من أجل تجديد الثقافة العربية
بقلم د-عزالدين حسن الدياب
الاهتمام بمسألة الثقافة العربية،والدعوة لتجديدها،جاء نتيجة اهتمام بمستقبل الأمة العربية،وأخذ مسالة الثقافة العربية من منظور قومي يرى أن غنى الثقافة العربية،ياتي من خلال تنوعها: مواضيع ومفاهيم ومفردات،وكل مافي جبلًة الثقافة،بمعناها الأنثروبولوجي،من عادات وتقاليد وقيم ونتاج مادي وحضاري وروحي وفكري”1″.
وعندما أبدينا هذا الاهتمام/الهم القومي في مخطوطنا،من أجل مدرسة عربيةأنثروبولوجية ،ودعوتنا إلى مدرسة عربية أنثروبولوجية نقدية”2″تكمل هذه المهمة في نقد الدراسات الأنثروبولوجية التي تمت عن الثقافة العربية،بأقلام عربية وأجنبية،مع الأخذ بالاعتبار تنوع الغايات البحثية في أهدافها،وأشكال توظيفها،للدخول المنهجي في قراءة الثقافة العربية قراءة تعرفنا على الشخصية العربية،بكل مالها من ملامح وخصائص،وأنساق بنائية،
وقلنا في هذه الدراسات إن دراسة الثقافة العربية تبدأ بشروطها التي نراها في مركز أبحاث ثقافية ،وإطارات بحثية متخصصة،وذات ولاء قومي،تنطلق في أبحاثها الميدانية من منظور قومي يرى في تجديد الثقافة العربية مهمة مصيرية نضالية لاتقبل التأجيل،ولكن أن يُسند هذا الولاء لبدهيات عربية يرى وحدة الثقافة العربية في تنوعها الجهوي والوطني والقومي،ويرى في في أن البحث في التنوع الثقافي العربي،لابد ان يمر في معرفة قوانين الثقافة:”3″
– قانون انتقال الثقافة من الماضي إلى الحاضر إلى المستقبل،
– قانون الانتشار الثقافي،من منطقة لأخرى”داخلي”ومن أمة إلى أمةً”خارجي”
-قانو التخلي والاكتساب.”4″
وإذا عرفنا من خلا هذه القوانين،والتاثير المتبادل بين الثقافات،وإن كان في نهاية الأمر أن التأثير المتبادل بين الثقافات يتم دائما لصالح الثقافات المتقدمة في جانبها المادي والفكري والحضاري،إن الثقافة في تكوينها وديمومتها وتغيرها تظل في كل هذه الحالات استجابة يومية/حياتية لمطالب الإنسان وحاجاته.
ماذا تريد هذه المداخلة في دعوتها لتجديد الثقافة العربية؟
لاشك أن تجديد الثقافة العربية يحتاج إلى التخطيط والفرز،وإلى ضبط عمليات التخلي والاكتساب،بحيث ترتبط تلك العمليات بالمحافظة على الهوية القومية،وعلى الثوابت والنظم الأساس للشخصية العربية،من كونها شخصية تاريخية لها مهمتها الحضارية،ولها رسالتها الخالدة التي تضفي عليها الشرعية التاريخية.
فهل لنا ونحن ندعو إلى تجديد الثقافة العربية،أن نحدد المهام والأولويات، أن نقول بالأولويات بناء على ماجاء في أدبيات الفكر القومي حول الجيل العربي الجديد،والإنسان العربي الجديد:المواطن،والوطنية،والعدل الاجتماعي،وحقوق الإنسان بكل ماملكت من أبجدية ومفاهيم،وأن تكون عصبية القربى،على حد قول ابن خلدون،عصبية الولاء والانتماء لأمة عربية واحدة،وأن تأتي الولاءات والانتماءات من قربى العائلة والمذهب والجهة والوطن/القطر والعشيرة والقبيلة تابعة ومتممة،ومتكاملة،مع الانتماء للأمة العربية،انتماءًامصيرياً.فأنا آبن أمتي اولاً،ثم ابن وطني ثانياً،وابن قبيلتي ثم عشيرتي،فبطني وفخذي،ثم عائلتي وأسرتي،أي أن تندمج عصبيات مستويات القربى سالفة الذكر،مع عصبية الأمة العربية،وهي تواجه معركة مستقبلها.
إذن؛ مهمة التجديد الثقافي أن بطرح عمليات التخلي والاكتساب وفق حاجات الأمة العربية في معركة مصيرها،والتحديات التي تواجهها في معركتها مع العدوانية الغربية/الأمريكية/الصهيونية،ومعركة التخلف والانقسام والفرقة.
1-يرجى الرجوع إلى كتابنا:دراسات انثروبولوجية تطبيقية-الدار الوطنية-ط1-2006
2-من أجل مدرسة عربية في الأنثروبولوجيا النقدية-المرجع السابق-ص197.
3-المرجع السابق-ص186-187.
4-عندما أكدنا على أهمية تخطيط وبرمجة عمليات التخلي
والاكتساب،وسكنها في مراكز بحثية وإطارات بحثية تؤمن بما للثقافة وتجديدها من حظوة، عند ممن يحسبون أنفسهم على الجيل العربي الجديد،ومهامه النضالية،أردنا في التجديد مهمة قومية لاتقبل التأجيل.وأردنا ايضا توفير مستلزمات تلك المهمة من قبل التيار العربي الوحدوي،الذي ربط مصيره بمصير هذه الأمة المحاربة من العدوانية الغربية/الامريكية والصهيونية العالمية بلقمة عيشها وفي تحررها ونهضتها وحقوق إنسانها ،ماجرى لفلسطين والعراق أنموذجا.
د-عزالدين حسن الدياب-27-8-2023