مقالات

الثقافة العربية وحل مسألة جدلية الصراع بين الولاءات والانتماءات بقلم د- عزالدين حسن الدياب

بقلم د- عزالدين حسن الدياب

الثقافة العربية وحل مسألة جدلية الصراع بين الولاءات والانتماءات
بقلم د- عزالدين حسن الدياب -25-8-2023
عن سؤال كيف لنا في الوطن العربي حلّ قضية مؤرقة في الحياة العربية،وهي قضية الصراع بين الولاءات والانتماءات في مستويات القربى الساكنة في البناء الاجتماعي العربي بكل أبعاده المحلية والوطنية والقومية،وكيف نزيل الالتباس والعداوة والخصومة بين مستويات القربى الدموية،والجهوية،وقربى المذهب،والشّلّة، والعقيدة،والقبيلة،والعشيرة،وهل من الممكن التوافق والتعايش،بين الولاءات والانتماءات،ووقف فعالياتها في تقسيم البنى العربية،تعايشاً بناء يحافظ على وحدتها وتماسكها.بحيث يكون: انتمائي لأسرتي،وولائي لها يقوي من الوحدة والتآلف والعيش المشترك بين الأسرة والعائلة،والاسرة والعائلة،مع الفخذ والبطن،ثم الفصيل فالعشيرة والقبيلة؟
أفادتنا ثقافتنا العربية،بكل تقاليدها وأعرافها وقيمها ومعاييرها وعاداتها،ومالها من معطيات مادية وروحية وفنون،أنها ثقافة المجتمعات الأهلية ،الثقافة التي تشكل فيها قربى الدم العامل المحدد في ولاء الأفراد وانتماءاتهم،وهذه القربى لها من عصبيات الولاء والانتماء التي تفرضها على سلوك وفعالية الأفراد والجماعات،التي تحكمها مقولة القربى الدموية:”أنا وأخي على ابن عمي،وأنا وابن عمي على الغريب.
وفي تفكيكه لفعالية هذا القانون القرابي،يقول لنا ابن خلدون:إنّ الفرد في العشيرة والقبيلة،بل قل بالأسرة والعائلة،يتماهى في مستويات القربى هذه،إذ لاتراه إلاّ داخل مستويات القربى هذه في ولاءاته وفي انتماءاته،ومن يخرج عليها،ينال عقوبات محكومة إلى تقاليد العشيرة وعاداتها،وأعرافها.
وحقيقة تفكيك ابن خلدون لعصبية القربى الدموية،وما تمليه من واجبات وحقوق يراها في نتائجها داخل المجتمع القرابي الأهلي /القرابي،حيث تلعب دور الوحدة الاجتماعي تارة،ودور تقسيم مستويات القربى تارة أخرى ،وما يتأتى عن ذلك من ولاءات وانتماءات متحاربة متصارعة،توحيدية تفكيكية تقسيمة.ويدم ابن خلدون برهانه بما كان يحدث في البناء الاجتماعي العربي من تقسيم وتفكيك وحروب.*
إن الوجه المقابل للتفكيك الذي قام به ابن خلدون لصراع عصبيات القربى،نقوم بتفكيك عصبية القربى وولاءاته وانتماءاته من خلال طرح مسألة المواطنة في المجتمع العربي،ومالها من ركائز اجتماعية بنائية،تكون بمثابة محددات للمواطنة،بما لها من حقوق وواجبات،وما للمواطن العربي من حقوق وواجبات،وفي مقدمتها الاعتراف بدوره الاجتماعي القائم على حريته وحقوقه،وحقه كمواطن ممارسة هذه الحقوق بكل ماحملت من ايجابيات في الوحدة الاجتماعية المبنية على العدالة الاجتماعية،ورفع الوصاية،أياً كان مصدرها.
وبدهي القول إنّ المواطنة الصحيحة والحقة،المالكة لكل مقوماتها البنائية،لايمكن ان تفرض حضورها وفعالياتها،إلاً في مجتمع مدني كامل الأوصاف بمدنيته وعدله وحقوق أفراده،القائم على المساواة بكل صورها ومعالمها الاجتماعية،وفي مقدمتها المواطنة السليمة المبنية على:الحقوق والواجبات،والعدل الاجتماعي،وحق التعبير،والقول الصحيح والسليم في قضايا المواطن العربي اليومية،وما يواكبها من تحديات.وهذا من معانيه أولآ حقوق المواطن العربي غير منقوصة،لاتقبل الإنابة عنه في مطالبه وحقوقه،وإحترام رأيه.
إذن؛ التفكيك لبنية الثقافة العربية الراهنة من آجل ثقافة عربية مدنية مالكة القدرة على إحلال ثقافة المجتمع المدني،الذي هو بكل مواصفاته وصوره يبدأ بالمواطنة وما ملكت من حقوق ووجبات ومحددات ثقافية مدنية،ويمر بحقوق الأفراد والجماعات المبنية أولآ وأخيرا على مبدأ المواطنة في مجتمع مدني. هذا المبدأ،بكل تاكيد،هو الذي يصيغ جدلية صراع الولاءات والانتماءات،على نحو يكون فيه المواطن العربي آبن أسرته وعائلته وعشيرته وقبيلته وجهته ومذهبه في آنٍ معاً،بحيث يملك الوعي الذي يجعل هذه الولاءات والانتماءات تاتي دورها وفعالياتها البنائبة في سياق وحدة المجتمع العربي،بعيدًا عن وازع الالتحام والانقسام القبلي والجهوي والعشائري.
غير ان وازع الالتحام والانقسام في حياتنا العربية المعاصرة،لابد له من وازع ثقافي قيمي وفكري وعقائدي،يحكم الوازع الادنى بكل مستوياته يحكم فعالياته المجتمعية، ينسق بين وازعها في الالتحام والانقسام،ويحكم جدليته.
ونرى هذا الوازع المجتمعي:العروبة الثقافية أولاً فهي كلمة السر في وحدتنا وتماسكنا،وقوة بنياننا الاجتماعي العربي . العروبة الثقافية الوطنية والقومية والمذهبية والعشائرية والإسلامية والعرقية.
في ظل العروبة الثقافية أكون ابن وطني بقدر ما أكون ابن أمتي،واين أمتي بقدر ما أكون ابن انسانيتي،إنها بحق العقد الاجتماعي لحياتنا العربية،وهويتنا القومية التي نبني أمتنا في ظلّها،ونصارع التحديات التي تعيشها أمتنا العربية ،بحثاًعن بلوغ رسالتها الخالدة، ممارسة دورها الحضاري.
*من يريد التوسع في طريق ابن خلدون في تفكيك جدلية الصراع بين الولاءات والانتماءات عليه العودة الى مقدمته،ومراجعة الاستاذ الدكتور محمد عبد الوافي،وعلي الوردي ..إلخ
د- عزالدين حسن الدياب -25-8-2023

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب