة عيّنت نفسها أستاذة في معهدها”.

وأشار مدونون إلى تسلسل الأحداث، موضحين أن الإعلان عن المباراة صدر في 27 مايو/أيار 2025، فيما حصلت أحرار على شهادة الدكتوراه في 5 يوليو/تموز من العام نفسه، قبل أن يُعلن عن نجاحها في 27 أكتوبر/تشرين الأول. وتساءل أحدهم: “كيف ناقشت الدكتوراه بهذه السرعة، وأُحدث المنصب بهذه السرعة، ثم نجحت فيه داخل المعهد الذي تديره؟”.

وكتب أحد المدونين ساخرا: “السيدة المديرة لطيفة أحرار (تعيّن) لطيفة أحرار أستاذة في معهد عيّنتها على رأسه حكومة يقودها حزب الأحرار. إنه أغرب تضارب مصالح في هذا الزمن!” وفق تعبيره.

هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها أحرار للانتقاد، لكنها الأولى التي تُتهم فيها باستغلال المنصب. فالفنانة المعروفة بجرأتها الفنية كانت سابقًا محور جدل بسبب أعمالها ومواقفها، لكن تعيينها في هذا المنصب الأكاديمي أثار نقاشا حول الشفافية وتضارب المصالح.

صفحة “كراش سياسي” على “فيسبوك” ذهبت بعيدا في السخرية، ووصفت الواقعة بأنها “مسرح عبث إداري”، وكتبت: “المديرة لم تكتفِ بإخراج العرض، بل أدّت الدور، وكتبت النص، وصادقت على النتيجة النهائية. هكذا يُدار التعليم العالي بمنطق الإخراج الذاتي، لا البحث العلمي.”

وأضافت الصفحة أن “الجامعات لم تعد تنتج فكرا أو نقدا، بل مقاعد إضافية لمن يجلسون أصلا في الصف الأمامي”، معتبرة أن ما وقع ليس استثناء، بل انعكاس لنمط واسع من التعيينات التي تُفصّل على المقاس.

وكتب مدون يحمل لقب “شوميش الكركري” ساخرا: “حتى بمعايير الفساد، ما قامت به أحرار يُعتبر معجزة في الفساد!”، فيما اختار الصحافي والكاتب كمال أخلاقي أسلوبًا مسرحيًا في تدوينته قائلاً: “ثم جاءت لطيفة وجاءت المديرة وجاءت الأستاذة وجاء الوزير والأصحاب والنقاد، وجاء صمويل بيكيت شخصيًا وقال: باز!” (يعني عجبا) في إحالة واضحة إلى مسرح العبث.

أما الإعلامي عزيز كوكاس، فكتب: “يبدو أن المسرح تمدّد من الخشبة إلى كواليس المعهد نفسه، حيث جسدت لطيفة أحرار عرضا فريدا بعنوان (الامتحان في بيت الطاعة): مديرة تُشرف على المباراة من جهة ومترشحة تتفوق فيها من جهة أخرى.” وأضاف ساخرًا: “يقولون إن كل شيء تم وفق القانون، وهذا صحيح، فالقانون نفسه حضر العرض بدور ثانوي صامت، بينما لعبت الأخلاق دور الضحية التي لم يُذكر اسمها في الجينيريك.”

وختم كوكاس تدوينته متمنيًا “أن يكون في الأمر التباس أو تشابه أسماء، وأن تخرج المبدعة لطيفة أحرار بتكذيب وتصحيح يوضح حقيقة الأمر، لأننا مللنا العبث حقا”.

فضّلت بعض الأصوات طرح الموضوع من زاوية أخرى، مثل الكاتب الصحافي نور الدين لشهب، الذي اعتبر أن القضية “تستدعي تدخلاً عاجلاً من الوزير محمد المهدي بنسعيد”، لأنها “تطرح أسئلة جدية حول الشفافية وتكافؤ الفرص”. وتساءل: “من عيّن لجنة الانتقاء؟ من هم المترشحون المنافسون؟ وعلى أي أساس علمي جرى التباري؟ وهل كانت أحرار فعلاً الأكفأ أكاديميًا؟” ورأى أن الإجابة عن هذه الأسئلة “ستضع الوزارة أمام اختبار أخلاقي حقيقي”.

في المقابل، ارتفعت أصوات مدافعة عن الفنانة أحرار، معتبرة أن الهجوم عليها “ظالم ومشحون بالأحكام المسبقة”. المخرج عز العرب علوي كتب: “كثيرًا ما نحكم على الناس من خلال غشاوة الأحكام الجاهزة، لكن حين نقترب منهم نكتشف جوهرهم الحقيقي. لطيفة أحرار تمتلك ثقافة عالية وحسًا إنسانيًا نادرًا، وما أنجزته في المعهد خلال عام واحد لا يُنكر.” وأضاف: “تفوقها في نيل درجة أستاذة باحثة لا يفسد للود قضية، بل هو إضافة نوعية للمؤسسة، فهي أهل لذلك علميًا وأكاديميًا.”

أما الفنان عبد الحق بلمجاهد فهنّأها قائلاً: “ألف مبروك حبيبتي لطيفة أحرار، نجاح مستحق يدل على مهارتك والتزامك بالمسرح والسينما. للأسف، أحيانًا تثير الجدارة الجدل بدل التقدير”.

الصحافي عمر أوشن دافع عنها أيضًا قائلاً: “لطيفة أحرار فنانة كبيرة وأستاذة متمكنة، أكبر من الشواهد والدبلومات. أعرفها منذ سنوات وأشهد بمهنيتها وثقافتها الواسعة.” وتذكر حادثًا وقع قبل أكثر من 25 سنة حين أصيبت أحرار أثناء عرض مسرحي ونُقلت إلى المستشفى، قائلاً: “المسامحة”، في إشارة رمزية إلى الهجمة الإلكترونية ضدها.

أما المخرج طارق الربح، فكتب مهنئًا: “من الطبيعي أن تجتاز الدكتورة لطيفة أحرار امتحان ولوج التعليم العالي باستحقاق وتميز، فهي فنانة معطاءة، أستاذة مجربة، وباحثة متمكنة، ومدبرة محنكة. نجاحها تكريس لمسارها الطويل في خدمة المسرح.”

وجاء في تدوينة للفنان التشكيلي محمد حستي أن “ما تتعرض له هذه الفنانة الراقية والمتحررة فكريا ليس من باب نقد فني بناء أو ثقافي كمشروع بديل، بل هو تجريح اجتماعي مموّه بخطاب أخلاقي زائف، يُخفي وراءه حقدًا طبقيًا وفكريًا ضد امرأة كسرت القوالب النمطية التي رُسمت لها سلفًا”.

الجدير بالذكر أن لطيفة أحرار، الممثلة والمخرجة المغربية المعروفة، راكمت مسيرة فنية حافلة في المسرح والسينما والتلفزيون، ونالت جوائز وطنية ودولية عديدة. وارتبط اسمها بجدل كبير حدث سنة 2010 بعد عرض مسرحية “كفر ناعوم”، حين ظهرت فوق الخشبة بلباس السباحة، ما اعتبره البعض مساسًا بالحياء العام، فيما دافع عنها آخرون باعتبارها رمزًا لحرية التعبير والجرأة الفنية. وقد جرى تعيينها مديرة للمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي سنة 2022، وهي مرحلة وُصفت بـ”المفصلية” في تاريخ المؤسسة التي تخرّج منها عشرات الممثلين والمخرجين والسينوغرافيين.

“القدس العربي”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب