منولوج……
عبدالله رزق ابوسيمازه
الشعر ينزف ،كأي مدينة ثكلى.وكذلك القصة القصيرة والقصيرة جدا،الحاذقة جدا، مثل منقا بالشطة! فليس للشعر مايفعله في مثل هذه الأيام المحشوة بالرصاص،في الهدن المفخخة حتى العظم ،لاشيء، سوى مكابدة النزيف،يبدو أن الله قد تخلى عن م.ح.ح.وعشيرته :(الشعراء المطاليق،على قول القدال!).
ملعون هو المحو! تبت يده! تلك التي تلاحق وصايا الأرواح، حين يهمسها المكان تلاحق الجدران والأسفلت،خلسة ،تزيل اختلاجات المعتصمين ،ولما تجف دماء شهدائهم بعد!
ولم يبق من ميدان 3 يونيو ،مما وراء الأصداء المتحجرة، غير شحوب الألوان الغاربة يتشبث بالبقاء ،غير ما يشبه الصرخات المكتومة، التي تصدر من أفواه فاغرة ، في لوحة شهيرة لبيكاسو،ومع ذلك ، تعدنا الحرب: سيكون لدينا الكثير مما نحتفي به في معارض الكتاب القادمة،في خيمة الصحفيين ،في الجداريات وحناجر الحكامات، وورش الكتابة الإبداعية.إذ سيتعين على المبدعين إعادة دوزنة حساسياتهم تجاه الأشياء ،على وقع الدانات ورزم الانفجارات وأنين طائرة الاستطلاع.
فالحرب واقعة استثنائية، لاتحدث غير مرة في العمر،وغير مرة في كل مائة عام، في عاصمة البلاد .
قد يسألونك: في التحقيق أو في المسابقة التلفزيونية،لا يهم : ” الحرب :ضكر ولا انتاية ؟!” أجب،غير وجل ولا هياب:” الثعلب: يبيض أم يلد؟!”. المسألة خدعة ،وكذلك القصيدة : مرائية ومراوغة ومشاغبة. والحرب خنثى،مثل إله كوشي..!
منذ سنة الكورونا-19، والهواجس سكناها والدماء
تميمة انعتاقها الأبدي من المجاز،
طريقتها العجلى في مواكبة الموضة.
الحرب تعدنا :سيكون لدينا ذات صحو ، الكثير لنحكيه ، الكثير مما تخلفه الحرب،مما تختزنه الذاكرة ، مما يعتمل في صمت الرماد والانقاض،عن بطولات الناس العاديين،صناع الحياة : النساء والأطفال والرجال الذين قدر لهم ،دون سابق ترتيب أن يعيشوا تجربة الحرب لأول مرة، بكل قسوتها ولا إنسانيتها وأن ينهضوا مثل الفينيق من صمت الرماد والانقاض…