حبوب الكبتاغون المخدرة الأكثر انتشاراً في قطاع غزة

حبوب الكبتاغون المخدرة الأكثر انتشاراً في قطاع غزة
إسماعيل عبدالهادي
بدأ ترويج حبوب الكبتاغون المخدرة والخطيرة يتصاعد بشكل مخيف وملحوظ داخل قطاع غزة، حيث الاقبال على هذا النوع من المخدرات أكثر من الأنواع الأخرى، وسط تخوف الأجهزة الأمنية والجهات المختصة من تزايد تهريب هذه المادة بشكل أوسع مما هي عليه، في ظل سعي أجندات خارجية لإغراق قطاع غزة بالمخدرات وإسقاط الشباب. وشرعت الأجهزة الأمنية في إقامة حواجز مفاجئة على الطرقات العامة والالتفافية، بحثاً عن المخدرات والمروجين لها، إلى جانب تنفيذ عمليات تفتيش لبعض المناطق والمنازل في أوقات مختلفة خصوصاً في الليل.
ويعد الكبتاغون من الحبوب الأكثر استعمالا في الوقت الحالي في غزة ويطلق عليه اسم «روتانا» حيث دخل هذا الصنف غزة بشكل خفيف جداً أواخر العام 2019 ولجأ التجار والمتعاطون لهذا النوع بديلاً عن حبوب الترامادول، إذ شنت الأجهزة الأمنية حملة كبيرة ضد تجار الترامادول والمتعاطين، وألزمت الصيدليات والمراكز الصحية بعدم صرف هذا النوع بدون وصفة طبية، وهو ما دفع التجار والمروجين إلى التعويض بالكبتاغون وهي حبوب أشد خطورة من الترامادول، حتى بات هذا النوع من المخدرات الأكثر انتشاراً بين المدمنين وفق إدارة مكافحة المخدرات التابعة للحكومة في غزة.
ووفقاً لبيانات رسمية أوردتها وكالة الصحافة الفرنسية، فإن الكبتاغون يصنع في سوريا ويعد أكبر صادرات دمشق، وتم ضبط أكثر من 400 مليون حبة في الشرق الأوسط عام 2021 وبالعادة تتولى شركات عدة عملية نقل وشحن وتوريد البضائع إلى غزة، وفي حال ضبط مخدرات داخلها فإنها تتبادل الاتهامات مع التجار والموردين حول مسؤولية وضع المخدرات داخل المنتجات الواردة عبر المعابر التجارية إلى قطاع غزة.
وبالرغم من الجهود المضنية التي تبذلها الحكومة في غزة من أجل مكافحة إدخال هذه الأصناف، إلا أن هناك تسارعا وانتشارا كبيرا في تهريبها، حيث تهرب هذه الأصناف عبر معبر كرم أبو سالم التجاري مع غزة الذي تسيطر عليه إسرائيل وتدعم تهريب المخدرات للقطاع لإيقاع الشباب والفتيات في وحل الفساد، إضافة إلى ادخالها عبر بوابة صلاح الدين التجارية مع مصر، حيث يتم تهريبها مع البضائع المحملة إلى التجار في غزة، وأيضاً يجري التهريب من خلال البحر حيث تضعف فيه الرقابة نسبياً مقارنة مع المنافذ الأخرى، نظراً للتضييق الإسرائيلي على حرية وعمل الشرطة البحرية، وضعف الإمكانيات المتوفرة لدى الجهات الأمنية في ملاحقة المهربين، حيث يتم تفتيش الشاحنات يدوياً ويحصل أفراد الأمن على المعلومات من متعاونين يبلغون عن الحاويات التي تحمل مواد مخدرة.
إجراءات قانونية صارمة
ووفق مدير دائرة مكافحة المخدرات في الموانئ والمعابر الحدودية في غزة أحمد الشاعر فقد كشف خلال مؤتمر صحافي، أن الجهاز يتمكن كل شهر من كشف ما نسبته 60 في المئة من المواد المخدرة والممنوعة، التي يتم تهريبها عبر منافذ قطاع غزة التجارية والحدود البحرية مع مصر. وحول انتشار حبوب الكبتاغون، يقول «هذا الصنف من الحبوب الخطيرة يتم تصنيعه في إحدى الدول خارج فلسطين ثم ينقل إلى وجهة ثانية، بعد ذلك يتم وضعه في بضائع تجارية مشحونة إلى غزة بواسطة شركاء لبعض التجار الذين يتواجدون خارج القطاع ويقومون بنقله إلى موانئ إسرائيل، وعند وصولها تنقل إلى مستودعات شركات النقل والشحن ومن ثم إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، في حين تعمل الأجهزة الأمنية في إدارة مكافحة المخدرات على إتلاف المواد المخدرة التي يتم ضبطها في قضايا التهريب، وذلك من خلال عقد مؤتمر صحافي تحضره إدارة مكافحة المخدرات بالشرطة، وممثلون عن المجتمع وفرق شبابية ناشطة في التوعية بقضايا المخدرات ووفد من وزارة الصحة، ويجري حرقها في أفران مخصصة للحفاظ على سلامة المواطنين مع عدم الاستفادة من بقايا المواد المخدرة».
وذريعة مروجي المخدرات في انخراطهم في هذه الطريق الخطيرة كونها مهنة تدر المال في ظل الظروف المعيشية الصعبة وانعدام فرص العمل خاصة أمام فئة كبيرة من الشباب الذين اتجهوا مؤخراً لبيع وترويج المخدرات. ولكن هذا التوجه من الشباب للعمل في هذه المهنة المشبوهة، دفع الجهات القضائية في غزة إلى اتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد التجار والمروجين، تصل إلى حد الإعدام في أغلب الأحيان، حيث أصدر جهاز القضاء العسكري في قطاع غزة حكما بالإعدام شنقاً ضد اثنين من كبار مروجي المخدرات مؤخرا.
وخلال التحدث مع أحد متعاطي المخدرات في غزة فضل عدم ذكر اسمه لدواع أمنية قال، «أعاني من ضغوط نفسية كبيرة جداً بسبب تقدمي في العمر وعدم توفر مصدر دخل أو عمل ما أعيل من خلاله نفسي، لذلك وجدت في تعاطي الحبوب المخدرة الطريق الوحيد لنسيان المشاكل والهموم اليومية التي أعانيها، حيث تعتبر الحبوب سواء من مخدر الترامادول أو الكبتاغون مسكنات عصبية تخفف من الأعباء والضغوط التي أواجهها».
وأوضح لـ«القدس العربي» أن حبوب الكبتاغون منتشرة بشكل كبير في غزة والحصول عليها سهل جداً نتيجة إدخالها مع البضائع الواردة يومياً عبر المعابر التجارية مع غزة، كما أن سعرها مرتفع نوعاً ما، لذلك يضطر غالبية المتعاطين إلى العمل في الترويج وبيع الكبتاغون من أجل الحصول على الحبوب بشكل رخيص أو حتى مجاني من قبل التجار الكبار.
وبين أن هناك أساليب عدة يسلكها التجار لإدخال حبوب الكبتاغون وغيرها من أصناف المخدرات، حيث يستغل التجار الأحذية والعلب المغلقة وقطع غيار السيارات، إضافة إلى البضائع داخل الحاويات التي يصعب على الأجهزة الأمنية كشفها على معابر القطاع، وتحتاج إلى وقت طويل للبحث عنها، خاصة وأنه لا توجد أجهزة متقدمة للبحث والكشف والاعتماد يتم على الأدوات البدائية.
وتعد قضية حبوب الكبتاغون من القضايا التي باتت تشغل العديد من دول المنطقة، فليست غزة وحدها التي تكافح انتشارها بل أغلب دول العالم تسعى لمنع تعاطيها، وقد عملت وزارة الخارجية الأمريكية على استراتيجية تنفيذية لقانون مكافحة الكبتاغون، الذي صادق عليه الرئيس جو بايدن نهاية العام الماضي، وخلال الأشهر الماضية عملت على التعاون مع دول في أوروبا ومناطق أخرى لوقف تفشيه.