تحقيقات وتقارير

سجل حافل بالجرائم.. كيف يمكن محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على همجيته؟

سجل حافل بالجرائم.. كيف يمكن محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على همجيته؟

يستمر حتى كتابة هذه السطور العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فى ظل سياسة العقاب الجماعي الذي يقوم به كيان الاحتلال، ويتواصل بممارسة أشد أنواع التنكيل والجرائم بحق سكان القطاع، فقد دمّر العدوان الهمجي أجزاء كبيرة من غزة راح ضحيتها الآلاف من المدنيين العزّل، وشرّد جميع سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.

ألقت هجمات العدوان الإسرائيلي بثقلها على المدنيين في غزة وأفقدتهم أساسيات العيش، فلا غذاء يكفي في ظل الحصار المفروض على القطاع، ولا مكان يؤوي ويحمي من هجمات الطائرات “الإسرائيلية” التي تخلف في اليوم الواحد مئات الشهداء الجرحى.

وبحسب التقارير الإعلامية الدولية، يقول الخبراء إن الحملة العسكرية “الإسرائيلية” على قطاع غزة تعد الآن من بين أكثر الحملات دموية وتدميراً في التاريخ، وما أحدثه العدوان على غزة يفوق الدمار الذي أحدثه قصف الحلفاء لألمانيا في الحرب العالمية الثانية.

حيث أدى القصف الهمجي العنيف إلى تدمير أكثر من ثلثي المباني في شمال غزة وربع المباني في المنطقة الجنوبية من خان يونس، وفقاً لتحليل بيانات القمر الصناعي “كوبرنيكوس سنتينل-1″، ويضيف الخبراء أن نسبة المباني المتضررة في منطقة خان يونس تضاعفت تقريباً خلال الأسبوعين الأولين فقط من العدوان “الإسرائيلي” جنوبي غزة.

ويشمل ذلك عشرات الآلاف من المنازل في أنحاء غزة، بالإضافة إلى المدارس والجامعات والمستشفيات والمقرات الحكومية والمساجد والمتاجر وغيره.

ومن جهة أخرى، يشير مراقبو الأمم المتحدة إلى أن نحو 70% من المباني المدرسية في أنحاء غزة تضررت. وكان ما لا يقل عن 56 مدرسة متضررة بمثابة ملاجئ للمدنيين النازحين. .

ومن خلال شظايا الانفجار التي تم العثور عليها في الموقع وتحليل لقطات الغارة، فإن الخبراء واثقون من أن الغالبية العظمى من القنابل التي أسقطت على غزة هي أمريكية الصنع، ويقولون إن الأسلحة تشمل 2000 رطل (900 كيلوغرام) من الصواريخ “خارقة التحصينات” التي قتلت المئات في المناطق المكتظة بالسكان.

ورغم تجاوز عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة 20 ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال، ودعوات المجتمع الدولي المتكررة إلى وقف إطلاق النار، فإن إسرائيل تصر على المضي قدماً قائلة إنها تريد تدمير القدرات العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وتواصل إدارة الرئيس الأمريكي  جو بايدن بهدوء توريد الأسلحة إلى إسرائيل لكن في الأسبوع الماضي، اعترف الرئيس الأمريكي علناً بأن إسرائيل تفقد الشرعية الدولية بسبب ما سماه “قصفها العشوائي”.

بينما نقلت “نيويورك تايمز” عن مصادر أن واشنطن أرسلت لإسرائيل منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي أكثر من 5 آلاف ذخيرة “إم كي-84” التي يبلغ وزنها 2000 رطل، مشيرة إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) زادت الشحنات المرسلة إلى إسرائيل من القنابل الصغيرة الأكثر ملاءمة للمناطق الحضرية مثل غزة، فضلاً عن ذلك، تم توثيق استخدام إسرائيل أسلحة محرمة دولياً في هجماتها على قطاع غزة، وهي جريمة حرب مكتملة الأركان.

الاحتلال الإسرائيلي
إنفوجرافيك: الأسلحة التي قدمتها أمريكا لإسرائيل خلال عدوانها على غزة (عربي بوست)

والحقيقة هذا ليس بجديد على الكيان المحتل، فجيش الاحتلال الإسرائيلي له سجل حافل مسبق من استخدامه لتلك الأسلحة دون تجريم أو محاسبة دولية، ويمكننا ومن خلال هذه السطور رصد أبرز الأسلحة التي تستخدمها قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه الغاشم على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، ومدى خطورتها، والتي يأتي من بينها:

الفسفور الأبيض:

تم تداول العديد من مقاطع الفيديو بكافة وسائل الإعلام تُظهر قصفاً جوياً لقوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة واستهدافهم باستخدام سلاح الفسفور الأبيض المحرم دولياً، وتمثل قنابل الفوسفور الأبيض أحد أنواع الأسلحة المميتة، التي ينتج عن انفجارها حرارة شديدة وأعمدة من الدخان الأبيض الحارق، تؤدي إلى إذابة جلد الإنسان وفصله عن العظام، كما أن الجزيئات الحارقة يمكن أن تبقى داخل الجسم حتى بعد انتهاء القصف لتسبب أضراراً مميتة.

وقد أشارت وزارة الصحة في قطاع غزة إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تستخدم في اعتدائها الغاشم على قطاع غزة قذائف من النوع المحرم دولياً، حيث إن الشظايا تخترق الجسم وتحدث انفجارات بداخله، وحروقاً فظيعة تؤدي لإذابة جلود المصابين بها وفي بعض الأحيان إلى الموت.

توصّلت “هيومن رايتس ووتش”، استنادًا إلى فيديوهات تمّ التحقق من صحّتها وروايات شهود، إلى أنّ قوات الاحتلال تستخدمها فعلًا في عدوانها على غزة كسلاح قادر على التسبب بحروق شديدة، غالباً ما تصل إلى العظام، ويكون شفاؤها بطيئاً، وقد تتطوّر إلى التهابات وفي بعض الأحيان تكون قاتلة، إذ يعد هذا السلاح من بين أهم الأسلحة المحرمة استخدامها دولياً، وفق ما أقرته اتفاقية جنيف للأسلحة المعنية والتي نصت المادة الثالثة على تحريم استخدام سلاح الفسفور الأبيض ضد المدنيين أو العسكريين المتواجدين قرب المناطق المدنية، وفقاً لمنظمة العفو الدولية، كما أشارت المادة نفسها بالاتفاقية إلى أن التحريم يشمل جميع استخدامات ذلك السلاح بالقصف المدفعي أو بالطيران.

القنابل الغبية غير الموجهة:

وهي قنابل غير موجهة لذلك سميت بـ”القنابل الغبية“، وتعرف أيضاً بقنابل السقوط الحر، وقنابل الجاذبية، والقنابل الحديدية، وتلقى من طائرات “إف 16 ” من طراز “إم -117” الأمريكية، وتأثيرها يكون في إحداثها دماراً كاملاً للمباني ومسحها من على وجه الأرض، وقد تم استخدامها خلال الحرب العالمية الثانية، واستمرت في تشكيل الغالبية العظمى للقنابل التي تلقيها الطائرات حتى نهاية الثمانينيات، إلى أن تم استبدالها بشكل كبير الآن بالذخيرة الموجهة بدقة، التي يتم توجيهها لأهداف محددة تجنباً لإصابة مدنيين أو هدم المباني غير المستهدفة.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، شنت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عشوائية كثيرة باستخدام القنابل الغبية، ما أدى لاستشهاد مئات المدنيين الفلسطينيين، والقضاء على عائلات بأكملها، حيث تتسبب في تدمير واسع المدى وقتل المدنيين بشكل عشوائي، كما تم استهداف البنية التحتية المدنية في قطاع غزة، بما في ذلك تدمير أبراج غزة الشاهقة المليئة بالمنازل والشركات رغم عدم وجود أهداف عسكرية واضحة في تلك المناطق.

 القنابل العنقودية:

استخدمت قوات الاحتلال القنابل العنقودية المُحرم استخدامها دولياً، حيث قامت بتوزيع أعداد كبيرة منها بصواريخ تقليدية أو متطورة أو قذائف مدفعية ضد المدنيين بزعم مهاجمة قوات المقاومة البرية المختبئة في الخنادق أو النقاط الحصينة.

ويحظر القانون الدولي وكافة الاتفاقيات الدولية استخدام أو تخزين هذه الأسلحة بسبب تأثيرها العشوائي على السكان المدنيين ولاسيما الأطفال، إذ إنها تشبه لعبة الأطفال؛ لذا يُعد الأطفال أكثر عرضة للإصابة، حيث يعثر عليها الطفل في منطقة سكنية أو زراعية وغالباً ما ينجذب إليها الأطفال ويمسكونها بدافع الفضول.

ووصفت جماعات حقوق إنسان هذه القنابل بأنها “بشعة”، وكعادة الاحتلال في خرق كل ما هو إنساني تتمادى قواته في استخدامها ضد المدنيين بقطاع غزة، إلى حد يمكن وصفه بأنه جريمة حرب مكتملة الأركان.

القنابل الفراغية وقنابل “هالبر” الانتقامية:

تعد القنابل الفراغية واحدة من أخطر القنابل المثيرة للجدل والتي تستخدمها قوات جيش الاحتلال “الإسرائيلي” بقطاع غزة؛ لأنها أكثر تدميراً من المتفجرات التقليدية ذات الحجم المشابه، ولها تأثير رهيب على أي شخص يقع في دائرة تفجيرها وما تحدثه من أضرار جسيمة، وهي الأشد تدميراً للمباني والبنية التحتية، أما قنابل “هالبر الانتقامية” فتعد من القنابل المحرمة دولياً الحارقة والخارقة للحصون، والتي تستخدمها قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدوانها على المدنيين.

تتحدث بعض التقارير الإعلامية عن توسع قوات الاحتلال في استخدام أدوات الحرب الكيميائية أثناء هجومها البري على القطاع، وتخطط لاستخدام غاز الأعصاب مثل غاز VX وغاز السارين وغاز السومان وغاز التابون، حيث تستهدف هذه الغازات السامة خلايا الدم وتمنع امتصاص الأوكسجين، ما يؤدي إلى الاختناق.

الخلاصة يُمكن القول في ضوء ما سبق رصده من جرائم حرب جسيمة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، لذلك يجب تشكيل لجنة أممية من الحقوقيين والمتخصصين في المجال العسكري لتوثيق جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وملاحقة مسؤوليها السياسيين والعسكريين بما يشمل من أصدر الأوامر وخطط ونفذ، وتقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمتهم كـ”مجرمي حرب”، إلى جانب طلب تعويضات للفلسطينيين أسوة بتلك التي حصلت عليها إسرائيل من الحكومة الألمانية كتعويضات لضحايا “الهولوكوست”، والتي بلغت أكثر من 90 مليار دولار على مدار 70 عاماً.

عربي بوست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب