بعضهم عاد إلى بلاده والقاهرة تحفز مستثمريهم.. كيف أصبحت أوضاع السوريين في مصر بعد سقوط الأسد؟
بعضهم عاد إلى بلاده والقاهرة تحفز مستثمريهم.. كيف أصبحت أوضاع السوريين في مصر بعد سقوط الأسد؟
مع سقوط نظام بشار الأسد بدأ آلاف السوريين في الخارج العودة إلى منازلهم في مختلف محافظات البلاد، ومن بينهم مئات السوريين الذين اختاروا اللجوء إلى مصر بسبب الحرب المستمرة منذ نحو 13 عاماً، بينما تسعى الحكومة المصرية لإقناع المستثمرين منهم بالحفاظ على شركاتهم واستثماراتهم في مصر.
لكن عودة السوريين في مصر إلى بلادهم تطرح بعض التحديات، إذ هم أضحوا أمام واقع جديد يفتح أبواب العودة إلى بلدهم التي تركوها مرغمين، وهو ما أثار حالة من الارتباك بين الرغبة الجامحة في العودة للوطن مرة أخرى وبين المخاوف من مستقبل بلدهم وخسارة تعايشهم وتأقلمهم مع الأوضاع في مصر.
وتحتضن مصر 1.5 مليون سوري، معظمهم وصلوا بعد ثورة مارس/آذار 2011 هرباً من الحرب أو القمع السياسي في بلادهم. ولكن كما غيرهم من مجتمعات اللاجئين الأخرى الموجودة في مصر، معظم السوريين يحملون تأشيرات سياحية أو دراسية.
العودة بدأت والبعض يستكشف الواقع الحالي
هناك نسبة لا تتجاوز 10% من السوريين الموجودين في مصر، أي بواقع 154 ألف شخص، مسجلون في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بينما فضل العديد من الذين توافدوا إلى مصر في السنوات الأخيرة عدم التسجيل بسبب الإجراءات الطويلة، واعتقادهم أن صفة اللجوء لا تعود عليهم بالكثير من النفع، وأن السوريين يمكنهم الحصول على الإقامة في مصر بطريقة أسهل من غيرهم نسبياً.
وقال مصدر مطلع في هيئة اللاجئين السوريين في مصر، إن قطاعات كبيرة من المصريين فرحوا لفرح السوريين بسقوط نظام الأسد، وهو ما يبرهن على العلاقة القوية بين الشعبين، وأن الخلافات التي كانت تنشب بشكل فردي ذابت مع رؤية المصريين لأقرانهم السوريين وهم في حالة فرحة عارمة. وتلقينا اتصالات وتهاني من أصدقاء مصريين لم نتواصل معهم منذ سنوات.
وأضاف المصدر ذاته أن السوريين لديهم رغبة حقيقية في العودة إلى بلدهم وينتظرون استكشاف الواقع الحالي من خلال أصدقائهم ومعارفهم في المحافظات السورية المختلفة، والمشكلة التي تقف عائقاً أمام العودة السريعة تتمثل في أن بيوت كثير من السوريين الذين فروا هاربين من الحرب تهدمت بالبراميل المتفجرة.
بل والأكثر من ذلك، يضيف المتحدث لـ”عربي بوست” أن هناك مواطنين مدفونين أسفلها لم تنتشل جثثهم بعد من تحت الأنقاض، كما أن السوريين في مصر ينتظرون أن يروا بوادر تأسيس دولة المواطنة التي تشجعهم على العودة.
وحسب مصدر “عربي بوست” فإن رحلات العودة بدأت في الانطلاق من القاهرة إلى مطار بيروت ومنها إلى دمشق، كما أن مواطني المحافظات الشمالية بدأوا في عقد رحالهم نحو تركيا ومنها إلى سوريا، وكذلك هناك سوريون غادروا إلى العاصمة الأردنية عمان ومنها إلى بلدهم.
وأوضح أن العودة بدأت بمن ليس لديهم أشغال مستقرة في مصر، أو ليس لديهم موارد للعيش في مصر، وهؤلاء يمكن تدبير نفقات سفرهم من جهات عديدة سورية تتواجد على الأراضي المصرية.
وذكر أن هناك الكثير من السوريات اللاتي تزوجن من مصريين وهؤلاء أضحت حياتهن مستقرة في مصر وسيكون من الصعب الحديث عن عودتهن مرة أخرى، إلى جانب السوريين الذين تزوجوا من مصريات، وهؤلاء يمكن أن يسافروا بشكل متقطع لكن إقامتهم في الأغلب أيضاً ستبقى في مصر، وهم يقدرون بعشرات الآلاف.
وكذلك فإن غالبية السوريين في مصر يعيشون الآن في أمان ولن يفكروا في العودة السريعة إلى بلدهم ولكن سوف ينتظرون الأشهر الثلاثة الأولى لكي تبدأ الحكومة الانتقالية مهام عملها، وقد يتواجدون لمدة مماثلة بعدها لاستكشاف ما آلت إليه الأوضاع.
وتابع مصدر “عربي بوست” في هيئة اللاجئين السوريين في مصر: “يمكن القول بعد ستة أشهر من الآن قد نتحدث عن آلاف السوريين الذين عادوا إلى بلدهم، لكن ذلك يتوقف على مدى استقرار الأوضاع في المحافظات السورية المختلفة، وكذلك يتوقف أيضاً على ما إذا كانت هناك إجراءات مصرية سيتم اتخاذها لعودة السوريين من عدمه”.
وأضاف: “الفئة التي ستظل لفترات أطول بجميع الحالات في مصر هم المستثمرون والذين يبحثون عن الربح وسيكون من الصعب تصفية استثماراتهم بعد أن حققت نجاحات كبيرة، وهناك العديد من الاستثمارات السورية في دول الخليج والأردن وتركيا لن يتم تصفيتها ولكن سيكون هناك إعادة افتتاح للشركات والمصانع التي توقفت في سوريا”.
تشير البيانات الصادرة عن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة إلى أن استثمارات السوريين في مصر تتجاوز 800 مليون دولار، وفقاً لبيان الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.
وفي مصر، يمثل المستثمرون السوريون أمام الحكومة المصرية منظمتا أعمال؛ الأولى هي “تجمع رجال الأعمال السوريين” برئاسة خلدون الموقع، والثانية هي “جمعية الصداقة المصرية السورية” برئاسة طلال العطار.
ويتطلع المستثمرون إلى تنفيذ توسعات جديدة في السوق المصري خلال الفترة المقبلة، مع خطة لفتح فروع في سوريا شريطة استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية لمدة خمس سنوات على الأقل، وفقاً لقولهم.
ومؤخراً، كشف خلدون الموقع أن حجم استثمارات السوريين في مصر يبلغ 800 مليون دولار أمريكي، وذكر الموقع أن السوريين يشكلون 17% من الجالية الأجنبية الموجودة في مصر، وأن احتضان الدولة المصرية وشعبها للسوريين كان أكبر دعم لهم لإطلاق استثماراتهم.