تحقيقات وتقارير

مظاهرات عالمية غير مسبوقة دعمًا لغزة.. هل تنجح في وقف إطلاق النار؟

مظاهرات عالمية غير مسبوقة دعمًا لغزة.. هل تنجح في وقف إطلاق النار؟

من واشنطن إلى نيويورك، ومن باريس إلى لندن، ومن برلين إلى ميلانو وبرشلونة وتورنتو وأمستردام وغيرهم.. تطوف عواصم غربية كبرى، بالاحتجاجات الرافضة للإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بحق غزة، معلنين تضامنهم مع الشعب الفلسطيني المحاصر في القطاع.

ويخالف هؤلاء المتظاهرون موقف حكوماتهم الداعم لاستمرار العدوان على غزة بذريعة أن وقفها، قد يمنح حركة حماس فرصة لإعادة تجميع قوتها وقواها أمام “إسرائيل”.

وأعرب المتظاهرون، خاصة في البلدان التي تضم أعدادًا كبيرة من المسلمين، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، عن خيبة أملهم تجاه حكوماتهم، بسبب دعمها “إسرائيل”، بينما تكثف الأخيرة قصفها للمستشفيات والمناطق السكنية في قطاع غزة.

ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها “الحرية لفلسطين” وهتفوا “أوقفوا إطلاق النار الآن” و”بالآلاف، بالملايين، كلنا فلسطينيون”، كما هتفوا “فلسطين من النهر إلى البحر، سوف تتحرر”.

أعداد مهولة

في المظاهرة الضخمة التي توجهت إلى البيت الأبيض في واشنطن العاصمة، شارك نحو 300 ألف شخص في الاحتجاج، وفق ABC NEWS، بينما قدرت مصادر أخرى مشاركة أكثر من 400 ألف.

وقال ناشطون إن الولايات المتحدة لم تشهد مظاهرات ضد الحرب بهذا الحجم منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.

 

وبدورها، قالت منظمة “إنهاء الحرب والعنصرية”، وهي إحدى المجموعات المنظمة للاحتجاج، في موقعها على الإنترنت: “إسرائيل، بدعم كامل من حكومة الولايات المتحدة، ترتكب مذبحةً غير مسبوقة في غزة”.

وتابعت “إسرائيل تقتل آلاف الفلسطينيين بالقنابل والرصاص والصواريخ التي تدفع ثمنها من أموال الضرائب الأمريكية”، ووجه المتظاهرون غضبهم تجاه الرئيس جو بايدن، واتهموه بدعم الإبادة الجماعية ضد أهالي غزة.

تظاهر الآلاف في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، احتجاجًا على الهجمات الإسرائيلية على غزة وتضامنًا مع الفلسطينيين (فاتح أكطاش – وكالة الأناضول)

وقد قاوم المسؤولون الأمريكيون الدعوة إلى وقف عام لإطلاق النار، لكنهم حثوا على “هدنة إنسانية مؤقتة” من أجل إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة.

كما انطلقت مظاهرات واعتصامات في جميع أنحاء المملكة المتحدة للمطالبة بإنهاء الهجمات الإسرائيلية على غزة، وقدرت شرطة العاصمة أن هناك 30 ألف شخص على الأقل، تظاهروا السبت الماضي، وسط لندن وحدها، وفق BBC.

وفي برلين، ذكرت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن نحو 6000 متظاهر نظموا مسيرة في وسط العاصمة، كما تظاهر عدة آلاف في مدينة دوسلدورف غرب ألمانيا.

وشهدت مدينة ميلانو الإيطالية تجمعًا حاشدًا ضم عدة آلاف، وفي جزء آخر من نفس المدينة، اجتذبت مسيرة مؤيدة للفلسطينيين نحو 4000 شخص، وكانت هناك أيضًا مظاهرة لعدة آلاف في روما، وفق مجلة تايم.

وفي العاصمة الرومانية، تجمع المئات في وسط بوخارست، ولوح العديد منهم بالأعلام الفلسطينية وهتفوا “أنقذوا الأطفال في غزة”، كما خرجت مظاهرات في كندا، فضلًا عن هولندا وإسبانيا والنمسا والسويد والدنمارك وغيرها من الدول الأوروبية.

 

بالإضافة إلى الدول الأوروبية، خرجت مظاهرات ضخمة في عدد من الدول الإسلامية أبرزها مسيرة مليونية في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، بمشاركة وزراء في الحكومة وقادة أحزاب وبرلمانيين وقادة منظمات إسلامية.

 

 

ضغوط انتخابية

من خلال المسيرات المنتشرة حول العالم، خاصة في الولايات المتحدة، يحاول المتظاهرون الضغط على الرئيس الأمريكي جو بايدن لوقف الحرب ويرون أن المظاهرات تمنحهم الأمل في ذلك.

يقول بريان بيكر، مدير منظمة “Answer”، للحشد في واشنطن إن الدعم الشعبي الأمريكي للشعب الفلسطيني “دخل حقبة جديدة لم يسبق لها مثيل”.

ورأى أن التغيير يجري “على قدم وساق” لكن ليس من الكونغرس أو البيت الأبيض، لكن نتيجة لما يحدث في المجتمعات والشوارع، وفق ما نقلت صحيفة الغارديان البريطانية.

وأضاف “التغيير يأتي من خلالنا، نحن نرسل رسالة قوية جدًا إلى جو بايدن: إذا كنت تقف مع الإبادة الجماعية، فإننا نعتبرك مذنبًا بارتكابها”.

مظاهرة في مدينة تورنتو الكندية احتجاجًا على الهجمات الاسرائيلية على قطاع غزة وتضامنًا مع الفلسطينيين (Mert Alper Dervış – وكالة الأناضول)

ويحاول المتظاهرون اللعب على ورقة الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، حيث يتوعد الشباب الأمريكي المناهض للحرب بعدم إعادة انتخاب بايدن، كما عبر كثير من المتظاهرين عن ندمهم بسبب انتخابه.

وظهرت علامات الانقسام بين مؤيدي الحزب الديمقراطي التقليديين المؤيدين لـ”إسرائيل” والناخبين الشباب، بما في ذلك العرب الأمريكيون، بشأن العدوان.

وفي خطاب ألقاه نهاد عوض، مدير مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) خلال مظاهرة السبت، قال: “اللغة التي يفهمها الرئيس بايدن وحزبه هي لغة الأصوات في الانتخابات، ورسالتنا هي: لا وقف لإطلاق النار، لا تصويت”.

وتابع “لا أصوات في ميشيغان، لا أصوات في أريزونا، لا أصوات في جورجيا، لا أصوات في نيفادا، لا أصوات في ويسكونسن، لا أصوات في بنسلفانيا”، وهي هتافات رددها عشرات الآلاف خلال المظاهرة.

 

وتقول صحيفة واشنطن بوست، إنه بعد المظاهرة الكبيرة في واشنطن، سرعان ما دعم بايدن مساء ذات اليوم “هدنة إنسانية مؤقتة في غزة”.

وجاءت دعوة عوض لمقاطعة الانتخابات بعد يوم واحد من إصدار النائبة التقدمية رشيدة طليب، وهي ديمقراطية من ولاية ميشيغان، مقطع فيديو يدعو إلى اتخاذ إجراء مماثل.

 

وقالت طليب، العضوة الأمريكية الفلسطينية الوحيدة في الكونغرس، في الفيديو: “جو بايدن دعم الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني. الشعب الأمريكي لن ينسى. بايدن، ادعم وقف إطلاق النار الآن. أو لا تعتمدوا علينا في 2024”.

جدوى المظاهرات

وعن جدوى المظاهرات وإمكانية أن تدفع لإنهاء العدوان من عدمه، يقول موقع “ذا إنترسبت” الأمريكي: “الوقوف في وجه عدوان ما؛ له تأثيرات لا يمكن التنبؤ بها. غالبًا ما يبدو الأمر عديم الجدوى، لكن هذا مجرد وهم”.

 

وتابع الموقع في مقال للكاتب جون شوارز: “فكما لا يستطيع أحد أن يدرك النتائج المعقدة التي لا نهاية لها للعنف، لا يستطيع أحد أن يرى الآثار الدقيقة لمقاومة العنف، كلاهما حقيقي بنفس القدر”.

وأردف “لذا، إذا كنت تفكر في المشاركة بالمظاهرات ضد الهجوم الأمريكي الإسرائيلي على غزة، آمل أن تفعل ذلك. عليك فقط أن تتصالح مع حقيقة أنك قد لا تعرف أبدًا ما أنجزته”.

وتابع “من المحتمل جدًا أن تشارك في إنقاذ حياة شخص ما، رغم أنك لن تعرف أبدًا من هو، وأنه لن يعرف أبدًا أنه على قيد الحياة بسببك”.

وذكر أن “عدد القتلى في غزة يتجاوز الآن 9000، وفي ظل الوضع الراهن، يبدو من المؤكد أن آلافًا آخرين سيقتلون، لكن الضغط الناتج عن الاحتجاجات في الولايات المتحدة وأوروبا وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط، يمكن أن يقيد إسرائيل عن قتل المزيد من الناس”.

 

ويرى الكاتب أن “الكثير من المسؤولين الأمريكيين يدفعون بحماس لتوسيع الحرب لتشمل إيران، لكن كلما زادت معارضة الهجوم على غزة، قل احتمال حدوث ذلك”.

وبين أن طريقة التخلص من الحرب وتوسعها تكمن في دفع المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين لرؤية حجم المتظاهرين ضد العدوان ممن يقولون “لا” لبايدن ولرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأشار هنا إلى أن احتجاجات أصغر حجمًا أيضًا تشمل “إسرائيل” من عدة فئات تطالب بوقف النار واستعادة أكثر من 200 أسير في غزة.

 

واستدل على حجم تأثير هذه الخطوات بالقول: “وجدت التقارير في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين أن هذا قد حدث فيما يتعلق بمظاهرات حرب العراق”.

واليوم، ينطبق الأمر نفسه بشكل أكبر على الاحتجاجات الكبيرة والمثيرة للإعجاب بشأن غزة، التي قادها على وجه التحديد اليهود الأمريكيون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب