هآرتس: حين تستخدم دولة إسرائيل المستوطنين ذراعاً عسكرياً لـ”التطهير العرقي” في الضفة الغربية

هآرتس: حين تستخدم دولة إسرائيل المستوطنين ذراعاً عسكرياً لـ”التطهير العرقي” في الضفة الغربية
في مسلسلات الدراما القانونية، دائماً ما يتم تقديم المتهمين للمحاكمة، ويتم فحص الشهادات والبينات بشكل معمق، وبعد معارضة قليلة يتم تطبيق العدالة. إذا أملتم أن تعامل السلطات مع المستوطنين المتهمين بقتل قصي معطان ابن 19 سنة من قرية برقة سيظهر على ذلك النحو، فمن الأفضل لكم عدم حبس الأنفاس. تعلمنا تجربة الماضي بأنه لن يتم تقديمهم للمحاكمة أبداً. وبالتأكيد، لن تطبق أي عدالة في جهاز مشوه، خصوصاً أن الإسرائيليين والفلسطينيين يحصلون فيه على معاملة مختلفة من قبل القانون.
هكذا حدث في السنة الأخيرة في حالات أخرى من الاشتباه بقتل فلسطينيين على يد مستوطنين. في حزيران 2022 اقتحمت مجموعة من المستوطنين أراضي خاصة لسكان من قرية اسكاكا بمحافظة سلفيت، وبدأت في تنظيف الأرض تمهيداً لإقامة بؤرة استيطانية. وعندما حاول سكان القرية طردهم، قام أحد المستوطنين بطعن علي حرب ابن 27 سنة حتى الموت. ادعى منفذ الطعن بأنه تصرف دفاعاً عن النفس رغم أن توثيق الحادثة مخالف لادعائه. أثناء وجوده في الاعتقال، تظاهر أعضاء من اليمين من أجله، منهم أعضاء الكنيست في حينه بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وسمحا روتمان وآفي معوز. لم تتعمق الشرطة في التحقيق (شهادات الفلسطينيين لا يتم التعامل معها بجدية أصلاً. من يتم سماعهم هم أشخاص لديهم حقوق ومشاعر). وبعد بضعة أشهر، أغلقت النيابة العامة الملف.
حكومة ذهبت وحكومة جاءت، رئيس أركان استبدل بآخر، لكن الواقع في “المناطق” [الضفة الغربية] بقي على حاله. في أحد أيام السبت شتاء، في شباط 2023، وصلت مجموعة من المستوطنين من مزرعة “يئير” إلى موقع بناء في القرية الفلسطينية “قراوة بني حسان”، واعتدت على العمال. السكان طردوا المستوطنين المهاجمين بواسطة رشق الحجارة والصراخ. وأثناء المواجهة، أطلق هؤلاء المستوطنون النار على مثقال ريان ابن 27 وأصابوه في رأسه من مسافة 30 متراً، وقتل. لم تجمع السلطات الشهادات من الفلسطينيين. والمتحدث بلسان البؤرة، قال إن المستوطنين كانوا يتنزهون في المنطقة وتمت مهاجمتهم، لذلك، أطلقوا النار في الهواء للدفاع عن النفس، ولم يتم تقديم أحد منهم للمحاكمة.
هذه الأحداث تشبه ما حدث السبت الماضي، فقد وصلت مجموعة من المستوطنين المسلحين، هذه المرة من البؤرة الاستيطانية “عوز تسيون”، إلى القرية الفلسطينية قرية برقة، لذريعة ما، لرعي الأغنام؛ وعندما قام الفلسطينيون بطردهم كعادة أي إنسان تم اقتحام أرضه الخاصة من قبل مسلحين، قام هؤلاء المستوطنون بإطلاق النار وقتلوا الفلسطيني. قالوا المهاجمون بأنهم تصرفوا دفاعاً عن النفس، ثم يسارع نشطاء من اليمين للدفاع عن المشبوهين بالقتل. على الأقل، أصبح بن غفير الآن الوزير المسؤول عن الشرطة، وأحد المشبوهين هو المتحدث السابق بلسان عضو الكنيست – بالتالي، تقدمنا قليلاً.
لكن وجه الشبه بين الحالات يتعلق أيضاً بالمنظومة كلها. يأتي الإرهابيون من بؤر استيطانية غير قانونية، ثم تغض الجهات الأمنية نظرها عن عنف هؤلاء المستوطنين الممنهج؛ ولا وسيلة قانونية للفلسطينيين للدفاع عن أنفسهم؛ وعندما يستدعي الفلسطينيون الشرطة والجيش، يقف هؤلاء إلى جانب المستوطنين المعتدين بل ويقدمون لهم المساعدة؛ ثم تقوم وسائل الإعلام بتصنيف الإرهابيين كـ “شباب” والإرهاب كـ “جدال”؛ ثم يثني السياسيون على المشاغبين، أما النيابة العامة فتغلق الملفات.
أما الدولة فتمول المتابعة التي يقوم بها المستوطنون للنشاطات الزراعية والبناء الفلسطيني في المنطقة ج – وهذا بند ميزانية مثير للاشمئزاز، خصص في حكومة بينيت – لبيد، وضاعفته الحكومة الحالية.
نريد القول لأنفسنا بأن المستوطنين هم المشكلة، لكن الدعم المباشر وغير المباشر الذي يحصلون عليه يكشف حقيقة أنهم بالإجمال يساعدون السلطات الرسمية في الدولة على تحقيق هدفها، وهو إبعاد الفلسطينيين وتطهير عرقي في الضفة الغربية. بكلمات أخرى، خلافاً للادعاء السائد مؤخراً، فإن المشاغبين اليهود ليسوا الذراع العسكري لـ “قوة يهودية”، بل الذراع العسكري لدولة إسرائيل.
يوعنا غونين
هآرتس 8/8/2023