
المعلمون وكساد المعركة
علي الدوش
كان المعلمون في بلادي رمزا للعزة والإباء ومعاول البناء والنماء
فاحتلوا الصدارة في قوائم المجتمع لشريحتهم التي قيل عنها أنها تحترق لتضيء ماحولها
وظلت على هذا المنوال داخل القطر وخارجه مما أكسب شعب السودان درجة بين الأمم لايرقى إليها غيره
وعندما أتانا عهد الإنقاذ الغابر اتخذ من شريحة المعلمين عصبا لحياته وقنوات يمرر من خلالها سموما ابتدعها ليتغلغل وسط المجتمع في حاضره ومستقبله بتناسل مشؤوم يغتال به رسالة التعليم التربوية وليبق أطول فترة ممكنة في الموقع الريادي للمجتمع
فعاس النظام المباد كامل فساده في مجتمع المعلمين بالتمكين تارة وتارة بالتقرب واُخرى بالإقصاء
فاستجاب من استجاب إلى هذا النمط كأمر واقع ونأى من نأى بنفسه واحتفظ بمكانته التي وصفها به المجتمع ب”كاد أن يكون رسولا “
ومن خلال هذا الوضع نبتت شريحة في وسط المعلمين وهي تحمل جينات التمكين والفساد وجعلت من التعليم رسالة تجارية لتحقيق الربح الوفير والعائد السريع على عكس رسالة التعليم التربوية للمجتمع وفق قيم الإيجاب
فقفزت إلى السطح بؤر التعليم الخاص بمسميات أكثر جاذبية للتمايز الطبقي دون التميُز في الوضع الأكاديمي
هذه البؤر التي وجدت الدعم غير المحدود من نافذي تلك الفترة الفاسدة تحت دعاوي الخصخصة التي طالت أغلب مؤسسات الدولة الخدمية
ومع تداعيات السقوط في أشكال الدولة ومسمياتها منذ انقلاب 25 أكتوبر المشؤوم والذي عمد إلى إدخال البلاد فيما نحن عليه الآن،
دارت رحى المعركة العبثية كما أسماها قائد الانقلاب بوصفه أحد طرفيها ونتج عنها مانتج من سوانح للانتهاكات التي تمثلت في السلب والاغتصاب واحتلال المنازل، أدى إلى نزوح ولجوء قهري
وتوقف لمضابط سريان الحياة بشكلها الطبيعي وفق معايير تبادل المنفعة
فمن ضمن ما أوقفته هذه المعركة مسار العملية التعليمية التي تراكمت دفعاتها مابين خريجين وجالسين للامتحان في دوائر التردي والمجهول
فقد طفحت خلال هذه الأيام من داخل مؤسسات التعليم الخاص الدعوات لإقامة الكورسات المستوعبة للممتنحنين وغيرهم من غير الممتحنين كعمل استثماري في ظل المسغبة التي أنتجتها المعركة دون مراعاة لأولياء الأمور وهم يعانون هذا الكساد المجتمعي بتوقف كل مفردات الحياة، فلا رواتب صُرفت ولاتجارة مستمرة بوضعها الطببعي.
كنا نتمنى في هذه الظروف الحالكة أن تنبري الشريحة التي شبهت برسولنا الكريم لموقف إنساني يشبه قيم العطاء عند رسولنا الكريم بالنظر إلى الميسرة عند المعسرة وتقدم كورساتها مجانا لتطلع بدورها التربوي في بناء المجتمع حتى في أحلك الظروف ولكنها الحكمة التي لم تأتي من فراغ.
من شب على فعل الخير شاب عليه
ومن شب على قيم الاستنزاف شاب عليها.
وكل التحايا والتقدير لمعلمي المدارس الحكومية
#الهدف
#لا_لتسليع_التعليم
#نعم_لإيقاف_الحرب