دراسات

النزعة الامازيغية لتفتيت المغرب العربي. د. سالم سرية :اكاديمي وكاتب (فلسطين)

 د.سالم سرية :اكاديمي وكاتب (فلسطين)

النزعة الامازيغية لتفتيت المغرب العربي

 د. سالم   سرية :اكاديمي وكاتب (فلسطين)

 البريدالالكتروني: [email protected]

 

لا شك ان المخطط الامبريالي الصهيوني يهدف منذ بداية القرن الماضي الى تفتيت الوطن العربي أي تقسيم المقسم اصلا الى دويلات على اساس عرقي او طائفي ويتواصل هذا المخطط تارة باسم الشرق اوسط الجديد وتارة باسم الفوضى الخلاقه وما ذلك إلا لخلق كانتونات :للأكراد او الموارنة في لبنان او دولة للدروز او للعلويين في سوريا او للشيعة والسنة في العراق او دوله للأقباط او للنوبية في مصر او دوله للمسيحيين (كما جرى في جنوب السودان ) او دويلات للأعراق المختلفة في السودان .

اما حصة دول المغرب العربي (الجزائر والمغرب وتونس وليبيا) من التفتيت فتتمثل في النزعة البربرية لدى بعض الامازيغ في تلك الاقطار. لذا علينا ان لا نغفل ولو للحظة عما يجري من مؤامرة خطيرة تستهدف اقطار المغرب  العربي .وهي مؤامرة مسخ الهوية العربية عنها ونحر الإسلام من الوريد الى الوريد من خلال ما يسمى بالنزعة البربرية .فما هي حكاية هذه النزعة ؟وما هي النجاحات التي حققتها ؟ وما هو مستقبلها ؟ وهذا ما نود الإشارة اليه أدناه .

اولا لابد من التمييز بين الأمازيغ وبين الظاهرة الأمازيغية (النزعه البربرية التي تطفوا على سطح المشهد السياسي خاصة في الجزائر والمغرب حصرا وبشكل أقل في تونس وليبيا) فالأمازيغ كما نعرف هم عرب عاربة واعتنقوا ألإسلام بعد مضي خمسين عاما من الفتح العربي بقيادة عقبة بن نافع وهم الذين فتحوا الأندلس بقيادة طارق بن زياد وهم الذين حكموا الأندلس بقيادة يوسف بن تاشفين . . . الخ (1) .ولكن المشكلة ان بذور جرثومة النزعه البربرية قد زرعها  الاستعمار الفرنسي في جسم حزب الشعب الجزائري الذي كان يخوض معركة التحرير وذلك لإجهاض ثورته . ففي سنة 1929 أقامت الإدارة الفرنسية كلية بربرية في (أزرو) لإعداد حكام لتولي إدارة المناطق البربرية مبنية على التنكر للعروبة وصنع أحقاد بين البربر والعرب. وفشلت هذه الكلية لأن معظم خريجيها صاروا من المناضلين الأشداء ضدالاستعمار الفرنسي. ومع استقلال القطرين المغرب والجزائر تمكن الفرنسيون كما سنبين  لاحقا من اعداد عملاء بربريين لهم. وفي الأربعينيات من القرن الماضي عين حاكم عام في الجزائر خطير هو شاتينيون، رأى أن أخطر حزب هو حزب الشعب ألجزائري وأن قمعه يزيد شعبيته، وأن الوسيلة الناجعة هو تدميره من الداخل عن طريق النزعة ألبربرية فأوحى إلى عملاء المخابرات الفرنسية بالحزب أن يحركوا المسألة ألبربرية وانطلق بعضهم من معهد المعلمين ببوزريعة فنشروا منشورا هاجموا فيه ألعروبة وانتقدوا مفهوم الوطنية للحزب المبنية على العروبة والإسلام ورفعوا شعار الجزائر البربرية(2). ان النزعة البربرية هي التيار الذي اوجده الفرنسيون في الجزائر من أجل تفكيك الوحدة الوطنية فيها.لقد عمل الفرنسيون قبل استقلال بلدان المغرب العربي على عزل اقلية الجماعات الناطقة بالبربرية عن غالبية السكان العرب ونشر التعليم الفرنسي والمبشرين بمناطقهم وبث فيهم فكرة (انهم هم السكان الأصليون وان العرب مستعمرون وان اللغة العربية دخيلة وانه لابد من التكتل للتخلص من الوجود العربي وأنهم أي البربر لا علاقة لهم بالعرب ولا بالساميين وان اصلهم اوروبي وان مجيء فرنسا لشمال افريقيا هو لمساعدتهم على العودة لأمهم اوروبا .وما أن استقلت الجزائر حتى راح الفرنسيون يعملون لتطبيق خطتهم ألبربرية حيث أسس جاك بينيث (المخابرات الفرنسية) الأكاديمية البربرية سنة 1967 في جامعة باريس 8 فانسين، . وقامت بإعداد العشرات من حاملي الماجستير والدكتوراه في اللغة ألبربرية أشهرهم سليم شاكر وربطتهم بأجهزة الاستخبارات ألفرنسية وراحت تعمل لصنع ضرة  للغة للعربية من البربرية لكي يدخلا في صراع بينهما لإبقاء هيمنة اللغة الفرنسية على دول المغرب الأربع .كما أن جاك بينيث هو الذي صمم العلم الأمازيغي المبين في الصورة والذي هو في الأساس علم لقبائل الوثنيين في بوركينا فاسو (3)  و يقول الزعيم المغربي محمد البصري عام1980: (ان الذين يثيرون (المسألة البربرية في الجزائر ) انما يفعلون ذلك حفاظا على مصالحهم الاقتصادية والوظيفية في جهاز الدولة الجزائرية وهؤلاء هم بربر منطقة القبائل الذين تفرنسوا لغة منذ وقت طويل ومن ثم مكنهم الاستعمار الفرنسي من شغل كثير من المواقع الإدارية والتجارية الثانوية وخاصة في العاصمة . وبعد الاستقلال انتقلوا الى المواقع الرئيسية في الدولة بعد ان أخلاها الفرنسيون.ومع اشتداد موجة التعريب في الجزائر بات هؤلاء يشعرون بالخطر على مصالحهم فرفعوا شعار (الثقافة البربرية) حينا وشعار (الثقافة الجزائرية ) حينا آخر في مواجهة التعريب والثقافة العربية  فهم يطالبون بتغيير مضمون الهوية الوطنية من ثنائية تتمثل في العروبة والإسلام (ودرج عليه المغرب العربي منذ اربعة عشرة قرنا) الى ثلاثية بإضافة الأمازيغية.فهم يقولون ان الجزائر (امازيغية عربية ) ويقول يوسف بن خده (رئيس الحكومة المؤقتة خلال الثورة الجزائرية  في صحيفة ألحرية في عددها (1996/8/5-83 ) ما يلي ( يوجد اكثر من تقارب بين البربريين واليهود وهذا ما يجعل شخصا مثل (سعيد سعدي ) لا يتردد في التباهي بعلاقاته مع السفير الصهيوني في باريس بمقتضى هذه المفاهيم والأطروحات المشتركة ).(4)

النزعه البربرية والفرانكفونية: ردا على تشكيل بريطانية لمنظمة الكومنولث ( والتي تتكون من 53 دولة موجودة في 6 قارات. حيث ان القاسم المشترك ما بين هذه الدول هو خضوعها لحكم للإمبراطورية البريطانية) أسست فرنسا المنظمة الفرانكفونية عام 1970 ،حيث قام رئيس السنغال سنغور و رئيس تونس الحبيب بورقيبة ورئيس النيجر حماني ديوري بصياغة ميثاق الوكالة وتغيير اسمها إلى المنظمة الحكومية الدولية الفرانكفونية عام 1998 وتضم 56 دولة منهم مصر ولبنان وتونس وموريتانيا والمغرب والإمارات وقطر(5)   ونورد هنا ما كتبه عبد الإله بلقزيز حول الوظائف المنوطة بهذه المنظمة الفرانكفونية ، وهي أربع وظائف:

1- وظيفة تكريس التبعية الثقافية واللغوية من خلال دفع هذه الدول إلى تكريس مركز اللغة الفرنسية في النظام التعليمي وفي الحياة الإدارية فيها.

2- وظيفة تكريس علاقات الارتباط الاقتصادي والسياسي لهذه البلدان بالمركز «الميتروبولي» ألفرنسي على النحو الذي يحافظ لفرنسا على مناطق نفوذ اقتصادي لها خارج حدودها.

3- وظيفة تشكيل قطب عالمي فرانكفوني يوازن القطب الانجليزي في آسيا وشمال أمريكا وأستراليا وأجزاء من إفريقيا والقطب الجرماني في شرق أوروبا، ويكون وكيلا للدفاع عن السياسة الفرنسية خارج حدودها.

4- وظيفة تنمية مركز فرنسا في الساحة الدولية وفي منظّماتها الدولية الكبرى مثل الأمم ألمتحدة والاتحاد ألأوروبي ومنظّمة الأمن والتعاون في أوروبا (6)

واللافت للنظر ان الامين العام للمنظمة الفرانكفونية بطرس بطرس غالي قد قدم تقريراً خطيراً عن مشاركة الفرنكوفونية في صنع القرار في عدد من الدول الإسلامية والعربية في مؤتمر القمة العربي الذي انعقد في بيروت في 26 مارس من عام 2002.

ان الذي يشعل وقود النزعة البربرية منذ استقلال دول المغربي وحتى الآن هم الفرنكوفونيون الجدد المشبعين بالثقافة والولاء والعواطف لفرنسا (الأم الحنون لهم !!) وذلك من خلال عدة اقنعه في الجزائر كما يشير د. عثمان السعدي  (2):

  • القناع التكنولوجي :انه ان اريد للجزائر ان تتقدم فما عليها إلا الإبقاء على سيادة اللغة الفرنسية في مجال العلم والتكنولوجية.

2-القناع البربري: فقيل ان اللغة العربية لغة دخيلة وان العرب غزاة .ولا بد من عودة الجزائر الى اصالتها ولغتها البربرية بمظلة فرنسية.

3-القناع الماركسي :حيث ذكر كاتب ياسين في محاضرة له في جامعة الجزائر عام81 انه (لابد من الحفاظ على استمرارية اللغة الفرنسية لأن اللغة العربية لغة الدين وبالتالي لغة رجعية).

وردا على ذلك يقول د.عثمان السعدي (وإذا كان لي كبربري ان اختار لغة وثقافة غير بربرية فلن اختار إلا اللغة العربية وهي اللغة الوطنية ولغة الإسلام وهي وسيلتي الى تراث العرب والمسلمين ووسيلتي الى مستقبل قومي عربي مشترك مع باقي الشعب العربي ).

وأخيرا لابد ان نقر ان الفرنكوفيون في الجزائر والمغرب قد نجحوا في فرض اللغة الأمازيغية كلغة رسمية عام  2011 كلغة ضرة للغة العربية وفرضوا وجودهم في انتخابات الرئاسة الجزائرية .كما فرضوا انفسهم في انتخابات الرئاسة التونسية مؤخرا .

والصراع مع اعداء العروبة والإسلام سيتواصل بعون الله حفاظا على الهوية والله غالب على امره.

 المصادر:

1-مجلة البيان العدد  353 مـحــرم  1438هـ، أكـتـوبـر  2016م.

2-عثمان السعدي-الامازيغ  عرب عاربة-دار الامة للطباعة والنشر- 2018

3- العربي عقون-الامازيغ عبر التاريخ-التنوخي للطبع والتوزيع-2010

4– https://arabicpost.net نوار كتاو-عربي بوست2018

5- https://www.marefa.org/

6- عبد الاله بلقزيز- الفرنكفونيه-مركز دراسات الوحدة العربية –ط1  مايوعام2011

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب