مقالات
كل أجزاءه وطن للجميع رغم أنف تجار الحروب بقلم/ أ. أحمد مختار البيت
بقلم/ أ. أحمد مختار البيت -السودان -

كل أجزاءه وطن للجميع رغم أنف تجار الحروب
بقلم/ أ. أحمد مختار البيت
.تحاول قوى الفساد والظلام والقبح والحروب، العودة بعجلة التاريخ للوراء، وإثارة الكراهية والنعرات العنصرية والجهوية بين أبناء الوطن الواحد، مستغلة الحرب (العبثية) الدائرة منذ 15 أبريل الماضي والفظاعات والجرائم التي أرتكبها أطرافها على امتداد جغرافية الوطن، لتحويرها لحرب أهلية، مدمرة تطال كل شيء في السودان، وفي مسعاها الجهنمي هذا لا تتورع تلك الأطراف، عن استخدام كل الوسائل غير المشروعة، من تسليح المواطنين ونشر خطاب الكراهية والعنصرية والفتنة القبلية والجهوية، وتهديد قيادات القوى السياسية بالاغتيال على رؤوس الأشهاد، ورفع رايات الفوضى وقانون الغاب، وكمثال فقط: ورد في وسائل التواصل والميديا، (تلقي العاملين بالتعدين التقليدي بمنطقة قبقبة تهديدا من مسلحين قالوا أنهم أبناء الشمالية ولن يسمحوا لأبناء الغرب العمل بديارهم وطلبوا من أبناء كردفان ودارفور تحديدا المغادرة فورا، وقبقبة تقع بالقرب من عطبرة وعلى بعد 200 كيلو من الحدود المصرية) انتهى الخبر.
وهناك بيانات من تلك المجموعات الشريرة، هددت بتصفية قائمة طويلة من قيادات القوى السياسية، بدعوى أنها تناصر الدعم السريع،
ومن غير شك فإن هؤلاء المسلحين المجهولين لا يمثلون أبناء الشمالية في شيء، ولم يفوضهم أحد من أهل الشمالية لحمل السلاح وتهديد مواطنين سودانيين مثلهم، يعيشون في وطنهم وإبعادهم، من قبقبة أو غير قبقبة، أو أي منطقة في السودان، وبذات القدر فإن أهل دارفور وكردفان لم يشعلوا حربا على جهة، ولم يفوضوا الدعم السريع أو غيره، بشن حرب على أهل السودان في الشمال أو الغرب أو الوسط، ولذلك الحرب العبثية الدائرة الآن لا تمثل إلا أطرافها ومسعري نارها، فقط، وليس لأهل السودان في كل أجزائه علاقة بها، بل الجميع هم ضحاياها. وضعف الضمير الوطني الموحد وغياب آليات المحاسبة خلال ال30 عاما الماضية من عمر الوطن، هي التي قادت إلى هذه الكارثة غير المسبوقة في تاريخ السودان. ومهما يكن من أمر، فإن الحياة ستتدفق للأمام، ولن يخون النخل في الشمال تاريخه، ويغيب ثمره عن أسواق كردفان ودارفور، والحضارات التي قامت في السودان ونباهي بها العالم اليوم، لم تشيد بالكراهية والموت والأحقاد والظلم، بل شيدتها نفوس محبة للعدل والحق والخير والجمال والسلام والتسامح والاستقرار وقبول الآخر. فالوطن ليس مجرد مساحة من الأرض والمباني، بل الوطن هو سلسلة الذكريات والذاكرة، كما يقول أستاذ الأجيال سعيد علي سعيد. وروابط من العلاقات والمصالح المادية والمعنوية التي يصنعها الإنسان في مسيرة حياته في أي مكان، فهل يسمح السودانيون بجريمة أخرى بعد جريمة فصل الجنوب؟ إن من حق أهل كردفان ودارفور أن يعيشوا في الشمال والشرق، ومن حق أهل الوسط والشمال أن يعيشوا في أي مكان من السودان، فكل أجزائه لهم وطن، أما هؤلاء العدميون فكل يقدم مما عنده، ولم يعرف لهم أهل السودان خير، لا في الشمال ولا في الغرب، كل ما قدموه لنا خلال سنواتهم العجاف هو الموت والأحقاد والدماء والكراهية والظلم، وتلك صحائفهم تنطق بها وثائق بشرية في كل أصقاع العالم.
أما الحروب فهي صناعتهم، وعليهم أن يعرفوا أن (الحرب أول ما تكون فتية تسعى بزينتها لكل جهول حتى إذا استعرت وشب ضرامها.. عادت عجوزا غير ذات خليل… شمطاء جزت رأسها وتنكرت مكروهة للشم والتقبيل).
وطال الزمان أم قصر سيبوءون بجرمها وجرائمها، وسيحاسب التاريخ الجميع، خاصة أن كل جريمة أو حدث موثق من فاعليه بالصورة والصوت والزمان والمكان.