فلسطينمقالات

سقوط مشروع السلام الاقتصادي لبيبي نتنياهو بقلم مروان سلطان – فلسطين

بقلم مروان سلطان - فلسطين

سقوط مشروع السلام الاقتصادي لبيبي نتنياهو
بقلم مروان سلطان – فلسطين
27.11.2023
معظم رؤوساء اسرائيل مصابون بمتلازمة عقدة الامن والتي من خلالها يعتقدون فقط القفز على استحقاق الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة وتقرير مصيره. نتنياهو وهو الاطول عمرا في الحكم والذي تبوء رئاسة الحكومة الاسرائيلية منذ 1996 بعد انتخابه رئيسا لليكود خلفا لشارون . وهو الذي طال امده واوشكت خدمته العامة على نهايتها عمل على ما يسمى بمشروع السلام الاقتصادي مع الشعب الفلسطيني بديلا عن المسار السياسي ، فقام بمنح نوع من الامتيازات والتسهيلات لهذا القطاع وتناسى ان هناك شعبا كاملا يرزح تحت الاحتلال منذ خمس وسبعون عاما ، يتطلع الى حريته ونيل استقلاله رغم الاجحاف الذي لحق به. وعمل نتنياهو مع الرئيس الامريكي ترامب على اعداد صفقة لا علاقة لها باي من الحقوق التي يتطلع اليها الشعب الفلسطيني ورفضها الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية جملة وتفصيلا.
عمل نتنياهو على اقامة علاقات مع الدول العربية متخطيا القضية الفلسطينية معتقدا انه بذلك طوى صفحة الشعب الفلسطيني ، وان هذه القضية لم تعد موجودة وان جل الاستحقاق السياسي للشعب الفلسطيني في ابقائه تحت الحكم الذاتي في ظل دولة اسرائيل.
ولعل ما عرضه نتيناهو في الامم المتحدة من برنامج يتحدث عن الشرق الاوسط الجديد هو نتاج فكره في اقامة سلام اقتصادي في المنطقة ولا يوجد حتى للشعب الفلسطيني في حديثه اي ذكر كان. والخارطة الجديدة للشرق الاوسط تبتلع فيها اسرائيل كيانات قائمة مثل الاردن وسوريا ولبنان حيث تقف بعد ذلك حدود دولة اسرائيل على نهر دجلة والفرات. هذا العرض طبعا يتساوق مع صفقة القرن التي نبذتها الشعوب العربية ، لكن حكومة اسرائيل ماضية في تحقيق ماربها بمساعدة القوى العالمية التي لا ترى وجودا للقضية الفلسطينية اصلا، وتغض النظر عن تحقيق الاماني والتطلعات للشعب الفلسطيني في نيل حريته واقامة دولته الفلسطينية، وكل ما نسمعه وعودا جوفاء في تحقيق مبدء الدولتين جنبا الى جنب .
الحكومات الاسرائيلية وضعت سيناريو للفلسطينين واقامتهم في كنتونات معزولة غير متواصلة وعززت هذا الواقع من خلال اقامة المستوطنات التي تحاصر المدن الفلسطينية والشوارع الالتفافية كل ذلك تحت مسمى متلازمة الامن ، وهذا المسمى اجد نفسي ملزما بتثبيته على الواقع السياسي بسبب ان هذا الموضوع هو الذي يوجه مسارات العمل السياسي الاسرائيلي في الشان الفلسطيني . فالحديث عن مسارات امنية او مستوطنات امنية او بفر زون للحدود بين المناطق الفلسطينية والمناطق الاسرائيلية ، او حدود امنية مثل الحديث عن المنطقة الحدودية الشرقية وهكذا، وبناء عليه تبني استراتيجياتها على هذا الاساس وبالتالي فان يذلك يغتصب الحقوق الفلسطينية ولا تجد لها مكانا في البرنامج السياسي لاعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعه وفق ما يسمى في الشرعية الدولية. هذه ببساطة لا نستطيع ان نطلق عليها الا متلازمة الامن وهي عقدة دولة الاحتلال ومن خلالها تسطو على الاراضي وتضيق الخناق على الشعب الفلسطيني ، وتمنع اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. هذا المرض المزمن هو مرض متعمد ومقصود للتهرب من الاستحقاقات التي على الجانب الاسرائيلي ان يدفعها اذا اراد ان يحقق السلام والامن والامان لشعبه ولغيرة.
وبناء عليه فقد اقنع نتنياهو الشعب الإسرائيلي بان الشعب الفلسطيني غير موجود وقفز الى تحقيق التطبيع مع العالم العربي ليثبت ان السلام مع العرب ممكن دون الفلسطينين، ومضى قدما في تحقيق احلامه عبر مشاريع تهجير الشعب الفلسطيني الطوعي اولا ومن ثم اراد انتهاز ما بعد السابع من تشرين اول ليعمل على تنفيذ التهجير القصري بقوة السلاح.
لقد وجد نتنياهو ضالته في تحقيق الحلم الصهيوني بتعزيز اليمين الاسرائيلي ، الذي كان بعضهم منبوذا في الساحة الاسرائيلية وكان ممنوعا عليهم حتى الانخراط في الحياة السياسية ، ومع اعتلاء اليمين الحكم في اسرائيل بدى لنتنياهو ان كل شئ يتحقق وفق رؤيته. وسعى الى استدامة حكمه واراد ان يغير من المنظومة القضائية مما اثار حفيظة الشعب الاسرائيلي والولايات المتحدة والدول الغربية.
كل ما تم سرده كان لتوضيح المسار السياسي في العقلية الاسرائيلية التي عملت وبجهد كبير على ازالة الوعي الجمعي من الذاكرة الفلسطينية اولا والعالمية ثانيا الا ان حصلت عملية السابع من اكتوبر وهي ليست الاولى ولن تكون الاخيرة في تاريخ النضال الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعه ونيل استقلاله لتنهي هذه العملية كل اوهام ومخططات نتنياهو ، وتعيد القصية الى المربع الاول من الصراع.
السابع من اكتوبر لم يدخل في حسابات نتنياهو الذي كان من اهم برامجه تعزيز الانقسام بين غزة والضفة الغربية . وكم من المرات تباهى نتنياهو امام الشعب الاسرائيلي وحكومة الاحتلال بان الانقسام يمنع اقامة الدولة الفلسطينية ويعمل على شق الصف الفلسطيني.
لقد سقطت اوهام نتيناهو ، وان الشعب الفلسطيني لا يمكن ان يقبل الا بالحرية ثمنا لكل الدماء التي سقطت في سبيل فلسطين. لن يكون لهذه المشاريع وهذه الاوهام مكانا في الاجندة الفلسطينية. ونتنياهو اليوم بانتظاره استحقاقات سيدفع ثمنها بسبب تجاهله للقضية الفلسطينية وخلق اجسام واوهام تحيده عن الوصول الى سلام حقيقي في المنطقة. الحوافز الاقتصادية لا يمكن ان تكون حلا بديلا للاستحقاقات السياسية، هذا هو الغباء السياسي والذي نقل نتنياهو من نكسة الى اخرى ، وسقط معه ومع كل الذين امنوا بنظرياته في تقديم الحقوق المنقوصة.
ولا بد من المصارحة التي يجب ان لا يغفلها الاقتصاديون الفلسطينيون اولا لانها تمس بهم قبل غيرهم وكذلك السياسيون ان الاقتصاد الفلسطيني لا يمكن ان يقارن بمثيله في الاقتصاد الاسرائيلي الذين هيمن على الاقتصاد الفلسطيني والتهم كل خواصه وبقيت التبعية للاقتصاد الاسرائيلي الذي طالما تحدثنا عن ضرورة وقف هذه التبعية ، وتعزيز الشراكة مع العالم العربي والاسلامي اولا وبقية العالم ثانيا. هذا ما كان من السلام الاقتصادي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب