مؤتمر ميونيخ للأمن 2023 والنظام الدولي الجديد ؟؟؟ .المحامي علي ابو حبلة
وتحذيرات من انتفاضة فلسطينية
مؤتمر ميونيخ للأمن 2023 والنظام الدولي الجديد ؟؟؟ وتحذيرات من انتفاضة فلسطينية
المحامي علي ابوحبله
بمشاركة عشرات من رؤساء الحكومات وممثلي المنظمات الدولية والأخرى غير الحكومية والمئات من الاختصاصيين والقادة الحاليين أو السابقين في شتى الميادين التي تتصل بالسياسة والأمن والاقتصاد والإعلام والبحوث، انعقد ” مؤتمر ميونيخ للأمن MSC في دورته التاسعة والخمسين وقد هيمنت عليه مسبقاً المشكلات المعقدة التي نجمت عن الاجتياح الروسي لأوكرانيا، والتي تمسّ مباشرة مسائل الطاقة والغذاء والتسلح وأخطار اندلاع مواجهات أخرى بين روسيا من جهة، وأمريكا وأوروبا والحلف الأطلسي من جهة ثانية.
وإذا كانت مفارقة ذات دلالة خاصة قد شاءت أن تنعقد الدورة الـ58 لمؤتمر ميونيخ على أعتاب التهديدات الروسية بغزو أوكرانيا، فإن المفارقة ذاتها تتواصل مع انقضاء سنة على الاجتياح، ثم ظهور كابوس جديد يخص التوتر مع الصين في ميادين تبدو للوهلة الأولى متبلورة حول تأويل وظائف المناطيد في سماء أمريكا وكندا مثلاً، ولكنها في واقع الأمر تتسع وتتعدد على نحو دءوب لتشمل عناصر الأمن الدولي بمعظمها تقريباً. وليس بعيداً عن هذه الأجواء ما تشهده الكوريتان من توتر راهن، يأخذ شكل المناورات المشتركة الأمريكية ـ الكورية الجنوبية مقابل تكثيف التجارب الباليستية في كوريا الشمالية، ولكنه في المضمون يتقاطع مع تحالفات البلدين الأمريكية والأطلسية مقابل الروسية والصينية.
اختتمت أعمال الدورة الـ (59) من مؤتمر ميونيخ للأمن (17 – 19) فبراير 2022 ، الذي يعد الأكبر والأهم من نوعه في العالم وشارك فيه عشرات من رؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية والدفاع والمسئولين الأمنيين والعسكريين من قرابة (96) دولة.
المؤتمر الذي استبعد في دورته لهذا العام كلاً من روسيا وإيران قد ركز في غضون ثلاثة أيام على الرؤى الغربية لحرب أوكرانيا التي تحل ذكراها السنوية الأولى، وعلى آليات تقديم الأسلحة والذخائر لأوكرانيا، الأمر الذي يشير إلى أن أوروبا تسير باتجاه تبعية أكبر للولايات المتحدة، ومحاولات فرض الولايات المتحدة نفسها كقطب أوحد على رأس النظام الدولي .
اتهام أميركي خطير لروسيا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية من شأنه أن .. يؤجج التوترات ، فقد ذهبت الحكومة الأميركية إلى خطوة جديدة في تأزيم العلاقات مع روسيا والأمن الدولي، بعد أن أعلنت رسمياً إلى أن القوات الروسية ترتكب جرائم حرب في أوكرانيا تحت توصيف ” جرائم ضد الإنسانية”. وقالت نائب الرئيس هاريس إنه ردا على ذلك، “يجب تحقيق العدالة” و “يجب محاسبة الجناة”.
وأفادت وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة أحصت ووثقت منذ بدء الغزو أكثر من (30600) حالة من جرائم الحرب يشتبه بأن القوات الروسية في أوكرانيا ارتكبتها وقال وزير الخارجية الأميركي في بيان صدر في المؤتمر: “نحتفظ بتحديد الجرائم ضد الإنسانية لأبشع الجرائم”. ورد السفير الروسي الأميركي أناتولي أنتونوف بأن الأميركيين يحاولون “شيطنة روسيا”.
تسعى الولايات المتحدة من خطوتها هذه للتمهيد لمحاكمة القادة الروس كمجرمي حرب بالقانون الدولي، وفي حال صدور هذه القرارات الدولية التي تعتبر قرارات أممية تسقط الحصانة عن الرئيس بوتين ونظامه. كما حصل في القضايا مثل رواندا وطوكيو ويوغسلافيا السابقة، وأيضا عمر البشير في السودان الذي أدين بقرار دولي وأممي أنه ارتكب جرائم ضد الإنسانية وتم التعميم عليه بإلقاء القبض عليه في أي دولة كانت وليس عليه حصانة”.
إضفاء “الطابع الرسمي” حول تصريحات هاريس سيضاعف التوترات المتفاقمة بالفعل مع روسيا في عدد من المجالات، أبرزها محادثات معاهدة الحد من التسلح النووي بين القوتين العظميين، المعروفة باسم “ستارت الجديدة”. أمن دولي – مؤتمر ميونخ للأمن 2023 والنظام الدولي الجديد ولم يتأخر الرد الروسي فقد أعلن بوتن عن تجميد مشاركة بلاده في ستارت 3
برزت تبعية أوروبا في المؤتمر في المؤتمر ولم تظهر أي علامات على النأي بنفسها عن الولايات المتحدة أو التراجع عن الدعم العسكري لأوكرانيا.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن الدول الأعضاء يجب أن تعمل مع صناعة الدفاع لزيادة إنتاج الذخائر لأوكرانيا التي، وفقا للأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ ، تستخدمها بشكل أسرع مما يمكن لأوروبا استبدالها.
حث المستشار الألماني أولاف شولتس أوروبا على منح أوكرانيا دبابات أكثر حداثة. منوهًا أن بلاده ستتخذ إجراءات في هذا المسار من خلال تدريب جنود أوكرانيين وتعويض مخزونات السلاح بجانب توفير المواد اللوجستية، وتابع “بالنسبة لي، هذا مثال على نوع القيادة الذي يتوقعه الناس من ألمانيا”.
الموقف ذاته أكده الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي دعا في كلمته الأوروبيين إلى “معاودة الاستثمار بشكل كبير” في مجال الدفاعات، مشددًا على أن “الوقت اليوم ليس للحوار” مع روسيا، وقال: “علينا تكثيف دعمنا لأوكرانيا للمضي نحو مفاوضات ذات مصداقية”، ملمحًا إلى ضرورة الاستعداد لنزاع طويل الأمد في أوكرانيا. ورفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فكرة إجراء محادثات سلام فورية مع الكرملين.
اقترحت إستونيا أن تساهم الدول الأعضاء بمبلغ 4 مليارات يورو في مرفق السلام الأوروبي (EPF) لشراء مليون قذيفة عيار 155 ملم ، وفقا لمصادر دبلوماسية. ودعا رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك حلفاء أوكرانيا إلى “مضاعفة” دعمهم. فيما صرح رئيس الوزراء البولندي مورافيتسكي أن بلاده مستعدة لدعم أوكرانيا بطائراتها المقاتلة من طراز ميغ، ولكن فقط إذا تم تشكيل تحالف أوسع مع الولايات المتحدة كقائد: “نحن مستعدون لذلك … لكن بولندا لا يمكن أن تكون سوى جزء من تحالف أكبر بكثير، مع الولايات المتحدة كقائد”. في ما يحتمل أن يكون ذلك تحولاً حاسماً في شدة الصراع
ورغم تشديد جميع المشاركين في المؤتمر على ضرورة دعم القوات الأوكرانية بأسلحة متطورة، فإن تلبية ملف طلب كييف بتزويدها بطائرات من طراز “إف-16” (F-16) الأميركية لم يشهد انفراجة بعد، حيث أكد وزير الدفاع البريطاني بن والاس أن هذا الأمر بعيد المنال نظرًا لما يحتاجه من وقت طويل لتدريب طياريين أوكرانيين. أمن دولي ـ مؤتمر ميونيخ للأمن 2023، تصدع النظام الدولي. جاسم محمد
على صعيد آخر يخصّ التكتلات ذات الانسجام العالي داخل مجموعات مؤتمر ميونيخ، هل أفلحت توصيات النوايا الحسنة في التخفيف من حدة التنافسات أو حتى الصراعات في ميادين حروب التجارة والاحتكار والطاقة والتكنولوجيا وبسط النفوذ والهيمنة ضمن المجموعة الأوروبية، أو بينها مجتمعة ومنفردة وبين الولايات المتحدة؟ وفي الأساس، هل تتوافق هذه الأطراف على مفهوم متقارب للأمن الدولي ينطلق أولاً من مقتضيات عالمية وكونية وليس من المصالح الخاصة للأقطاب والقوى الكبرى؟
هذه القضايا كانت موضع اهتمام قادة العالم ، وخلال اليوم الأخير من مؤتمر ميونخ للأمن تم بحث أمن أوروبا المستقبلي، في الوقت الذي يستعد فيه العالم لإحياء ذكرى مرور عام على انطلاق الغزو الروسي لأوكرانيا. وخضعت الحرب الاوكرانيه الروسيه الى تقييم الوضع الاوكراني من قبل عمدة كييف فيتالي كليتشكو ورئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني لارس كلينجبايل، وتم البحث في تبعات الحرب التي مضى عليها العام وتدخل عامها الثاني .
وحول تصوراته لمستقبل الأمن الأوروبي، قال نائب رئيس المجموعة الفكرية “المجلس الألماني للعلاقات الخارجية” رولف نيكيل في مقابلة مع وكالة فرانس برس “تصورنا أن الأمن لا يتحقق إلا مع روسيا وليس ضدها، وكان هذا خطأ”. مع بدء الهجوم الروسي في 24 شباط/ فبراير 2022، سقطت كل هذه الحقائق.
بعد ثلاثة أيام، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس أمام مجلس البرمان الألماني (البوندستاغ) بدء “حقبة جديدة” وخصص مبلغا استثنائيا بقيمة 100 مليار يورو لتحديث الجيش. وبعد تردد لسنوات في الالتزام بأهداف تمويل الناتو، وعدت برلين بتخصيص أكثر من 2 بالمائة سنويا من إجمالي ناتجها المحلي لقطاعها الدفاعي.
وتبدل أيضا النموذج الألماني في مجال الطاقة، وهو قطاع أساسي للاقتصاد. فقبل الحرب، كان المصنعون يستمدون من روسيا 55 بالمائة من احتياجاتهم من الغاز و35 بالمائة من النفط. خاصة وأن تقرير المؤتمر السنوي قد حذر من تزايد الانقسام بين “الأنظمة العالمية المتنافسة”.
كما أكد الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الأحد (19 فبراير/ شباط 2023) في مؤتمر ميونخ الدولي للأمن أنه يتم العمل في الاتحاد الأوروبي حاليا على إدخال إجراء جديد لشراء الذخيرة في ظل الحاجة الكبيرة لها في أوكرانيا.
وعقد مؤتمر ميونخ للأمن التاسع والخمسون (MSC) في الفترة من الجمعة 17 فبراير لغاية الأحد 19 فبراير 2023 في فندق بايرشه هوف في ميونيخ. لمدة ثلاثة أيام.
وشارك في المؤتمر أكثر من 450 من صناع القرار رفيعي المستوى وقادة الرأي البارزين من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك رؤساء الدول والوزراء وقادة المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية، وكذلك القادة من قطاع الأعمال والإعلام والبحوث والمجتمع المدني.
وتقرر في المؤتمر أن هناك حاجة إلى نظام دولي ليبرالي معاد تصوره قائم على القواعد لتعزيز المرونة الديمقراطية في عصر المنافسة النظامية الشرسة مع الأنظمة الاستبدادية. ولكن لجعل هذه الرؤية أكثر جاذبية بين المجتمع الدولي الأوسع ومساعدتها على الفوز في المنافسة على النظام الدولي المستقبلي، يجب على الديمقراطيات أيضًا أن تأخذ في الاعتبار النقد والمخاوف المشروعة بين المجتمع الدولي الأوسع.
في ذات السياق أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت عن اعتقاده بأن بلاده مهددة بمواجهة انتفاضة فلسطينية جديدة بسبب السياسة الحالية للحكومة الإسرائيلية.
وخلال كلمة له أمام مؤتمر ميونخ للأمن، قال أولمرت الأحد إنه في حال استمرت المواجهات في البلاد على النحو الحالي فإن هناك خطرا جسيما “لاندلاع نوع آخر من الانتفاضة سيسبب المزيد من الألم والدماء”.
وفي كلمته التي استغرقت قرابة 30 دقيقة، وجه أولمرت اتهامات خطيرة إلى الحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والمتواجدة على رأس السلطة في إسرائيل منذ نهاية 2022.
وطالب أولمرت الرئيس الأمريكي جو بايدن بـ”التحرك بشكل نشط” في الصراع وبأن يبذل الجهود من أجل السلام بين إسرائيل والفلسطينيين وبالتالي أيضا من أجل “مستقبل إسرائيل الذي يهمه كثيرا”، ورأى أولمرت أن هذه المسألة حاسمة بالنسبة للاستقرار في الشرق الأوسط وتصب في مصلحة الولايات المتحدة وأوروبا.
وكانت الانتفاضة الفلسطينية الأولى وقعت في الفترة بين 1987 حتى 1993، فيما وقعت الثانية في الفترة بين 2000 حتى 2004.
وكان أولمرت تولى رئاسة الحكومة في إسرائيل في الفترة بين نيسان/ أبريل 2006 حتى آذار/ مارس 2009.
وقال أولمرت: “أتهم الحكومة الإسرائيلية بأنها لم تفعل شيئا مهما من أجل إعطاء دفعة لإجراء حوار سياسي بيننا وبين الفلسطينيين”.
وأضاف أولمرت أنه يرى أن حكومة إسرائيل لم تكن مستعدة لهذا في الأعوام الـ12 الماضية كما أنها ليست مستعدة لهذا الآن أيضا. الحكومة الإسرائيلية تبذل كل ما في وسعها تحت تأثير أعضاء الحكومة اليمينيين المتطرفين من أجل تحريض الرأي العام في دولة إسرائيل ليتحول إلى نوع من المواجهة مع الفلسطينيين.
وفيما يتعلق بالقرارات المثيرة للجدل لحكومة إسرائيل بخصوص بناء مستوطنات في الضفة الغربية، قال أولمرت إن هذا الأمر يبرهن أن السلام غير مرغوب مشيرا إلى أن الموقف في إسرائيل خطير للغاية وأنه من المهم أن يعرف كل من الرأي العام العالمي وكذلك الفلسطينيون بأن إسرائيل بها آراء أخرى أيضا.