مقالات

الحرب فى السودان: قراءة في المواقف الإقليمية والدولية بقلم:- محمد الأمين أبوزيد

بقلم:- محمد الأمين أبوزيد -الهدف السودانية -

الحرب فى السودان: قراءة في المواقف الإقليمية والدولية
بقلم:- محمد الأمين أبوزيد
فى الوقت الذي تقترب فيه الحرب في السودان من بلوغ العام، تتعثر وتبدو بعيدة المنال فرص الوصول لحلول لوقف الحرب، لأسباب متعددة أهمها غياب الإرادة السياسية لطرفيها والتأثير السياسي فى صناعة القرار بقوى داخلية وخارجية، الأمر الذي يجعل طرفيها غير قادرين على الإمساك بمقاليد اللحظة التاريخية التي تستوجب وقف الحرب والدمار بشكل فوري وعاجل دون أي شروط والانخراط في عملية سياسية ذات هدف مركزي هو عودة الإنتقال المدني الديمقراطي وبناء السلام المستدام.
يناقش هذا المقال مؤشرات
التدخل الدولي والإقليمي في حرب السودان التي تتعاظم يوما بعد الآخر بسبب عدم قدرة الفاعلين الوطنيين، وتضييع فرص الحلول دون الاستبصار لمآلات ضياع الوطن بمجمله.
يمكن مناقشة المؤشرات من خلال العناوين التالية:
-الموقف الإقليمي والدولي
بدأ الموقف الدولي والإقليمي من الحرب يتبلور في محور مبادرتي منبر جدة برعاية المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، ومنبر مبادرة الإيقاد التي تمثل البعد الأفريقي، ومبادرة دول الجوار برعاية مصر.
بعد التنسيق الذي تم بين منبر جدة ومنبر الإيقاد وتباطؤ مبادرة دول الجوار وانحباسها فى إطار مخرجات مؤتمر القاهرة في يوليو من العام المنصرم.
إن الموقف الإقليمي والدولي من الحرب يضع الطرفين المتقاتلين في كماشة القبول بالحل التفاوضي لاغيره والذى تحاول قيادة الجيش التنصل منه تحت دعاوي متعددة تندرج فى إطار المراوغة وكسب الوقت وطرح شروط تعجيزية وفي جانب آخر البحث عن ورقة ضغط مثلما حدث بمحاولة تطبيع العلاقات مع إيران بحثاً عن دعم لوجستي وتسليحي وهو أقصى ماتقدمه إيران فى علاقتها الدبلوماسية
لحلفائها.
إن الضغط الذي يمارسه الموقف الإقليمي والدولي الرافض للحرب والذي يكتسب بمرور الوقت وتنامي توازن الضعف لدى الطرفين فرض حلول تتمتع بشرعية دولية غير قابلة للتنصل منها أو المراوغة حيالها.
-الموقف الأمريكي والغربي
بدأ الموقف الأمريكي والغربي جزء أصيلا من منبر جدة وداعما له، ولكن سرعان ماعبر عن استقلالية بائنة من خلال عدة إجراءات أهمها العقوبات الاقتصادية التي فرضت على شركات الجيش والدعم السريع ومن ثم تبعتها العقوبات الفردية تجاه أمين الحركة الإسلامية ونائب قائد الدعم السريع واتبعتها بإجراءات قضائية وملاحقة بحق أحمد هرون القيادي بالمؤتمر الوطني وعبدالباسط حمزة ضابط جهاز الأمن ورجل الأعمال المتهم بإدارة استثمارات لصالح حماس.
إن الموقف الأمريكي من الحرب تحكمه الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة القائمة على منع تمدد الحرب فى السودان وتأثيراتها في القرن الإفريقي ومنطقة البحر الأحمر التي تشهد تنافسا مع روسيا والصين يمتد إلى العمق الأفريقي، ونفوذا إيرانيا في اليمن ذا تأثير على الملاحة وأمن البحر الأحمر.
وتخشى بتمدد الحرب أن يصبح السودان وكرا جديدا لداعش والحركات المتطرفة بعد هزيمتها فى سوريا، الأمر الذى يدعمه الخطاب الداخلي الذى تتبناه الحركة الإسلامية السودانية بمختلف منابرها.
يعمل الموقف الأمريكي على المصالح العملية الاستراتيجية التي لاتغفل دور السودان واستقراره وموارده وأهمية ذلك بالنسبة للاستراتيجية الأمريكية في المنطقة العربية وأفريقيا.
بالرغم من أن السياسة الأمريكية لم تكن حازمة تجاه الموقف من العسكر ودعم الانتقال الديمقراطي وقواه المدنية، فقد كانت ترغب فى نظام هجين ( عسكري-مدني) يضمن مصالحها بتوازن.
وهذا ماحفز العسكر على التشبث بالسلطة والانقلاب.
-الموقف الإفريقي
الموقف الإفريقي من الحرب يمثله موقف الاتحاد الإفريقي الذي رفض انقلاب أكتوبر 2021م وجمدت عضوية السودان في الاتحاد وامتد الموقف إلى رفض الحرب والدعوة لوقفها، ماحجم حكومة الانقلاب من اكتساب أي تأييد أفريقي أو فرصة للحركة برغم جولات قائد الجيش بعد خروجه من حصار القيادة التي انتهت إلى فشل ذريع تمخض في انسحاب السودان من الإيقاد وغيابه عن القمة الأفريقية، ماسيلقي بظلال سالبة ستكون لها نتائج على قضية الحرب على المستوى الدولي.
تركز الجهد الإفريقي في وقف الحرب على دور الإيقاد الذي تطابق مع منبر جدة برعاية السعودية وأمريكا وبدعم الدول الغربية ذات التأثير.
يخشى الاتحاد الإفريقي والإيقاد من تمدد شرر الحرب الدائرة في السودان إلى دول الجوار ومنطقة القرن الإفريقي، لاسيما أن هنالك أطماع لدى دول الجوار ستتحرك فى حال تفكك السودان وتقسيمه كأحد احتمالات الحرب.وهذا من شأنه إشعال صراعات إقليمية ودولية في أفريقيا عموماً.
-الموقف العربى والإسلامي
الموقف العربي الذي تمثله الجامعة العربية يعتبر موقفا معدوما بالكامل من الحرب الدائرة في السودان نسبة لضعف تأثير المنظمة العربية التي تمر بمرحلة الموت السريري من سنوات عديد واغترابها عن قضايا المنطقة وأهمها القضية الفلسطينية.
شكلت الجامعة غيابا تاما عن قضية الحرب في السودان منفردة أو متضامنة مع جهود أخرى مايقدح في أهميتها وجدارتها.
أما الدور الإسلامي الذي تجسده منظمة المؤتمر الإسلامي فقد ظل هو الآخر غائبا عن مجريات الحرب فى السودان.
إن دور المنظمتين الغائب عن الصراع السوداني يطرح عدم قدرتهما على التأثير في السياسة الدولية وجدارتهما على تمثيل مصالح شعوبهما.
يبدو أن الحرب في السودان ستعيد تشكيل خرائط عديدة داخليا على مستوى السودان وخارجيا على مستوى محيطه الإفريقي والإقليمي والدولي.
إن الحصار الدولي والإقليمي المفروض على طرفي الصراع في السودان لن يتيح مجالا كبيراً للمناورات والمرواغات على حساب وقف الحرب برغم من احتشاد خطاب الحرب المتزايد والبحث عن انتصار متوهم على ركام الدمار والدماء..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب