مقالات

في ذكرى “الوحدة العربية” مطلوب رؤية حديثة للعروبة بقلم زياد سامي عيتاني

بقلم زياد سامي عيتاني -المنبر الثقافي العربي والدولي

في ذكرى “الوحدة العربية”مطلوب رؤية حديثة للعروبة
زياد سامي عيتاني/لبنان الكبير
2024/2/22
في مثل هذا اليوم، قبل 65 عاماً، إستيقظ العرب على إعلان قيام أول وحدة عربية، جمعت آنذاك مصر وسوريا تحت لواء “الجمهورية العربية المتحدة” كنواة لوحدة عربية شاملة.
****
توهج حلم الوحدة في خمسينيات القرن الماضي، حين غزت الشعارات القومية الدول العربية، لتنحاز نخب وأنظمة تلك الفترة، للثورات ودعوات التوحد والإندماج.
فقد إتّسمت الحقبة الناصرية، والتي إستمرت نحو عقدين بدءاً بعام 1952 حتى 1970، بتوهّج مشاعر القومية العربية، والثورة ضد الإستعمار، وتطبيق مبادئ الإشتراكية، إضافة إلى توجّهات وطنية بتأميم الاقتصاد المصري، وتعزيز القوات المسلحة.
وتمخض عن ذلك، توقيع ميثاق الجمهورية العربية المتحدة في 22 شباط 1958، من قبل الرئيسين السوري شكري القوتلي والمصري جمال عبد الناصر.
وأُجري إستفتاء شعبي على الوحدة، جرى على إثره إنتخاب جمال عبد الناصر رئيساً، والقاهرة عاصمةً للجمهورية العربية المتحدة. ووضِع في 5 آذار 1958 دستور جديد مؤقّت للجمهورية الجديدة، كما أُسس إلى جانب الحكومة المركزية في القاهرة، مجلسان تنفيذيان إقليميان؛ وهما المجلس التنفيذي المصري، والمجلس التنفيذي السوري.
****
غير أن تلك الوحدة ولدت إنتهت بإنقلاب عسكري في دمشق يوم 28 أيلول 1961، أعلن فك إرتباطه بالقاهرة وقيام الجمهورية العربية السورية.
ورضخت القاهرة أمام إنقلاب دمشق، منعاً لسفك الدماء، وإحتفظت مصر باسم الجمهورية العربية المتحدة حتى عام 1971، عندما سميت باسمها الحالي “جمهورية مصر العربية” مع خلافة أنور السادات لعبد الناصر في الحكم…
****
ورغم أن تلك الوحدة لم يكتب لها الحياة سوى لثلاث سنوات فقط، ما يزال الحلم العربي حتى يومنا هذا، يراود الأجيال المتعاقبة، خصوصاً إزاء الصراعات العربية العربية، وقيام عدد من الأنظمة العربية بالتطبيع العلني والسري مع العدو الصعيوني الغاصب لأرض فلسطين…
تأتى هذه الذكرى المجيدة وسط تصدعات فى بلدان عربية تعاني من الإقتتال الداخلي، وتدخلات الخارج في شؤونها، ومع بروز الجماعات الظلامية والتكفيرية والشعوبية، قد يكون أول رد فعل مطلوب على تلك التحديات غير المسبوقة، التمسك بالهوية العربية فى مواجهة قوى إقليمية على التخوم تتربص بالعرب، وقوى دولية تحرض وتخطط وتتدخل في الشأن الداخلى لبلدان عربية، سعياً لإستحداث كيانات عرقية أو طائفية، على حساب دولها الوطنية…
****
أمام كل هذ التحديات التي تواجه الأمة العربية، يبقى الرهان على إنتاج ثقافة عربية جديدة، وتغيير الحقائق الاقتصادية والاجتماعية، نحو الأفضل على قاعدة معرفية تتيح فهم حركة التاريخ وإمكانية توظيفها إيجابياً.
ولعل ذلك، هو جوهر النضال الفكرى المطلوب من جانب المثقفين القوميين والمؤمنين بفكرة الأمة العربية الواحدة، وذلك للخروج برؤية حديثة لمعنى القومية ومفهوم الأمة، بعيداً عن الإطار العاطفي التقليدي،
تساعد الأمة العربية في مواجهة الواقع الراهن، المشحون بالتحديات الخطيرة والأحداث الجسام، فضلاً عن بناء ما يمكن وصفه “بثقافة حداثية قومية قادرة على الاستجابة لمتطلبات الواقع المعاصر”…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب