ثقافة وفنون

في ندوة ناقشت «المشّاء العظيم» لأحمد الفخراني… الرواية ليست الفن الأسمى

في ندوة ناقشت «المشّاء العظيم» لأحمد الفخراني… الرواية ليست الفن الأسمى

القاهره / محمد عبد الرحيم

بمناسبة صدور رواية «المشّاء العظيم» للروائي المصري أحمد الفخراني، أقيمت ندوة في مبنى (قنصلية) في القاهرة لمناقشة بعض من جوانب الرواية، أدارها مصطفى الطيب بحضور الناقد محمود عبد الشكور. يُذكر أن للفخراني أعمالا لافتة في الرواية، التي تضيف إلى رصيد الرواية المصرية، نذكر منها.. «بياصة الشوام» «إخضاع الكلب» «ماندورلا» و»بار ليالينا» التي وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية العام الفائت.

المكانة المزيفة

تعرّض الناقد محمود عبد الشكور إلى عدة جوانب في الرواية، بداية من كيفية طرح الأسئلة المؤرقة، دون البحث عن إجابات، وهي الطريقة التي ينتهجها الكاتب غالباً في أعماله. وفي «المشّاء العظيم» يقوم بتحليل فكرة ما هو الإبداع الروائي؟ وبالتالي مناقشة ما الذي تعنية (القيمة) في مقابل (المزيف) من خلال شخصيتين رئيسيتين، كاتب مشهور يعيش على كتابة كاتب آخر، مع ملاحظة أن هذا الشهير والمتحقق في عالم الأدب يحاول دوماً أن يصنع عملاً أصيلاً له قيمة، فشخصيته تحول دون ذلك، خاصة وأنه يعي تماماً أنه لا يستطيع القيام بشيء له قيمة، ومن هنا فعنوان (المشّاء العظيم) رغم كونه يتضمن فعلياً الفعل الفيزيقي (السير المتواصل) إلا أنه على المستوى الآخر (يسعى دائماً) لكتابة رواية ذات قيمة. مع ملاحظة أنه في الوقت نفسه وكمعادل آخر لحالته، فهو يُتاجر في المصنوعات والبضائع الصينية، وكلمة (صيني) الشائعة في مصر تدل على أي مُنتج مُقلّد وغير أصيل.

من الانتحال إلى الذكاء الاصطناعي

ويضيف عبد الشكور، أن فكرة الانتحال تتحقق على مستوى بنية الرواية، بداية من عناوين مثل.. (همس الجنون) و(المسخ) وكذا استحضار العديد من الروايات والشخوص والعوالم، كـ(جحيم دانتي) ورحلة (عوليس) على سبيل المثال، إضافة إلى خيال يقترب من (ألف ليلة). فالنص يستخدم الزيف لصناعة عمل أصيل، هذا الاستنساخ الدائم يصل في النهاية إلى فكرة الذكاء الاصطناعي، الذي يمضي بدوره في إنتاج أعمال أدبية، وفق أسلوب هذا الكاتب أو ذاك من كُتّاب الرواية العظام. من ناحية أخرى تدين الرواية (الفوضى) التي ستصل في النهاية إلى الذكاء الاصطناعي، حيث لا قارئ ولا ناقد، وبالتالي فكرة الإبداع نفسها ستنتهي.

الانتحال والإلهام

وبسؤال الكاتب عن الفارق بين الإلهام والانتحال.. يوضح أن المبدع لا يأتي بعمله من فراغ، أياً كان مجال الإبداع، فهناك فارق ما بين استنساخ النص أو استلهامه لخلق عمل جديد، فالكاتب نتاج العديد من أعمال أخرى، فالأمر يتوقف على وجهة النظر وكيفية المعالجة لهذا الموضوع أو ذاك.

السؤال المستمر

ويوضح الكاتب أن فكرة الحقيقي والمزيف تعد هي السؤال المستمر، الذي يتكرر في أعماله، وهو المُلِح دوماً، ليس من منطلق مثالي، لكن من خلال تجربة إنسانية، فهو سؤال مؤرق، والعديد من الكتاب لديهم مثل هذا (السؤال) الدائم، بحيث يبدو كتنويعات في أعمالهم، ليس من قبيل التكرار، لكن عبْر عدة معالجات من زوايا مختلفة للفكرة/السؤال نفسه، ومثال ذلك فكرة (العدل) التي عالجها نجيب محفوظ في العديد من أعماله، وتنويعاتها المختلفة من خلال شخصية (الفتوة).
وبالعودة إلى الفكرة.. فالمُنْتَحِل هنا أراد تحقيق مكانة اجتماعية من خلال كتابة الرواية، سعياً وراء وهم أن (الرواية) هي الفن الأسمى الآن، وهي مقولة مزيفة أنتجت بدورها مَن صدّقها وعاش من خلالها.
الإسقاط الثقافي والواقع

وبسؤال الكاتب عن محاولة الربط بين روايته وما حدث ويحدث في الوسط الثقافي، أي محاولة استنباط اسماء بعض الكُتّاب وأعمالهم المُنتَحَلة.. نفى الكاتب تماماً أن يكون مُنشغلا بها، فالأمر أعمق من الإشارة إلى هذا الكاتب أو ذاك، بخلاف أن فكرة الانتحال قديمة جداً. وهو ما أكده الناقد محمود عبد الشكور بأن هناك العديد من الكُتّاب فقط يقومون بترجمة عمل ما، ثم يضع الواحد منهم اسمه على العمل كمؤلف أصيل له، ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل يحصل من خلاله على جوائز، وبالتالي يحقق ـ كما أشار الفخراني في روايته ـ شهرة مزيفة. هذا التزييف بدوره ينعكس على الواقع الذي نعيشه اليوم، وكذا الأحداث الحالية.. فهناك مؤلف مزيف ينال شهرة شرعية من المجتمع الدولي (الاحتلال الصهيوني) يقابله مؤلف أصيل (الشعب الفلسطيني) يحاول أن يثبت وجوده!

 ـ «القدس العربي»:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب