
المقاومة الشعبية…
خطورتها ومآلاتها
د. ستنا بشير
بدأت الحرب في الخرطوم كمعركة بين الجيش وقوات الدعم السريع، في المواقع العسكرية ومناطق النفوذ، وتصاعدت وتيرتها، لتشمل احتلال منازل المواطنين بواسطة الدعم السريع، الذي استخدم المواطنين كدروع بشرية، تجنبا للقصف الجوي، ولتؤول تلك المنازل التي هجرها أصحابها، خوفا على أرواحهم من القصف العشوائي، فريسة النهب الممنهج والمنظم.
بسقوط مدني في يد الدعم السريع إثر انسحاب الفرقة الأولى، دون مقاومة، استباح الدعم السريع الجزيرة، ونزح من استطاع من المواطنين، هربا من المليشيا، التي ديدنها القتل والنهب والتنكيل، وما زال السطو المسلح على عربات وممتلكات المواطنين، تحت تهديد السلاح، جار، في كثير من مدن وقرى الجزيرة، مع ما يصاحبه من إذلال وإهانة للمواطنين! ولا يجدي التنظير هنا حول جلب الديمقراطية والقضاء على الكيزان وغيره من شعارات براقة رفعت في حرب الخرطوم، لتبرير ما يحدث، حيث وضح جليا أن النهب هو الهدف الرئيسي والأوحد.
رد الفعل الطبيعي لاي انسان سوي هو رفض الذل والتركيع والدفاع عن نفسه وعرضه وممتلكاته، في وجه المعتدي، وهو ما جعل الكثير من الناس يرون بضرورة المقاومة الشعبية للمعتدي.
الدفاع عن الوطن والمواطن هي مهمة الجيوش، وجيشنا الذي احتكر نظام الإنقاذ “80%” من ميزانية الدولة باسمه، فشل أمام مليشيا من صنعه، في الدفاع حتي عن مقراته ناهيك عن المواطن وممتلكاته وبنية الدولة الأساسية. وبدلا من محاولة تصحيح استراتيجيته، لجأ لتكوين ميليشا جديدة لتحارب الأولى، ليس فقط لم يتعظ من الخطأ، وإنما يكرره بكل سلبياته. وأيضاً دعا المواطنين للاستنفار ليحاربوا في صفوفه، وذهب بهم إلى المحرقة!
خطورة الدعوة للمقاومة الشعبية:




رغم فظاعة ما يحدث، يظل إيقاف الحرب هو الموقف السليم، الذي يضمن بقاء السودان، وعليه يجب على القوى المدنية أن تركز على التحدي الماثل أمامها في تنظيم صفوفها والمطالبة بوقف الحرب فورا، دون شروط، وإعلاء صوتها والاتفاق على رؤية لما بعد الحرب، بدلا عن الانشغال بما يطرحه إعلام طرفي الحرب من مشتتات، والاختلاف حول من هو الحي ومن هو الميت، فكلهم ميتون، وليحيا الوطن.