مقالات
حتى لا يكون التصعيد المتبادل سيناريو لإطالة الحرب بقلم المهندس : عادل خلف الله
بقلم المهندس : عادل خلف الله -السودان -الهدف

حتى لا يكون التصعيد المتبادل سيناريو لإطالة الحرب
المهندس : عادل خلف الله
إذا كان واحد من أهداف تصميم وبث فيديو ظهور قائد الدعم السريع ،نفى الجدل المثار حول مماته أو إصابته المعيقة ،وإنهاء عدم ظهوره الطويل ، فقد أطلق الظهور، بملابساته التقنية،مزيدا من الجدل ،الذى انشغل بمصداقية الفيديو من عدمها ،وعلى حساب محتوى الرسالة المتوقعة للظهور، وفى هذا التوقيت ، و فرص إجابتها على العديد من الاسئلة التي تشغل الرأى العام.فقد ركز مصمم الظهور على تقديمه بطابع درامي مثير ،وفي زمن قصير ،محسوب بدقة،بهدف تقديم قائد الدعم السريع بشكل مختلف ومتفوق على طريقة الظهور التي تقدم بها القوات المسلحة قياداتها ،كما ظهر كلا من الفريق البرهان ،كباشى ،وأخيرا ياسر العطا ،بأسلوب مباشر وسط الجنود أو عبر مخاطبة لقاء أو اجتماع عسكري ،وهي أقرب إلى العفوية والارتجال التي تتلائم مع أجواء الحرب،بخلاف (الصنعة) في ظهور حميدتي.نجم عن ذلك بالتصميم ، الاحتفاء الاستعراضي ب( الشكل) ، على حساب المحتوى ،المضمون، الإعلامي المقدم . مما ألقى بظلاله حتى على التاثير أو البعد المعنوي للظهور،وسط الجنود ،كأحد الأهداف المرجوة .
وهو ما يطرح الأسئلة من شاكلة
ما هى الأهداف الأخرى التي دفعت لبثه وفي هذا الوقت بالذات؟
و ما الذى يراد صرف الأنظار عنه بأسلوب ( تغيير الموضوع) وشغل الراى العام ؟
لاسيما وإن الإعلان المسبق للظهور ،بلقطات تمهيدية ،قد هيأ المراقبين توقع الاستماع لما هو جديد أو ضافي،حول تطورات الحرب والتطورات الإقليمية والدولية منها،والعقوبات التي فرضت والتلويح بعقوبات على الطريق ، والانتهاكات والجرائم الموجهة لقوات الدعم السريع ،و مستقبل مباحثات جدة …
بدد الإسراف في الانشغال بالشكل والإثارة الدرامية للظهور ،كل ذلك ،واختصرت الرسالة من البث بالتركيز على العودة لخطاب بداية الحرب وأسبابها،بما في ذلك الدوافع الشخصية ،من خلال التعرض للفريق ياسر العطا،والعودة للشرط التعجيزي لإيقاف الحرب ،خلال 72 ساعة والمتمثل في (تغيير قيادة الجيش أو استسلامها) إضافة إلى تناول عابر ومبتسر وتبسيطي
للانتهاكات والنهب ( ما فينا متفلتين وحرامي) .
العودة مجددا لخطاب بداية الحرب، الذي يعد جوهر رسالة الظهور ، عودة للتصعيد و التطرف والحدية في المواقف،تبدو في بادئ الآمر مقابلة للتصعيد و التطرف والحدية في المواقف، الذى أظهرته تصريحات الفريق العطا الأخيرة. وفي الحالتين،وبعد نتائج استمرار الحرب لما يقارب 4 أشهر ، تؤشر انقلاب على المواقف،لدى الطرفين التي سبقت التوجه لمباحثات جدة بخطاب منفتح ومتفاءل بالتوصل لوقف إطلاق نار تمهيدى ،طويل الأجل، أكدت علية بيانات وتصريحات قيادة الجيش ومستشاري الدعم السريع .ظهر في التقدم الملحوظ عقب استئناف
المفاوضات المباشرة والتوصل لتفاهمات حول المبادئ العامة للتفاوض،آلية المراقبة والتحقق،و العديد من نقاط مسودة وقف العدائيات.حتى اول أمس 26/7/2023. التغير في موقف الجيش
تزامن مع تصريحات الفريق ياسر العطا،و تصريحات لوزير الخارجية المكلف المتناقضة مع تصريحات الفريق البرهان والفريق كباشي ،مما أشر عدم وحدة الموقف من التفاوض ،وطرحت السؤل حول من يتخذ القرار.فيما تزامن التحول في موقف الدعم السريع ،حسب إفادات حميدتي ، بتداول تقارير استخباراتية عن حصول الدعم السريع على أسلحة روسية،تضمنت مضادات طيران ودبابات .
2
التصعيد :سيناريو التراجع والانقلاب
التصعيد ،كمقدمة للتراجع عما يتم التوافق عليه أو الانقلاب على المواقف،هو أسلوب ليس بجديد من الطرفين ،خلال تجربة4 سنوات الماضية.وخلاصته
كلما اقترب التوصل لأبرام اتفاق ،يقلبان، بالاشتراك معا ،أو أي منهما ،الطاولة على الاتفاق .
ولنستحضر معا بايجاز:
1/مجزرة 3 يونيو (مجزرة القيادة) ارتكبت بعد اتفاق لجنتي التفاوض ( الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي)على تكوين مجلس السيادة والتمثيل 5,5+1 ،ونسب المجلس التشريعى67% ،33% .
2/المطالبة بتحديد موعد نقل رئاسة مجلس السيادة من المكون العسكرى إلى المكون المدني باقتراب أجلها وفق الوثيقة الدستورية .أدت إلى إعاقة الانتقال بالتصعيد الذي اشتركا فيه معا بدءا من تعطيل انعقاد اجتماعات مجلس السيادة ،مجلس الأمن والدفاع ،الاجتماع المشترك بين مجلسي السيادة والوزراء ، مجلس الشركاء ( باعتبارها أطر الحل) ، إلى الدفع بزعيم أهلي إلى غلق طريق الشرق ،الميناء ،حقول البترول ….وصولا للمشاركة في تنفيذ انقلاب25/10/2021 ،بعد رفض كل الجهود والمناشدات
3/ بعد مداولات مطولة وقع كلا من الفريق البرهان ثم حميدتي على الاتفاق الإطاري في 5/12/2023 و خاطبا الجلسة في قاعة الصداقة . ومع التقدم والاقتراب نحو ما عرف بالاتفاق النهائي،بدأ شريكا المكون الانقلابي
تصعيد وتصعيد مضاد تجاه بعضهما البعض،ووظفا في ذلك منابر القوات المسلحة والتكوينات الاجتماعية والسياسية والأسرية ورحلاتهما الخارجية، وصولا لشن الحرب في 15/4/2023 ،واستباق أي جهود لنزع فتيلها وخفض حدة التصعيد المتبادل بينهما.ولقد لعب تضارب المصالح والصراع حول النفوذ ،وعدم وحدة مركز اتخاذ القرار ،دورا رئيسيا في التراجع عن التفاهمات والانقلاب على المواقف فى الثلاث حالات السابقة .
دون إسقاط للاجراءات التي اتخذت بعد الانقلاب ، بإعادة سيطرة فلول النظام على المواقع الهامة في المفاصل الحساسة لأجهزة الدولة و إبطال قرارات لجنة التفكيك ومحاربة الفساد، وإطلاق سراح لقيادات الموتمر الوطني تمهيدا لغض الطرف عن نشاطهم العلني،كحزب محظور ،وواجهاتهم السياسية والامنية والمالية ، التي تبث خطاب الفتنة والكراهية و النشاط العلني لإسقاط الاتفاق الإطاري، بأي وسيلة ومهما كان الثمن حسب تصريحات أنس عمر ،الحاج آدم ،محمد الجزولي …. وغيرهم إضافة إلى نشطاءهم في الوسائط الإعلامية . فيما توسعت، على صعيد مكمل ، أجهزة سلطة الانقلاب ،بما في ذلك استخدام القضاء ،في اعتقال من تعتبرهم خصوما للانقلاب من لجان المقاومة والقوى السياسية ،وإدانتهم، مقابل الإفراج عن سدنة الإنقاذ .
لقد رفض حزب البعث العربى الاشتراكى ، ما عرف بالاتفاق الاطارى ،ولم يوقع عليه ، وفارق بسببه قوى الحرية والتغيير عبر بيان جماهيرى فى 19/12/2023 ،بعد بذله جهود وحوار واسع داخل الحرية والتغيير ،وبشكل ثنائي . لعدولها عنه والحيلولة دون شرعنة الانقلاب .
3
من يهمه السودان وشعبه يحافظ بالأفعال عليهما
الفديوكما يبدو من التوقيت و جوهر المحتوى ، تمهيدا لمزيد من التصعيد،ومحاولة للتراجع عما تم التوصل إليه في جدة ،يعيد للأذهان ، سيناريو التراجعات السابقة عن التفاهمات والمواقف التي تمت الإشارة إليها .
فقد بات واضحا،أن وقف الحرب ،كمطلب وطني ،ورأي عام ،استطاع عزل أطرافها وتحجم مخطط توسيع نطاقها ، و تحمل في سبيل ذلك ،معاناة غير مسبوقة وانتهاكات وجرائم ترتب عليها واقع جديد مؤطر ، بوعي وإرادة، لن يتزحزح قيد أنملة عن السلطة المدنية الحقيقية ،التي تخضع لها كافة المؤسسات ،بما فيها القطاع العسكري والأمني،وعدم لعب أي دور سياسي باسمها ، والتفرغ لقيامها بمهامها ،في حفظ الأمن وحماية وحدة وسيادة البلاد ،واحترام إرادة الشعب واستدامة النظام الديمقراطي .
كما بات واضحا أن من يهمه السودان عليه أن يحافظ عليه،آمن مستقر موحد ومزدهر .
وان المحافظة على السودان، ليست ألفاظا تردد،أو وعودا تطلق. وبالوصاية عليه ، وإنما بقرن الأقوال بالأفعال، وانسجام الوسائل مع الاهداف ،وخلاصته،وقف الحرب،لا اطالتها بالمناورات والشروط ،بالتفاوض المباشر ، ودون شروط، وصولا لوقف شامل ودائم يفتح الطريق لإيصال المساعدات،وضمان حماية المدنيين والمرافق العامة وعودة الحياة لطبيعتها .
ليقرر السودانيين ،من داخل بلادهم ،ووفق وعيهم وإرادتهم حاضر بلادهم والتصدى لآثار الحرب المدمرة ،ومستقبلها ،عبر أوسع جبهة للديمقراطية والتغيير ،تنفيذا لبرنامج مهام عاجلة متوازية ،في فترة انتقالية لا تتجاوز العام ، يتقدمها الإصلاح الاقتصادى والمعيشي وتعمير ما دمرته الحرب،متوافق عليه وعدالة شاملة ،اجتماعية وجنائية وانتقالية ،فلا إفلات من العقاب،ولا إسقاط للمساءلة بالتقادم.وإصلاح أمني وعسكري يفضي لجيش وطني واحد كفء وحديث ،وتحول القوى المسلحة ،بالدمج والتسريح وإعادة الاستيعاب إلى قوى سياسية مدنية تخوض الانتخابات ، التي تهيئ أجواء ومطلوبات إجرائها ،ديمقراطية ونزيهة.
بداية لتأكيد الإمتثال بالحلول السلمية لقضايا التطور الوطني والتناوب السلمي على السلطة والإدارة السياسية للصراع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي .
4
وقف الحرب مطلب وطني وأولوية
ماهو أهم من الجدل المثار حول الفيديو ، مصداقيته من عدمها ،هو ألا يصرف الجدل حول ملابساته، المبتغى الوطني والأولويات .
رفض الحرب ،ورفض إطالة أمدها بمناورات جديدة/ قديمة ،بوقفها دون شروط .
فمن يدفع الثمن المواطن المفترى عليه و باسمه.
من يدفع الثمن السودان ،مصيره وأمنه واستقراره وسيادته ،ودوره الإيجابي في أمن واستقرار الإقليم والمحيط. وعلى كل من يهمه الأمر ،أن يبرهن بالأفعال،لا الأقوال ، حرصه وخوفه عليه ، بوقف الحرب التي وصفوها بالعبثية واللعينة،وهي أشد من ذلك وأخطر .
امدرمان 28/7/2023