
شطب “الأونروا”ومحاولة تصفية وإلغاء حق العودة
بقلم أحمد علوش
الأهمية القانونية والسياسية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” لا تنحصر بما تقدمه من خدمات للفلسطينيين في الشتات ممن أجبروا على النزوح عن أرضهم عام 1948 (النكبة الفلسطينية الكبرى) فوجودها يحمل معنى سياسياً وليس فقط أبعاداً إنسانية واجتماعية بما تقدمه لهم من خدمات تساهم ولو بتواضع في تخفيف الأعباء الاقتصادية لا سيما في المخيمات في لبنان وسوريا والأردن بالإضافة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، ولذلك فوجوداً “الأونروا” واستمرارها له مدلول سياسي والهجوم عليها ومحاولة الغاءها يصب في إطار محاولات تصفية القضية الفلسطينية ومن بينها حق العودة، ووقف الدعم عنها من قبل الولايات المتحدة الأميركية وغالبية الدول الغربية يأتي في هذا الإطار، وقد كان المفوض العام “للأونروا” فيليب لازاريني واضحاً في تشخيص هذه المسألة عندما قال “حكومة تل أبيب تعتقد أن القضاء على الوكالة يعني القضاء على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة”.
فهي ليست المرة الأولى التي تتحدث الولايات المتحدة الأميركية ومن معها عن الغاء حق العودة ومشاريع التوطين والتذويب قديمة، وقد نوقشت عدة مشاريع للتوطين واستيعاب أعداد منهم في الدول الغربية بدعوى اللجوء الإنساني، كما مورست الضغوط الكثيرة بهذا الاتجاه خاصة على لبنان حيث أن بعض المشاريع اقترحت استيعاب اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، من قبل عدة دول أوروبية بالإضافة إلى استراليا وكندا، كما أنها ليست بعيدة من مشاريع تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية التي يروج لها الكيان الاغتصابي وتتبناها ضمناً الولايات المتحدة تارة تحت عنوان الظروف القسرية وتارة أخرى تحت عنوان الهجرة الطوعية.
وفي قراءة سريعة نقول أن الحديث الجدي حول إلغاء حق العودة بدأ عالياً عام 1994 أي في أعقاب اتفاق أوسلو بدعوى أن هذا الاتفاق تضمن حلاً للقضية الفلسطينية وصار بالإمكان إلغاء حق العودة، كما أن إدارة ترامب أوقفت مساهمتها في تمويل الأونروا.
واعتبر الرئيس الأميركي في حينه أن قضية اللاجئين الفلسطينيين قد انتهت معتبراً أن اللاجئين هم من هجروا من أرضهم عام 1948، وهذا لا يشمل الأبناء والأحفاد وبالتالي لم يتبق منهم إلا القليل القليل، وفي نفس هذا السياق يجب أن ينظر للحرب التي تشن على المخيمات الفلسطينية في أكثر من موقع ومكان حيث تتواجد هذه المخيمات، فالعدو الصهيوني الذي يرتكب حرب إبادة في غزة يمارس سياسة مماثلة في الضفة الغربية بدأها بالتركيز على المخيمات بدءاً من مخيم جنين ونستطيع القول أن ما نعرض له مخيم عين الحلوة قبل عدة أشهر كان يمكن أن يتطور ليطال المخيمات الفلسطينية في كل لبنان هو في أحد جوانبه يصب عن قصد أو بدونه في هذا الاتجاه.
وإذا كان الرئيس الأميركي الحالي لم يفِ بكل وعوده الانتخابية للفلسطينيين، قد أعاد تمويل “الأونروا” إلا أن تغييراً جوهرياً في السياسة الأميركية، تجاه موضوع حق العودة لم يحدث إلا في اتجاه معاكس يشدد على السعي لتصفية هذا الملف وإغلاقه، دون أن يغيب عن بالنا أن هذه الدول لم تنتظر التحقيق، بمجرد زعم نتنياهو أن بعض موظفي الوكالة في غزة ساعدوا المقاومة الفلسطينية، دون أن تنتظر هذه الدول التحقيق، وهي المزاعم الذي ثبت عدم صحتها مع العلم أنه إذا ثبت العكس فإن بإمكان الوكالة أن تتخذ إجراءات مسلكية أو إدارية بحق موظفيها تبعاً لقوانينها مرعية الإجراء، ولو كان أي إجراء من هذا النوع يحرمهم أبسط حقوقهم كمواطنين، كما أن هذه الدول لم تحرك ساكناً تجاه مقتل أكثر من 150 موظفاً من الوكالة من قبل العدو الذي يشن حرب إبادة على غزة، بالإضافة إلى حرب إبادة شاملة دمرت كل مرافق الحياة الصحية والإنسانية وطالت المنظمات والهيئات الدولية الإنسانية والإغاثية والمرافق الصحية من مستشفيات وطواقم إسعاف ودفاع مدني.