الحكومة تدافع عن العاصمة الإدارية الجديدة… وتوجيهات رئاسية بزيادة الأجور

الحكومة تدافع عن العاصمة الإدارية الجديدة… وتوجيهات رئاسية بزيادة الأجور
القاهره / حسام عبد البصير
بين يوم وليلة تحول الهدف الذي يشغل الأذرع الإعلامية الموالية للسلطة، تبرئة ساحتها من التهمة الشنيعة التي قذفتها تل أبيب في وجه القاهرة، بشـأن تجويع مليوني فلسطيني من سكان قطاع غزة، من خلال عدم السماح بعبور المواد الغذائية والمساعدات، حسبما أعلن مسؤولون إسرائيليون في محكمة العدل الدولية في لاهاي.. ولأن السكوت على الاتهام يشين السلطة أمام شعبها والعالم، توالت الأصوات التي تطالب بضرورة ألا يمر الأمر دون رد قاس على تل أبيب، ولو باستدعاء السفير، إذ ثار جدل واسع عبر مواقف التواصل الاجتماعي حول الاتهام وسبل مواجهته.
وبينما تحكم الأزمة الاقتصادية قبضتها، وواصل الغلاء دهسه لأحلام المواطنين المتواضعة، ذكرت مواقع وصحف مصرية ومنها “المصري اليوم” و”أخبار اليوم”، مشاركة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، في احتفالية تسليم أول 3 أبراج ضمن منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة، ومن تلك الأبراج، البرج الأيقوني المكون من 78 طابقا تم التخطيط له ليكون على شكل مسلة فرعونية والشكل الخارجي سيكون زجاجيّا، ويضم مجمعا متكاملا من جميع الخدمات، وسيضم العديد من المكاتب الإدارية ويُقام على مساحة تقارب 240 ألف متر وتتخطى المساحة الإجمالية للبرج نحو 7.1 مليون متر. وقال الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، إن حجم المشروعات التي تشهدها القاهرة يفوق الوصف، حيث يوجد حجم هائل من تطوير المناطق القديمة، وفتح شبكات طرق وإنشاء مناطق ترفيهية وخدمية داخل القاهرة القديمة والحفاظ على التراث، وإنشاء مشروعات مثل حدائق الفسطاط، ومناطق كانت مهملة ستتحول إلى مناطق ترفيهية، حيث يتم تطوير القاهرة القديمة مثلما يتم بناء المدن الجديدة. إن التنمية في مصر تسير بخطى ثابتة. وأكد رئيس الوزراء، أن الدولة المصرية تعمل بمنتهى الثبات، ولديها رؤية لاستعادة مسار النمو وتحقيق المعدلات التي يحلم بها كل مواطن مصري. وردا على الاتهامات التي تروج على نطاق واسع بشأن عدم فائدة مشروع العاصمة الإدارية وإهدار الأموال في تشييدها، قال الدكتور رئيس مجلس الوزراء إن العاصمة الإدارية لها شركة قطاع خاص وهي شركة العاصمة الإدارية، فالإنفاق على المشروع لم يكن من الدولة، لكن تم تنفيذها من خلال فكرة شركات التطوير العقاري العملاقة، وهذه الشركة أرباحها تجاوزت الـ20 مليار جنيه، ما يؤكد نجاح المشروع، وأشار إلى أنّ الدولة المصرية تعمل بمنتهى الثبات، ولديها رؤية لاستعادة مسار النمو وتحقيق المعدلات التي يحلم بها كل مواطن مصري. وأكد الدكتور محمد معيط وزير المالية كما نقل ذلك محمد محروس في “الأهرام”، أن هناك تكليفا رئاسيا بإعداد حزمة جديدة للحماية الاجتماعية تتضمن تحسين الأجور والمعاشات ورفع حد الإعفاء الضريبي مرة أخرى؛ لتخفيف الأعباء عن المواطنين بقدر الإمكان، مشيرا إلى حرصه على إطلاق حوار مجتمعي حول مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2024/ 2025؛ لتحديد أولويات الإنفاق العام؛ بما يتوافق مع المستهدفات الاستراتيجية للجمهورية الجديدة.
وقاحة صهيونية
حتى أمام المحكمة الدولية الأعلى مقاما.. لم تستطع إسرائيل أن تتخلى عن أكاذيبها الوقحة، وهي تجد أن كل الحقائق تدينها، وأنها وفق ما أشار إليه جلال عارف في “الأخبار” لا تملك ما تدافع به عن اتهامها بـ”الإبادة الجماعية” لشعب فلسطين إلا أن تمضى في إطلاق الأكاذيب وتزييف التاريخ كما تفعل منذ إنشائها وحتى الآن. في معظم الأحيان بدا أعضاء الفريق “القانوني” الذي كان يقدم دفاع إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.. وكأنهم يرددون خطابات بن غفير ونتنياهو وباقي العصابة الحاكمة في إسرائيل، بكل ما فيها من عنصرية وكراهية، ومن وقاحة في تزييف الحقائق، كما حدث وهم يحاولون خلط الأوراق والادعاء الكاذب بأن مصر هي المسؤولة عن منع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة من الجانب المصري لمعبر رفح، وكأن العالم لم يشاهد كل مجرمي الحرب من حكام إسرائيل وهم يعلنون الحصار الكامل لغزة، ومنع دخول الغذاء والدواء والوقود لأهلها.. وكأن العالم لم يشاهد طوابير الشاحنات على الجانب المصري، ولم يسمع بالضغوط المصرية لكي تصل المساعدات لأهلنا في غزة، بينما قوات الاحتلال التي تسيطر على الجانب الآخر من المعبر تتعمد التعطيل، وتقوم بقصف الطريق داخل غزة وعلى الجانب الآخر من رفح، وكأن زعماء العالم ومنهم الأمين العام للأمم المتحدة لم يروا الحقيقة أو لم يطالبوا المحتل الإسرائيلي بإدخال المساعدات وتحميله مسؤولية حصار الجوع، الذي يمارسه كجزء من حرب الإبادة التي يقوم بها ضد شعب فلسطين. مثل هذه الأكاذيب الوقحة من الجانب الإسرائيلي تعكس إدراكا بضعف موقفها في أول محاكمة جادة على جرائمها. وقد ردت مصر فورا على هذه الأكاذيب، وسيكون هناك رد شامل من مصر يقدم لمحكمة العدل الدولية.. ليس لأن مصر تحتاج لدفاع عن موقفها، ولكن لتكشف للمحكمة وللعالم أن “الدولة” التي قامت على تزييف التاريخ، ما زالت تعيش على الأكاذيب، وتعتمد على الإرهاب، وتعرف أن إدانتها من محكمة العدل الدولية بارتكاب “الإبادة الجماعية” سيفتح باب الحساب على كل جرائمها، ومع كل شركائها وداعميها. ليس دفاعا عن موقف مصر، وإنما انتصار للحق وللعدالة، وكشف لزيف كل ادعاءات إسرائيل أمام محكمة العدل.. ترد مصر بالحقائق التي تؤكد مسؤولية إسرائيل (ومن يدعمونها) عن حصار الجوع وحرب الإبادة ضد شعب فلسطين. العالم كله يعرف ذلك.
ارتباك إسرائيل
بعد مئة يوم على الحرب لم تعد إسرائيل كما كانت على الإطلاق، بين تخبط سياسي وارتباك مخابراتي، وانكشاف عسكري وانقسام مدني، أصبحت إسرائيل عارية ليس فقط أمام شعبها ومحبيها، لكن أيضا وفق ما يرى الدكتور أحمد عبد ربه في “الشروق” أمام الرأي العام العالمي، الذي بدأ يدرك مع مرور الوقت، أن إسرائيل ليست راغبة ولا قادرة على إنهاء هذه الحرب، بين حسابات سياسية متضاربة وعجز عسكري كبير، ومع الدعوى التي رفعتها دولة جنوب افريقيا أمام محكمة العدل الدولية، وبغض النظر عن قرار المحكمة في النهاية، فإن جرائم حرب جيش الاحتلال تتكشف يوما بعد آخر، ويكشف الساسة في الدولة العبرية عن قبحهم وتطرفهم يوما بعد يوم، بشكل جعل حتى أشد مؤيدي إسرائيل في النخب السياسية الحاكمة في الدول الغربية، يظهر نقدا صريحا لإسرائيل ويطالبها بإنهاء الحرب أو على الأقل تحديد إطار زمنى لإنهاء العملية العسكرية الغاشمة. بعد مرور مئة يوم على الحرب، تم تدمير غزة بالكامل، وفقد أكثر من 23 ألف شخص حياتهم، لكن ما زالت إسرائيل بعيدة عن تحقيق أهداف الحرب المعلنة، وسط اتهامات صريحة لنتنياهو بالأنانية، كونه يمد أمد الحرب لحماية نفسه وحزبه من المساءلة على حساب شعبه ودولته. تشير التقديرات المتضاربة من الجانب الإسرائيلي أن بين 2500 إلى ثلاثة آلاف من الشعب الإسرائيلي فقدوا حياتهم منذ بداية الحرب، منهم على الأقل 520 من العسكريين. خلال مئة يوم أصبحت إسرائيل تحارب على أربع جهات مختلفة، مع حزب الله في الشمال، وغزة في الجنوب، والضفة في الغرب، والحوثيين في مدخل البحر الأحمر، وعلى عكس الادعاءات الإسرائيلية المتكررة، فلم تثبت بعد قدرة إسرائيل على الحرب في أكثر من جبهة متوازية، وحسب الصحافي الأمريكي دان رافيف، والمحلل العسكري الإسرائيلي يوسى ميلمان، فإن إسرائيل في أضعف حالتها منذ 1948. أيضا فإن الوحدات الخاصة الإسرائيلية والمفترض أنها من الأفضل عالميا، والمعنية بتحرير الأسرى من الإسرائيليين ثبت عدم قدرتها على تحقيق الهدف.
الخلافات الإسرائيلية الداخلية
مضى الدكتور أحمد عبد ربه في إحصاء تأثير ما جرى وتداعياته: بعد مرور كل هذه الأيام على بداية الحرب، فإن السياسة الإسرائيلية في أوج تخبطاتها، وسط أنباء عن خلافات داخل مجلس وزراء الحرب، وأخرى بين نتنياهو وقياداته العسكرية والأمنية، وثالثة بين بعض الأجنحة داخل المؤسسات الأمنية نفسها، ورابعة بين المعارضة والسلطة، وخامسة بين السلطة والرأي العام، الذي بدأ يظهر تشككه في قيادة نتنياهو للبلاد، رغم التأييد الكبير الذي كان يتمتع به في الأيام الأولى للحرب. المؤكد أنه وبعد مرور مئة يوم على السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فإن أحد أهم مشاكل إسرائيل هي أنها بلا إجابات محددة على عشرات الأسئلة المطروحة على قيادتها الأمنية والعسكرية متى تنتهي الحرب؟ متى سيتم تدمير حماس، وكيف؟ متى وكيف ستتم استعادة كل الأسرى الإسرائيليين داخل غزة؟ ما هو الموقف من السلطة الفلسطينية؟ متى يمكن إعادة المواطنين الإسرائيليين المهجرين داخليا إلى بيوتهم؟ كيف سيتم حكم غزة بعد الحرب؟ كيف سيتم التعامل مع الضغوط الدولية بشأن إنشاء دولة فلسطينية موحدة؟ متى سيبدأ التحقيق بشأن الفشل العسكري والأمني يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول؟ ما هو مستقبل الدولة ذاتها وسط تهديدات جمة من كل الجبهات؟ متى تتم انتخابات جديدة في البلاد؟ ما هو مستقبل العلاقة مع المحكمة العليا الإسرائيلية بعد صراع نتنياهو مع الأخيرة خلال العام الماضي برمته؟ كل هذه الأسئلة ما زالت بلا إجابات عند القيادات الإسرائيلية، لأنها ببساطة لا تعلم الإجابة ولا تريد الدخول في التفاصيل، إما لأنها لا تملكها، أو بسبب الانقسامات الحادة داخل الحكومة ومؤسساتها الأمنية.
الكذب المفضوح
لماذا نندهش من قيام كيان بالكذب المفضوح، في حين أنه سرق وطنا كاملا وقتل وشرد أهله طوال 75عاما، يقول عماد الدين حسين في “الشروق”: أي طفل في العالم يتابع العدوان الإسرائيلي على غزة منذ صبيحة 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعرف ويدرك أن إسرائيل هي التي تمنع إدخال المساعدات. القراءة الأولى للكذبة الإسرائيلية تعني ببساطة أنها في مأزق حقيقي وشامل، وتشعر بالخطر نتيجة الفضيحة العالمية لها بقرب ثبوت ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة. العالم أو بالأحرى معظمه يرى الجرائم العلنية في غزة على شاشات التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي، وجزء من هذا العالم «حشر» إسرائيل في زاوية صعبة في مقر محكمة العدل الدولية في لاهاي الهولندية. ولأنها محشورة في وضع صعب، كان طبيعيا أن تلجأ إلى كل الأسلحة، ومنها سلاح الأكاذيب. يدرك كل المتابعين للعدوان الإسرائيلي أنه منذ اليوم الأول تبارى كبار المسؤولين الإسرائيليين في نيتهم ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية. ومنذ البداية قال العديد من كبار المسؤولين الإسرائيليين ومنهم يوآف غالانت وزير الدفاع الإسرائيلي: «لن نسمح بدخول أي نقطة ماء أو دواء أو غذاء أو وقود إلى قطاع غزة». وبعده كرر وزير الطاقة الإسرائيلي كاتس المعنى نفسه حينما قال: «لن يتم تشغيل مفتاح كهربائي ولن يفتح صنبور مياه، ولن تدخل شاحنة وقود حتى يعود المختطفون الإسرائيليون إلى ديارهم». أما مارك ريجيف كبير مستشاري رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فقال أيضا: «لن نسمح بدخول الوقود إلى قطاع غزة حتى لو أخلي سبيل جميع المحتجزين».
لو فعلنا ستهاجمنا
من العبث على حد رأي عماد الدين حسين، أن نناقش ما هو بديهي، لكن للأسف هناك بعض المصريين والعرب يصدقون أحيانا الأكاذيب الإسرائيلية طالما أنها ضد مصر. ينسى هؤلاء أن إسرائيل قصفت معبر رفح من الجانب الفلسطيني أكثر من مرة، وأنها رفضت إدخال المساعدات لأكثر من أسبوعين. وينسى هؤلاء أن ما رفضته مصر بالفعل بشأن معبر رفح هو عدم الموافقة على إخراج الرعايا الأجانب وحاملي الجنسية الأجنبية من داخل غزة إلى مصر. وعدم موافقة إسرائيل، ومن خلفها أمريكا على إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ثم إن العالم أجمع رأى اصطفاف مئات الشاحنات على الجانب المصري من معبر رفح تنتظر لأيام طويلة للدخول، بسبب التعنت الإسرائيلي، ولم توافق إسرائيل إلا بعد أيام طويلة وبضغط أمريكي. تنسى إسرائيل ومن يصدقونها أن إصرار مصر على إدخال المساعدات ليس فقط بسبب التعاطف مع الأشقاء الفلسطينيين، ولكن أيضا لتثبيت الفلسطينيين في أرضهم وإفشال المخطط الإسرائيلي بتهجيرهم. وسوف نفترض جدلا أن مصر دولة ظالمة ومفترية وجاحدة ولا تريد مساعدة الفلسطينيين، إذن لماذا لم تفتح إسرائيل ستة معابر تربطها بغزة لإدخال المساعدات؟ العديد من قادة العالم والأمين العام للأمم المتحدة زاروا معبر رفح وشاهدوا كيف تتعنت إسرائيل في إدخال المساعدات. النقطة الجوهرية التي تنساها إسرائيل ومن يؤيدها ومن يصدقها أن مصر تسيطر فقط على الجانب المصري من معبر رفح، وليس على الجانب الفلسطيني، الذي يفترض أنه خاضع نظريا لحكومة حماس، وعمليا تحت سيطرة الاحتلال الذي قام بقصفه أكثر من مرة. البعض يقول: ولماذا لا تقوم مصر بإدخال المساعدات مباشرة باتجاه قطاع غزة؟ الإجابة ببساطة أن مصر لو فعلت ذلك، فسوف يعني ذلك عمليا أن تدخل في حرب عسكرية مع إسرائيل إذا ما قامت بقصف الشاحنات المصرية.
حبيبة فلسطين
كان اسم جنوب افريقيا، كما أخبرنا فوزي مخيمر في “الوفد” من أكثر العبارات تداولا على منصات التواصل الاجتماعي، في العالمين العربي والإسلامي وأمريكا وأوروبا، وتابعت الصحف العالمية انطلاق جلسات محكمة العدل الدولية في لاهاي. تزامن ذلك مع الحدث القضائي الذي شهدته محكمة العدل الدولية في لاهاي، مع افتتاح جلسات الدعوى المقدمة من جنوب افريقيا ضد إسرائيل، كونها ارتكبت جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. إن شبح العزلة الدولية الذي طالما تخوّف منه قادة إسرائيل في محكمة العدل الدولية قد حدث، وكما توقعنا وتوقع المنصفون أن تدافع إسرائيل عن نفسها أمام المحكمة، بأنها إنما تشن حربا في غزة للدفاع عن نفسها ضد جماعة حماس، وليس لتدمير الشعب الذي يعيش في القطاع، وهذا ما حدث بالفعل فجاء عرض فريقها باهتا وضعيفا ومتقطعا ومليئا بالأكاذيب، واتهام جنوب افريقيا بأنها موالية للمقاومة الفلسطينية، وزادت من أكاذيبها بأن مصر هي التي تمنع إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، وتارة تتهم بعض الأطراف العربية بأنها توافق في الخفاء على تدمير حماس، مستهدفة إحداث الوقيعة بين القادة العرب وشعوبهم. ولا شك في أن الدعوى التي تقدمت بها جنوب افريقيا لمحكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، أزعجت حلفاءها الغربيين، مقابل استحسان قوى أخرى ناشئة مثل إندونيسيا وماليزيا وتركيا ومنظمات دولية وإقليمية مثل التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي. كما أن دعوى الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية تعد صوتا صارخا لبقية أمم العالم بأن التضامن القائم على أساس من القيَم، عاد مرة أخرى خيارا ممكنا، وأن نظاما عالميا مختلفا هو كذلك أمر ممكن. والسؤال الذي يطرحه أحرار العالم.. ما قيمة ووزن حكم المحكمة الدولية وتأثيره على مجريات الأحداث الدامية؟ وهل تلتزم إسرائيل بوقف عمليات الإبادة في قطاع غزة وتحترم الفلسطينيين في الضفة الغربية؟ والإجابة لدى المراقبين والمحللين أن أيّ حُكم قد تُصدره المحكمة الدولية – حتى لو لم ينفّذ – ضد إسرائيل سيمثل «ضربة لتعنتها كما سيغيّر من الطريقة التي تتعامل بها دول أخرى معها، كأنْ تصبح هذه الدول أقلّ استعدادا لبيعها أسلحة»، وربما تعيد الإدارة الأمريكية والبريطانية من مواقفها ودعمها المطلق لإسرائيل.
لا نحتاج لمحاكمة
إنها “إبادة جماعية” بكل معاني الكلمة، جريمة بكل المقاييس لا تحتاج لِحُكم من “محكمة العدل الدولية”، جريمة كما يصفها بلال الدوي في “الوطن” لا تحتاج لمحامين ولا لمُرافعة ولا لسماع أقوال الشهود، فهناك تجويع جماعي والمجاعة مقبلة مثلما وَرَد نصا على لسان مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الإغاثة الإنسانية.. فهذه شهادة من شأنها أن تحكُم على وزراء الحكومة الإسرائيلية المُتطرفة بالكامل بأغلظ العقوبات وأشدها، لكي يكونوا عِبرَة أمام العالم، غريفيث قال أيضا: هناك قلق بالغ من التصريحات الأخيرة لوزراء إسرائيليين بشأن خطط لتشجيع النقل الجماعي للمدنيين من غزة إلى بلدان أخرى، وهذه التصريحات تثير مخاوف جدية بشأن إمكانية النقل الجماعي القسري أو الترحيل القسري لأهالي قطاع غزة، وهو أمر محظور تماما بموجب القانون الدولي، فَقَد مضى نحو 100 يوم من الحرب التي تدور، دون أي اعتبار لأثرها على المدنيين، وهذا الوضع مُروِع مع إستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية بلا هوادة. غريفيث قالها بصوت عالٍ “هناك عمليات تهجير قسري لمليون وتسعمئة ألف مدني أي ما يعادل 85% من مجموع السكان، إسرائيل قصفت (134) منشأة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى، “الأونروا” التي قُتل (148) من العاملين لديها ولدى المنظمات غير الحكومية في غزة. بهذه التصريحات الصادرة من مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة يحق لبلال الدوي القول: إن هذا الرجُل يستحق مِنا كل التقدير والاحترام، يستحق الحصول على أعلى الأوسمة الدولية في مجال الإغاثة الإنسانية، لأنه وقف في وجه إسرائيل وداعميها وقال الحق وشهد شهادة حق ولم يصمت ولم يكُن من الصامتين أو الموالسين أو المُتحالفين مع العدوان الإسرائيلي الوحشي على شعب أعزل.. هذه كلمات علينا الإشادة بها ونشرها حتى يتم فَضح جرائم العدوان الإسرائيلي وهي بمثابة (جرائم لن تسقُط بالتقادُم)، ولن تُمحى من ذاكرتنا، ولم تنسها البشرية جمعاء، وستظل وصمة عار في جبين العدوان أبد الدهر.. غريفيث قال نصا: لا يوجد مكان آمن في غزة، والحياة الإنسانية الكريمة صارت شِبه مستحيلة، رفح التي كان عدد سكانها قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول نحو (280) ألف نسمة فقط صارت الآن موطنا لمليون نازح ويستمر وصول المزيد كل يوم، وجهودنا لإرسال قوافل إنسانية إلى شمال غزة قُوبلت بالرفض والشروط المستحيلة، ومن حاولوا الوصول إلى شمال غزة واجهوا مشاهد الرعب المطلق، فقد انتشرت الجُثث على الطريق، والأشخاص الذين تظهر عليهم علامات المجاعة الواضحة يُوقفون الشاحنات بحثا عن أي شيء يمكنهم الحصول عليه للبقاء على قيد الحياة. شعب يُباد ـ عيني عينك ـ أمام أعيُن العالم بأسره، وأمام صمت رهيب من دُعاة الحقوق والحريات والنضال، وأمام أعيُن كاميرات المراسلين، وأمام شاشات الفضائيات.. إنها جرائم في حق الإنسانية ولن يفلُت مُرتكبوها من العقاب ولو بعد حين.
رؤوس الأفاعي
نتنياهو، غالانت، غانتس، ثلاثي مجلس الحرب، ورؤوس أفعى العدوان النازي على قطاع غزة، يعيشون أسوأ أيام حياتهم، كما أخبرتنا جيهان فوزي في “الوطن”، رغم الظهور بمظهر المنتصرين الذين أبلوا بلاء حسنا ولا يزالون في الحرب، لكنهم يتكبدون خسائر عسكرية فادحة، كلما توغلوا وغرزوا في وحل غزة، يظهرون ما لا يبطنون، ثلاثتهم كارهون لبعضهم، طامعون في إحراز صورة نصر زائف لأنفسهم يسوقونها للإسرائيليين. وهم يعلمون يقينا أنهم كاذبون ويصدرون الوهم، فلا انتصار تحقق، ولا غزة هُزمت، المقاومة الفلسطينية الباسلة أعطتهم درسا قاسيا في الصمود والصبر، فبعد دخول الحرب شهرها الرابع، لم تتهاوَ قدراتها ولم تَفل عزيمتها. إن الخلافات بين نتنياهو وقادة الجيش، ليست وليدة الحرب، لكن هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول عمّقتها بعد تحميل رئيس الحكومة للمؤسسات الأمنية مسؤولية ما جرى، فضلا عن تدخله في منع الكثير من الاجتماعات المشتركة بين قادة الأجهزة الأمنية، وتنفيذ بعض السياسات التي أثارت غضبهم. والأهم أن السابع من أكتوبر والحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، كانت كاشفة للعديد من المعطيات التي تطل برأسها على المشهد السياسي والإقليمي في هذه الظروف الملتبسة والفوضوية، وباختصار شديد، يمكننا القول إن ضربة 7 أكتوبر تستنبط احتمالين لا ثالث لهما: إما أنها مغامرة غير محسوبة العواقب والنتائج، وبالتالى سيكون من الممكن تطويقها والرد عليها، بما يعزز الوضع القائم والمعادلات القديمة التي كانت قائمة قبل الحرب، وهذا ما لم يحدث. وإما أنها ضربة استراتيجية لم تطل إسرائيل فقط، وإنما طالت كل الرؤية الاستراتيجية الأمريكية الغربية لمستقبل الشرق الأوسط. وهو المرجح، فتلك الرؤية الاستراتيجية كانت ترتكز على إنشاء ما يشبه «الناتو الإقليمي» بقيادة إسرائيل، لتتمكن الولايات المتحدة الأمريكية من التفرغ لمواجهة التحديات الروسية التوسعية والتهديدات الصينية المستقبلية، وبدأت ملامح هذه الرؤية بالتشكل فعليا على الأرض، من خلال تنفيذ الخطوة الأولى بإبرام «الاتفاقات الإبراهيمية»، والسعي الأمريكي الحثيث لضم دول عربية مركزية أخرى لهذه الاتفاقات، من خلال استغلال الاحتياجات المحلية، إلى تحالفات إقليمية سواء لتعزيز شرعيتها، أو لدعمها في خلافات داخلية، أو نزاعات حدودية.
خاب سعيهم
تتابع جيهان فوزي.. اعتقدت الولايات المتحدة والدول الأوروبية، أن إسرائيل قادرة على احتواء الضربة، ويجب عليها أن تقضي على المقاومة الفلسطينية وحماس خشية أن تشكل ضربة 7 أكتوبر/تشرين الأول مقدمة لتحول استراتيجي ينهي إمكانية بناء التحالف المنشود. هذا الأمر يفسر التأييد والدعم الأمريكي – الأوروبي اللامحدود لإسرائيل في الحرب، بل تركت أمريكا لها حرية تحديد السقف الذي يمكن أن تصل إليه في عدوانها على غزة، دون أي اعتبار للأثمان الكارثية التي يدفعها الشعب الفلسطيني من حياته ومستقبله، وغضت النظر عن صورة الغرب القيمية والأخلاقية التي تآكلت مع اتخاذها موقفا متحيزا بالكامل للعدوان. فجاءت مجريات الحرب البرية مخيبة ومحبطة وصاعقة، بقدر ما فعلته عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول، لذا كان لا بد من تدحرج التأثيرات العكسية نحو سياسات أكثر اعتدالا في الساحة الأوروبية، وأقل تطرفا وتشددا من جهة الولايات المتحدة الأمريكية. وبدأ يظهر التحول في مواقفهم، من خلال التبدلات السريعة والغموض الذي يكتنف رؤيتهم، سواء للحرب، أو لما بعد الحرب، بالاستناد إلى التوقعات الواثقة للولايات المتحدة، بأن إسرائيل قادرة على تفكيك حماس وشل قوة المقاومة وهزيمتها بشكل كامل، وبناء عليه بدأ سيناريو رسم الخطط المتعلقة بمستقبل غزة الخالية من أي شكل من أشكال المقاومة، لكنها بعد مرور شهرين على الحرب البرية، وجدت نفسها مرغمة على التفكير بشكل مغاير. وإن كانت لم تصل إلى تصور نهائي واضح قابل للتحقق بشأن مستقبل غزة، وينطبق الأمر نفسه على إسرائيل، فإذا كان ما يدفع الولايات المتحدة إلى اتخاذ مواقفها المتحيزة تلك هي مصالحها الاستراتيجية، فإن هناك سببا إضافيا لدى إسرائيل يجرها إلى التصعيد العسكري نابعا من رغبة عميقة لا يمكن إشباعها إلا بالانتقام من غزة بمن فيها من بشر وشجر وحجر.
تحديات تنتظرنا
لا شك في أن الوطن يمر في هذه المرحلة التاريخية بتحديات غير مسبوقة وفي كل المجالات. يتواكب هذا وفق ما يرى جمال أسعد في “المشهد” مع فترة رئاسية ثالثة للرئيس السيسي.. نعم هناك تحديات ومواجهات خارجية تتمثل في التوترات والحروب التي تسيطر على حدودنا الجنوبية والغربية والشرقية إضافة لمشكلة سد النهضة، كما أن هناك مشاكل وقضايا داخلية لا تقتصر على المشكلة الاقتصادية وحسب، ولكن هناك تعقيدات وتداخلات في مجالات كثيرة أنتجت حالة من حالات الفوضى في الشارع المصري أهم وأخطر ما ظهر منها هو إسقاط القانون، وهنا يتساءل الجميع هل هناك تغيير حقيقي، وعلى أرضية علمية وسياسية، ما يجعلنا نضع أقدامنا على بداية الطريق الصحيح، على اعتبار أنها الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل؟ بداية أن أنظمة الحكم وبعد ظهور (العلوم السياسية) تقول والواقع يؤكد، أنه لا توجد نظريات سياسية أو اقتصادية بعينها يتم تطبيقها واستنساخها حرفيا، مثل ما تم تطبيقها في مكان آخر. فلكل نظام ظروفه ومعطياته وإمكاناته وقدراته الخاصة المرتبطة ليس بالزمان فقط، ولا المكان، بل مرتبطة بهوية وتاريخ وثقافة الشعب، إضافة لحتمية الجغرافيا وتأثير التاريخ، ولذا نجد أن الأنظمة تحاول التوافق مع المتغيرات الحتمية التي تحل على الأوطان، سواء تأثرا بالعالم المحيط بنا أو نتيجة لسياسات داخلية لم تتوافق مع الواقع، ولا تتصالح مع الاحتياجات. وقد ظهر هذا جليا بعد نكسة 1967، حيث تم تغيير السياسات ومنهج الحكم تغييرا يتوافق مع ما يواجهه الوطن. فلا يوجد نظام سياسي يعتمد على الرأي الواحد، بل الأوحد، فهذا كان يتوافق مع حكام وحكم في أزمنة لا علاقة لها بسياسة، أو علم، ولكن لها علاقة بالتوريث أو بالسيف، فينتهي الأمر بالتبجيل لا بالحوار، والاستبداد بالرأي الأوحد لا بالديمقراطية.
الحلول في إطار المتاح
نعم.. والكلام ما زال لجمال أسعد، لقد مررنا بمرحلة من الإرهاب والترهيب طالت الوطن والمواطن، فكان طبيعيا أن نؤجل السياسة والممارسة السياسية في أي أطار يسمى بالديمقراطي (الديمقراطية المتوافقة مع التركيبة المصرية). وكان التوافق المصري الذي تصدى لهذا الإرهاب، أما التحديات الحالية المحيطة بنا جميعا تتطلب التوافق الوطني، المرتكز والمعتمد على دولة مؤسسات حقيقية، تقوم فيها كل مؤسسة بدورها على أرضية سياسية وعلمية، تعي المشكلة وتوجد الحلول في إطار المتاح وبعيدا عن شعار (بناء على تكليف السيد الرئيس) ذلك الشعار الذي يتم استعماله واستغلاله للتقاعس عن أداء الأدوار المطلوبة وتغطية وتمرير الفساد والانحراف، الذي يجب أن نواجهه بكل صراحة وشفافية وصرامة. كما أنه من الطبيعي أن تقوم كل وزارة وكل مؤسسة بدورها المحدد دستوريا والمقنن قانونيا في الرصد والبحث ووضع الحلول، وذلك مساعدة لصاحب القرار لكي يتخذ القرار السليم، بناء على التخصص والخبرة، فيكون القرار مشمولا بالرؤية السياسية، التي هي مهمة أي رئيس. وعلى تلك الأرضية يكون تطبيق ما يسمى بالأولويات، فالأولويات تعني الدراسة والبحث واختيار ما يجب تنفيذه، حسب الاحتياجات الحتمية المرتبطة بالجانب الحياتي للمواطن، مع عدم إسقاط أو إغفال المشروعات الاستراتيجية التي تعطى عائدا تتوافق مدته الزمنية مع مجمل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية. نعم لا ننكر أن تكون هناك رؤية شخصية لصاحب القرار، وهذا طبيعي، ولكن بعد الاستماع والاطلاع على الرؤى المتخصصة في تلك القضية أو غيرها، كما أن رؤية ودور المؤسسات والوزارات يجب أن لا يفصل البتة عن تلك الرؤية السياسية المعتمدة في المقام الأول على الاستماع والنقاش والحوار الجماهيري، مع كل طبقات وفئات الشعب، فقضايا ومشاكل وتحقيق آمال الشعب، هي الهدف الأول لأي نظام حكم، فالشعب هو المعلم فلا دولة ولا نظام ولا حكم دون الشعب، ودون شرعيته الجماهيرية التي تدعم وتعزز شرعيته الدستورية والقانونية.
دون طائل
الحملات التي تقوم بها الأجهزة المختصة في وزارتي التنمية المحلية والإسكان وأجهزة الشرطة وغيرها يوميا في كل محافظات الجمهورية لإزالة الأبراج والشقق السكنية المخالفة، وإزالة تعديات البناء على الأراضي الزراعية وأيضا أملاك الدولة، اعتبرها محمود دياب في “الأهرام” تهدر ثروات مصر، التي تقدر بمليارات الجنيهات وخسارة للاقتصاد القومي وتذهب أدراج الرياح، حيث لا بد من التفكير عمليا ووضع مصلحة مصر وظروفها الاقتصادية الصعبة في التعامل مع هذه المخالفات، بحيث يجب أن تتم مصادرة هذه الأبراج والشقق المخالفة، طالما سليمة من ناحية الأسس المعمارية وشروط البناء؛ وذلك لصالح أملاك الدولة واستخدامها مقرات إدارية، سواء للشهر العقاري، أو أي مقر مصلحة حكومية أو بيعها بالمزاد العلني لصالح الخزانة العامة للدولة، ويتم هدم فقط العقارات أو الأبراج والشقق المخالفة التي فيها عيوب هندسية، ووجود خطر على الأرواح في حالة استخدامها، وذلك ينطبق أيضا على مخالفات البناء على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة. وفي الوقت نفسه إحالة المخالفين إلى محكمة عاجلة وإصدار أشد العقوبة عليهم، حتى لا تتكرر هذه الجريمة من أشخاص آخرين؛ لأنه من أمن العقاب أساء الأدب. ولا بد من محاسبة المسؤولين في المحليات كافة عن هذه المخالفات، التي بلا شك تمت خلال شهور وسنوات أمام أعينهم وغضوا أبصارهم عنها وتركوا هذه الأبراج المخالفة ترتفع وتعلو في السماء، وأيضا التعدي على الأراضي الزراعية وإهدار ثروات مصر الزراعية، وذلك نهارا جهارا، ويجب أن يقوم جهاز الكسب غير المشروع بفحص ممتلكاتهم وثرواتهم إن وجدت لهم، وثروات أقربائهم من الدرجة الأولى، لمعرفة إذا كان هناك تضخم في أموالهم لا يتناسب مع مصادر دخلهم الشرعية أم لا، وإحالة المخالفين منهم إلى محاكمة عاجلة وتغليظ العقوبة عليهم ومصادرة ممتلكاتهم؛ ليكونوا عبرة لغيرهم من الفاسدين، وهذه الإجراءات سوف تؤدي إلى انحسار هذه الجرائم بدرجة كبيرة.
ـ «القدس العربي»: