إلى العالم كله: إلى متى ستترك مصير الفلسطينيين في يد إسرائيل؟

إلى العالم كله: إلى متى ستترك مصير الفلسطينيين في يد إسرائيل؟
جدعون ليفي
حان الآن وقت اختبار الولايات المتحدة، ثم المجتمع الدولي. فهل ستستمر دائرة العنف اللانهائية بين إسرائيل والفلسطينيين أم سيحاولون وضع نهاية لها؟ هل ستستمر الولايات المتحدة في تسليح إسرائيل، ثم تتباكى من استخدام إسرائيل للقوة الزائدة، أم أنها مستعدة للقيام بخطوات فعلية، للمرة الأولى في تاريخها، لتغيير الواقع؟ وفوق كل ذلك، هل سيصبح هجوم إسرائيل الوحشي على القطاع هو الهجوم الأقل جدوى؟ أم أن الفرصة التي سنحت في أعقابه لن تفوتها من أجل التغيير؟
لا جدوى من التوجه إلى إسرائيل، سواء إلى الحكومة الحالية أو الحكومة القادمة. فالحكومة الحالية والحكومة القادمة لن تملك أي نية أو شجاعة أو قدرة على إحداث التغيير. عندما يرد رئيس الحكومة على الاتصالات التي تجريها أمريكا من أجل إقامة الدولة الفلسطينية، ويقول بأنه “يعارض أي خطوات قسرية” و”سيتم التوصل إلى الاتفاق عن طريق المفاوضات”، نضحك ونبكي في الوقت نفسه؛ نضحك لأن نتنياهو فعل كل ما يستطيع لمنع إجراء مفاوضات لسنين طويلة، ونبكي لأن إسرائيل هي أكبر من يقوم بالخطوات القسرية –جوهر سياستها كله تجاه الفلسطينيين هو عملية قسرية كبيرة، أحادية الجانب، عنيفة، عدائية ومتغطرسة. فجأة، ها هي إسرائيل تعارض الخطوات القسرية؟ المفارقة تخجل.
من غير المعقول أن نتوقع بأن الحكومة الحالية ستغير حلفاءها، حتى من حكومة برئاسة غانتس أو آيزنكوت أو لبيد. لا أحد من هؤلاء يؤمن بوجود دولة فلسطينية متساوية في الحقوق والسيادة مع إسرائيل. لن يكون هناك أي حل حقيقي؛ لذلك من الأفضل ترك إسرائيل تتمرغ في الرفض. ولكن العالم لن يسمح بتفويت الفرصة. هذا هو العالم الذي يجب عليه بعد قليل إعادة إعمار قطاع غزة بأمواله، إلى حين التدمير القادم على يد إسرائيل. هذا هو العالم الذي سيتضعضع استقراره ما استمر الاحتلال. وهذا الاستقرار سيتضعضع أكثر ما دامت إسرائيل تنطلق نحو حرب أخرى. هذا هو العالم الذي يؤمن بأن الاحتلال أساس الشر، لكنه لم يحرك ساكناً لوضع نهاية له. الآن سنحت الفرصة. يجب استغلال ضعف إسرائيل وحاجتها عقب الحرب، أيضاً لصالحها. انتهى الكلام. يكفي لجولات بلينكن غير المجدية والشتائم القاسية لجو بايدن، فهي لن تؤدي إلى مكان. الرئيس الصهيوني الأخير، وربما الأخير الذي يعنيه ما يحدث في العالم، يجب عليه اتخاذ خطوات. يمكن كمقدمة أن نتعلم من أقوال المسؤول عن العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، الرائعة والبسيطة والواضحة: “إذا كنتم تعتقدون أن عدد القتلى في غزة تجاوز اللازم، فعليكم تزويد إسرائيل بسلاح أقل”.
لكن الموضوع الموجود على الأجندة ليس إنهاء الحرب فقط، بل ماذا سيحدث لاحقاً. لو تعلق الأمر بإسرائيل، في ظل أي حكومة، فسنعود إلى حضن الأبرتهايد الدافئ والعيش على حد السيف. لا يمكن للعالم أن يوافق على ذلك أو يترك الخيار بيد إسرائيل. فقد قالت كلمتها، “لا”.
لقد حان وقت دايتون. اتفاق مفروض وغير مكتمل في البوسنة والهرسك، الذي أنهى الحروب الأكثر وحشية مرة واحدة، وما زال صامداً منذ 29 سنة، خلافاً لجميع التوقعات. اتفاق كان مفروضاً.
لم يعد بالإمكان إقامة الدولة الفلسطينية بسبب مئات آلاف المستوطنين الذين دمروا هذا الخيار. لكن العالم المصمم على التوصل إلى حل، عليه وضع خيارات حادة أمام إسرائيل، إما فرض العقوبات أو إنهاء الاحتلال؛ إما الأراضي أو السلاح؛ إما المستوطنات أو التأييد الدولي؛ إما دولة ديمقراطية أو يهودية؛ الأبرتهايد أو نهاية الصهيونية. عندما يقف العالم بقوة ويطرح هذه الخيارات، فستضطر إسرائيل لاتخاذ قرار. حان الوقت لوضعها أمام قرار حياتها المصيري.
هآرتس 18/2/2024