تحقيقات وتقارير

“عربي بوست” يتتبع التاريخ الحقيقي لظهور “المجد أوروبا”.. تفاصيل رحلاتها الجوية السرية وطريقة عملها الخفي لإخراج مدنيين من غزة

“عربي بوست” يتتبع التاريخ الحقيقي لظهور “المجد أوروبا”.. تفاصيل رحلاتها الجوية السرية وطريقة عملها الخفي لإخراج مدنيين من غزة

تتكشّف المزيد من الخيوط التي تقود إلى منظمة غامضة تسمى “المجد أوروبا”، والتي تحوّلت خلال أشهر قليلة إلى أحد أهم الوسطاء السريين في عمليات إخراج مدنيين من غزة، عبر مسارات لوجستية محكمة وتسهيلات إسرائيلية مباشرة، ويُظهر تتبّع البنية الرقمية للمنظمة، ومراجعة خطوط التواصل والمسارات الجوية لنقل الغزيين، شبكة مترابطة من الفاعلين والشركات تمتد بين إسرائيل ورومانيا وكينيا.

قاد الاستقصاء الذي أجراه “عربي بوست” إلى تحديد التاريخ الحقيقي لظهور “المجد أوروبا”، والذي يتنافى تماماً مع التاريخ الذي ادعته المنظمة حول بدء نشاطها، كما يحدد الشخصيات التي تساهم في عمليات الإجلاء، والشركات التي تولت النقل، والمبالغ المالية التي يدفعها الخارجون من غزة للمنظمة.

وتضيف شهادة أحد الركاب، الذين غادروا غزة إلى إندونيسيا عن طريق المنظمة، تفاصيل أخرى، عن طبيعة عمل “المجد أوروبا”، ومسار الخروج بدءاً من الخطوات الأولى وصولاً إلى الوجهة الأخيرة.

وترسم الأدلة التي جرى جمعها، ملامح الدور الذي تؤديه منظمة “المجد أوروبا” في إخراج مدنيين من غزة، في سياق يتقاطع زمنياً مع مشروع “الهجرة الطوعية” الذي أعلنت إسرائيل المضي في تنفيذه.

وتمنع إسرائيل خروج المدنيين من غزة بطرق قانونية واضحة، بعدما أغلقت كافة المعابر الحدودية، لتضطرهم إلى التعامل مع منظمة لا تتوفر حولها معلومات واضحة، لا سيما أن عشرات الفلسطينيين واجهوا مشكلات أثناء رحلتهم الأخيرة إلى جنوب إفريقيا التي كانت على وشك رفض استقبالهم بالكامل.

وكان قد وصل بالفعل مئات المدنيين في غزة إلى إندونيسيا وماليزيا وجنوب إفريقيا عبر رحلات جوية نُظمت تحت إشراف المنظمة، بينما واجه كثيرون منهم مشكلات في الدخول إلى جنوب إفريقيا، لتظهر لاحقاً تحذيرات بشأن نشاط “المجد أوروبا”، التي ما زالت تلتزم الصمت تجاه طبيعة عملها.

بداية ظهور المنظمة.. توقيت مثير للريبة

تحيط منظمة “المجد أوروبا” عملها بالكثير من السرية، وتكتفي بعرض معلومات لا تدعمها أدلة، من بينها ادعاء المنظمة بأنها تأسست عام 2010 في ألمانيا، وأنها تعمل في مجال الإغاثة بمناطق الصراع، وأن لها مقراً في الشيخ جراح بمدينة القدس.

رغم توجيه أسئلة مباشرة من “عربي بوست” للمنظمة حول سجلاتها القانونية وتاريخها، فإنها امتنعت عن تقديم ما يثبت وجودها في ألمانيا أو القدس، في وقت لم يظهر أي أثر لاسمها في قواعد البيانات الألمانية الخاصة بالكيانات والمنظمات غير الربحية.

لمعرفة تاريخ ظهورها الفعلي، أجرينا تحليلاً تقنياً للموقع الرسمي للمنظمة، وأظهرت نتائجه أن الموقع أُنشئ في 2 فبراير/ شباط 2025، في ذات الشهر الذي أعلن فيه وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عن تشكيل وكالة خاصة لتسهيل ما وصفه بـ”المغادرة الطوعية” لسكان غزة.

جاء هذا الظهور الرقمي لمنظمة “المجد أوروبا” أيضاً، بعد سلسلة تصريحات لمسؤولين إسرائيليين، أبرزهم إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، دعوا فيها إلى تسهيل “الهجرة الطوعية” من القطاع.

المجد أوروبا غزة
البيانات الخاصة بإنشاء موقع منظمة “المجد أوروبا” – عربي بوست

تُظهر بيانات التسجيل الخاصة بالموقع أن القائمين عليه أخفوا المعلومات التي تكشف هوية المسؤولين عن الموقع، فيما يكشف تحليل البنية التقنية للموقع أن الخادم الذي تستضيف عليه المنظمة موقعها مشترك مع أكثر من 374 موقعاً آخر، بعضها مُصنَّف على أنه يرسل رسائل مزعجة أو يستضيف محتوى ضاراً.

نتيجة لهذه البيئة التقنية غير الموثوقة، أُدرج عنوان الـIP الخاص بالموقع ضمن قوائم الحظر (DNS Blacklists) التي تستخدمها أنظمة الأمن الإلكتروني لرصد الأنشطة المشبوهة.

ولا يعني وجود الموقع على خادم مُدرج في “القائمة السوداء” أن الموقع نفسه ضار، لكنه يشير إلى اختيار بيئة استضافة غير آمنة وغير مهنية، وهو أمر غير مألوف في عمل المنظمات الإنسانية التي تعتمد عادة على خوادم مستقرة لحماية بيانات المستفيدين والمتبرعين وضمان استمرارية خدماتها.

المجد أوروبا غزة
عربي بوست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب