الصحافه

الإعلام الغربي ليس حرًا.. كيف تتحوّل الأخبار إلى آلة دعاية للحرب؟

الإعلام الغربي ليس حرًا..  كيف تتحوّل الأخبار إلى آلة دعاية للحرب؟

رائد صالحة

واشنطن-  نشرت الكاتبة الصحافية كاتلين جونستون على منصتها الخاصة مقالًا بعنوان “آه… بروباغندا الحرب القديمة!”، تناولت فيه الطريقة التي تستخدمها وسائل الإعلام الغربية، وخصوصًا تلك المملوكة لعائلة مردوخ، في ترويج الحروب والتأثير على وعي الجماهير، لصالح الأجندات الإمبراطورية الأمريكية.

وول ستريت جورنال نموذجًا: الأخبار كأداة حرب

بدأت جونستون مقالها بالإشارة إلى تقرير “وول ستريت جورنال” الذي صدر تحت عنوان “كيف تُغرق عصابات فنزويلا وجهاديون من أفريقيا أوروبا بالكوكايين”، في وقتٍ تزامن مع إنذار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو بالمغادرة فورًا إذا أراد النجاة بحياته. وركّز التقرير على دور مادورو في تهريب المخدرات، وحاول ربط ذلك بالجماعات الجهادية، مع الإشارة إلى أن الأوروبيين “يجب أن يشكروا الولايات المتحدة” على عمليات تدمير ما يُسمّى بقوارب المخدرات.

وأشارت جونستون إلى أن التقرير يحتوي على كل عناصر البروباغندا الحربية التقليدية: تصوير “الطاغية الشرير” والتهويل من خطره، تخويف الجمهور بـ”الجهاديين” والترويج لفكرة تدخل خارجي محتمل لتغيير النظام.

وأضافت أن هذا النوع من التقارير يهدف إلى تهيئة الرأي العام الغربي لدعم السياسات الإمبراطورية الأمريكية، وليس لنقل الحقيقة أو تقديم أخبار دقيقة.

الإعلام الغربي ليس حرًا: الأسطورة الكبرى

وأوضحت جونستون أن أكثر المفاهيم الخاطئة انتشارًا عن الإعلام الغربي هي أنه “حرّ”. فالصحف والقنوات الأكثر تأثيرًا ليست موجودة لتقديم أخبار دقيقة، بل لتصنيع قبول شعبي للأجندات الإمبراطورية الأمريكية. نعم، تنشر هذه المؤسسات أحيانًا أخبارًا حقيقية، ويمكن للمتابع المتمرّس استخراج معلومات نافعة من بين السطور، لكن هذا ليس الهدف. الهدف هو التأثير على الوعي الجمعي لخدمة الإمبراطورية.

جونستون: أكثر المفاهيم الخاطئة انتشارًا عن الإعلام الغربي هي أنه “حرّ”. فالصحف والقنوات الأكثر تأثيرًا ليست موجودة لتقديم أخبار دقيقة، بل لتصنيع قبول شعبي للأجندات الإمبراطورية الأمريكية

وأكدت أن الإعلام الغربي لا يعمل عبر “وزارة حقيقة” سرية، بل من خلال آلية واضحة: الملكية والسيطرة. فوسائل الإعلام الكبرى إما مملوكة لمليارديرات أو خاضعة لرقابة حكومية، ويتمّ تعيين القيادات التحريرية وفق مصالحهم. والصحافيون الذين يرغبون في استمرار مسارهم المهني يتعلمون سريعًا “خطوط السرد” المقبولة، وإلا يختفون من الساحة الإعلامية.

البروباغندا الغربية وتأثيرها على الجماهير

ذكّرت جونستون بمثال حرب العراق، حيث تمّ تهيئة الوعي الغربي عن طريق روايات مزيفة عن أسلحة الدمار الشامل وربط صدام حسين بهجمات 11 سبتمبر/ أيلول، ما جعل فكرة غزو بلد بعيد آلاف الكيلومترات تبدو مقبولة للجمهور الغربي.

وتقول جونستون إن هذه الحملات الدعائية “تزرع في عقل الجماهير ما لم يكن ليخطر لهم قط”، موضحة أن ملايين الأشخاص وقعوا ضحايا لهذه الآلة الإعلامية.

جونستون: كشف الحقائق هو المفتاح لكسر السيطرة الإمبراطورية. فلو عرف الناس حقيقة ما يجري في العالم، وكم الشرّ الذي يُرتكب باسمهم، وكم الثروة التي يجنيها أصحاب النفوذ مقارنة بما يستفيدونه هم، لثاروا فورًا

كشف الخداع: الطريق نحو وعي جماهيري متحرر

ترى جونستون أن كشف الحقائق هو المفتاح لكسر السيطرة الإمبراطورية. فلو عرف الناس حقيقة ما يجري في العالم، وكم الشرّ الذي يُرتكب باسمهم، وكم الثروة التي يجنيها أصحاب النفوذ مقارنة بما يستفيدونه هم، لثاروا فورًا. ولذلك تبذل الطبقة الأوليغارشية (أصحاب السلطة والمال) كل هذا الجهد لضمان استمرار الهيمنة عبر الإعلام، ومراكز الأبحاث، وخوارزميات التكنولوجيا، والمعلومات على الإنترنت.

وتؤكد الكاتبة أن أي نجاح في تمكين الناس من إدراك الخداع وكشف الأكاذيب الإعلامية يمكن أن يكون خطوة أولى نحو التغيير الحقيقي، سواء في فنزويلا أو غزة أو غيرها من المناطق التي تُساق فيها الروايات المزيفة.

من اليقين إلى التغيير: أهمية الوعي الفردي والجماعي

تختتم كاتلين جونستون مقالها بالتأكيد على أن عالمًا أفضل ممكن، وأن الخطوة الأولى نحو ذلك هي إيقاظ الناس من الغيبوبة الدعائية، وتمكينهم من رؤية الحقيقة خلف الأخبار والأكاذيب التي تُساق لهم يوميًا منذ طفولتهم. فهي ترى أن هذا الوعي الجمعي هو ما يمكن أن يهزّ أركان السيطرة الإمبراطورية، ويضعف رواية الأكاذيب التي تُبنى عليها السياسات الغربية.

“القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب