ثقافة وفنون
خواطر وجدانية أقوال في الحب بقلم أ.د. محمد عبد العزيز ربيع
بقلم أ.د. محمد عبد العزيز ربيع
خواطر وجدانية
أقوال في الحب
بقلم أ.د. محمد عبد العزيز ربيع
إن من الصعب أن تختار من تُحب، لكن من الأصعب أن تنجح في كراهية من أحببت، لأن كراهية الحبيب تعني كراهية الذات التي أحبت الحبيب في بداية الأمر، وغدت جزءا منه.
إن من السهل على من خانته تجربة حب سابقة أن يقع في تجربة حب جديدة بسهولة، لان خيانة الحب تترك خلفها فراغا كبيرا في قلب المُحب يكون بحاجة لمن يملئه، وجرحا عميقا بحاجة لمن يُداويه. لكن من الصعب على الحبيب الجديد أن يملأ الفراغ وأن يداوي الجرح بالسرعة المطلوبة، لان فراغ الهجر وجرح الخيانة يتحولان بسرعة إلى ذاكرة تغوص في الأعماق بعيدا عن الواقع وتجعل من الصعب على الحبيب الجديد الوصول إليها والتغلب عليها.
الشعور بالحب شعور إنساني جميل، لأن الحب إحساس بالدفء بعيدا عن النار وحرارة الشمس الحارقة.. إنه شمس شتاء بارد تطل من شرفة بيت زجاجي، تبعث فيه الدفء على مدى لحظات حالمة لا تدوم طويلا. لكن بعض أنواع الحب، كشمس الشتاء، سرعان ما يتوارى خلف أسراب الضباب التي تكتنف الحياة وترفض أن تتركها كي تعيش وهمها وحلمها دون إزعاج بعيدا عن عيون المتطفلين والحاسدين.
إن الوداع هو أصعب ما في الحب، لكن الأصعب من الوداع، هو فراق الحبيب دون وداع.
إن بإمكان الإنسان أن يستمتع بممارسة الجنس مع الآخر دون أن يبادله الحب، لكن من شبه المستحيل أن يستمتع الإنسان بالحب دون ممارسة الجنس مع الحبيب.
إن قبلة النهار أكثر عذوبة من قبلة الليل، لكنها أقل جرأة وأقصر عمرا.. إنها نشوة مسكونة بالخوف من عقاب السلطة أو التقاليد، والتحدي الذي يعرف أن مصيره الهزيمة في نهاية المطاف.
يتصف الحب الحقيقي بالجرأة والدفء والصدق في آن واحد. وهذا يعني أنه كلما كان المُحب جريئا كلما كان الجسد أكثر دفئا وكان الحب أكثر صدقا. وفي المقابل، كلما كان المحب مترددا أو جبانا كلما كان الجسد باردا وكان الحب ضعيفا أو مزيفا. وهذا بدوره يجعل حرارة الجسد بوابة لحياة جميلة وبداية لإزهار شجيرة الحب، فيما يجعل البرودة بوابة لذبول الحياة وموت أزهار الحب بهدوء.
المشاركة في الشعور هي روح الحب.. والحب هو روح الحياة.. والحياة هي روح الوجود. الوجود بلا حب، هو وجود بلا حياة، بلا معنى.. هو نهاية لحياة بلا بداية.. حياة بدأت مفرغة بلا غاية، وانتهت تائهة بلا دراية، وغدت سحابة عابثة بلا هواية. الحياة بلا حب هي رواية حزينة تحكي حكاية النهاية دون أن تذكرنا بالبداية.
إن من الضروري أن نحتفل بالحياة لأنها أجمل وأعظم فرصة للإنسان كي يستمتع بفترة وجوده على الأرض، ولذا كان علينا أن نقدس الحب لأنه النبع الذي يغذي رحيق الحياة ويجعل لها روحا ومعنى. قد يكون ما بعد الحياة هو نهاية النهاية، وقد يكون بداية لحكاية جديدة مثيرة ينتظرها الكثيرون بشغف، لكن الجميع يهابها ولا يريدها أن تأتي أبدا. وبالرغم من أن ما بعد الحياة قد يكون جميلا وعظيما، إلا أنه لا يوجد إنسان يعرف له مكان أو مضمون أو زمان أو عنوان يدق بابه حين يشعر أن الوقت حان لمغادرة الحياة على الأرض.
الحب محراب مهيب تؤمه كل القلوب، والحبيب وثن يأخذك من الدنيا لتعيش معه في حلم جميل بلا نهاية، والعشق تعبد في محراب وجداني بالقرب من الحبيب الذي يذكرك دوما بالخوف من أن السير على طريق الغرام قد يكون بداية لشوق حارق سائر على طريق وعرة لا تعرف غير الغواية.
الحب وحده ليس كافيا لحياة إنسانية ممتعة ومثمرة، والحياة بأكملها ليست كافية ليعيش الإنسان متعة حب حقيقية.