السّيّاسيّون يُعلنونَ الحُروب و الشعوبُ تَنشُدُ السّلامَ..

السّيّاسيّون يُعلنونَ الحُروب و الشعوبُ تَنشُدُ السّلامَ..
الأستاذ الكاتب : علي او عمو.
المملكة المغربية.
جميع شعوب العالم تُريد السِّلْم و الأمْن و الاستقرار، و لا ترغَب في الحروب، ذلك أنّ نتائج الحروب تُؤَدّي ثمَنَها
الشعوب البريئَة، و غالباً تكون فاتورة الحرب باهِظة، هُناك تدميرٌ لحضارات بُلدان، و طمس لهويتها، بالإضافة إلى
ضحايا من قتلى و جرحى في صفوف الشُّعوب و بالآلاف بل بالملايين، تشريد للمواطنين الأبرياء من بيوتِهم المُدَمَّرة و
لُجُوئهم إلى مخيّمات داخل و خارج بلدانِهم و التي تفتقِر إلى أبسَط ظروف الحياة الأدميّة، و يُعانون فيها جميع أشكال
الويْلات، من جوع و عراء و مرض و تهميش و إذلالٍ و إقصاء… الخ.
السّيّاسيُّ هو الذي يُعلِنُ الحرب و الشعب هو الذي يُؤدِي ثمَنَ نتائجِها المأْسَاويّة، هذا السياسي الذي يعلِن الحرب لا
يستطيع وَضْع نهايَةٍ لها، مهما حاوَل..
لماذا لا يُفكِّر سياسيّو العالم في نشر السلام بدَل الحرب المُدمِّرة للبشر و الحجَر، فَعِوَض صرْف الملايير من الدولارات
على الأسلحة و مُختلف العتاد الحربيّ، يتِمّ صرْفُها في مُساعدة المُجتمعات الفقيرة و المُحتاجة من أجل السعيِ بها نحوَ
التقدُّم و الرُّقي و الازدهار سعياً وراء جعْل جميع بُلدان العالم بُلْداناً كُلّها نَماءٌ و تطوُّر في جميع ميادين الحياة و نشْر
مبادِئ الإخاء و التّعاوُن و التّآزُر بَدلَ نشْر الكراهيّة و الحِقد و البغْضاء . . لقد أمَرَنا الله تعالى بالأُخوّة و التّعاوُن و
التّآزُر فيما بيننا قصْد إنشاء مُجتمَع عالميّ واحد لا فرقَ فيه بين الناس تَسوده العدالة و الحقوق و الحريّات و العيش
الكريم. كُلُّنا من أبينا آدَم. يعني نحن إخوَة من أبٍ واحد و أمّ واحدة، فلماذا النزاعات و الخلافات بين الإخوَة؟.
قال الله تعالى في القرآن الكريم: "يا أيُّها الناس، إنّا خلقناكُم مِن ذَكَرٍ و أُنْثى و جعلْناكُم شُعوباً و قبائِلَ لِتَعارَفوا".
من واجِب الدول "العُظمى" في العالم أنْ تسعى إلى إيقاف الحروب المُدمِّرة للبشَر و تَجنَح إلى السلام في كلّ ربوع
الأرض حتى تعيش البشريّة جمْعاء في أمْنٍ و أَمانٍ و رَخاء و استقرار، كيْ تُكفِّر عن ذنْبِها و تُصلِح ما أفسَدَتْه عبْر
سياساتِها التي تسير عكس مصالح بني البشَر؟؟..
لقد دأَبَت بعض الدول الغربيّة، و على رأسِها الولايات المُتحدة الأمريكيّة على شنِّ حروبٍ طاحنة تأْتي على الأخضر و
اليابس، تُبادُ فيها الشّعوب و تُدَمَّر فيها البلدان، لا لِشيء سوى للسيطرة و التّحكُّم و بسْط النفوذ من أجل نهْبِ ثرواتِ
شُعوبٍ من أجل استفادة شعوبِها منها، كي تعيش عيْشةً كريمَةً و رفاهيَةً مُثْلى و حياةً رغيدةً آمِنةً مُطمَئِنَّةً، على حساب
شُعوبِ بُلدانٍ مغلوبَةٍ قد تمّت إبادتُها و القضاء عليها، و الأوطان التي تمَّ تخريبِها و تدميرُها، مُدَّعيَةً أنّها دولٌ
ديمقراطيّة عادلة، تحترم حقوق الإنسان و تُحاربُ الإرهاب في كلّ بقاع المَعمور، في حين أنّها لا تعرِف معنىً لا
للديمقراطيّة و لا لحقوق البشَر، و ليس في قاموسها أيّ مفهومٍ للأخلاق الإنسانيّة التي هي أساس و صميم التعايُش و
التّراحم و التعاطُف التي عرفَتها المُجتمعات البشريّة الضّاربة في عُمْق التاريخ و التي صنعت حضارات عظيمة مبنية
على الإخاء و التعاوُن و التلاحم بين عناصِرِها المُختلفة و المتنوِّعة في دينِها و لُغتها و ثقافتِها، أقوام عبارةٌ عن
فسيفساء مُتّحدة و مترابِطة و مُتراصّة فيما بينها، تعيش ضمن جماعةٍ كخلية النحل، مُتضامِنَةً مُتحابَّةً و مُوحَّدة الكلِمة
خاليَةً من النِّزاعات و القلاقِل و الفِتَن التي يغوص فيها اليوم عالمُ الحداثَة و العصرنة، عالمُ القرنِ الواحِد و العشرين،
الذي يتباهى بالتَّقدُّم العلميّ و التطوُّر التكنولوجيّ، الذي هو، في حقيقة الأمر، عالَمٌ مُتخلِّفٌ في فكره المُتدهوِر الذي
عشَّشَت في أحشائه كلّ أنواع الخُبث و الخساسَة و دَناءَة الأخلاق الإنسانيّة. عالمٌ يَحكُمُه "قانون الغاب"، القويّ فيه
يفتَرِس الضّعيف، عالمٌ خالٍ من أيّ إحساسّ أو شعور إنسانيّ يَتميّزُ به كمَخلوقٍ مُدرِكٍ لسببِ وُجوده في هذه الحياة،
إعمار الأرض و ليس تخريبها و الإفساد فيها.